ماذا بقي من حركة الرابع عشر من آذار

ماذا بقي من 'حركة الرابع عشر من آذار'

المغرب اليوم -

ماذا بقي من حركة الرابع عشر من آذار

خيرالله خيرالله

بعد عشر سنوات على الرابع عشر من مارس، ما زال لبنان يقاوم، رغم أنه ممنوع عليه انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعلن التمسك بـ'إعلان بعبدا'.

بعد اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير 2005، انتفض لبنان في وجه الظلم، فكانت تظاهرة الرابع عشر من مارس التي أخرجت القوات السورية من لبنان بعد احتلال دام تسعة وعشرين عاما. رد مليون ونصف مليون لبناني، من كلّ الطوائف والمناطق والطبقات الاجتماعية، ضاقت بهم شوارع بيروت على تظاهرة “شكرا سوريا” التي نظمها “حزب الله” في الثامن من مارس. أراد الحزب من تظاهرته، على الأرجح، شكر النظام السوري على مشاركته، بطريقة أو بأخرى، في التخلص من رفيق الحريري وتغطيته للجريمة التي كان كثيرون يعتقدون أنّها ستكون مجرّد حدث عابر.

بعد عشر سنوات على الحدث التاريخي الذي بعث الأمل بإمكان عودة لبنان بلدا مستقلّا، هناك سؤال يطرح نفسه. هل بقي شيء من “حركة الرابع عشر من آذار” التي تنادي بالاستقلال والحرية والسيادة؟

كانت تظاهرة الرابع عشر من مارس 2005، الخطوة الأولى على طريق استعادة الوطن الصغير استقلاله. لم يصدّق كثيرون، على رأسهم النظام السوري، أن ردّ فعل اللبنانيين على اغتيال رفيق الحريري سيكون مختلفا. لم يصدّقوا أنّ دمّ رفيق الحريري سيُخرج القوات السورية والأجهزة التابعة لها من البلد.

وقتذاك، مباشرة بعد تفجير موكب رفيق الحريري، هناك من دعا إلى الإسراع بتغيير معالم مسرح الجريمة في بيروت. هناك إميل لحود، رئيس الجمهورية الذي دعا في جلسة مجلس الوزراء إلى إعادة فتح الطرق، بما في ذلك الطريق الذي اختير ليكون مكان تنفيذ الجريمة، “كي ينصرف الناس إلى أعمالهم”.

كان لحود، والذين يقفون خلفه، يتصرّفون وكأنّ رفيق الحريري قتل في حادث سير، وأنّ الجريمة ستمرّ مرور الكرام. كانت في ذهنهم الجرائم الأخرى، بدءا باغتيال كمال جنبلاط في العام 1977، ورئيسيْن للجمهورية هما بشير الجميل ورينيه معوّض والمفتي حسن خالد وعشرات الشخصيات الأخرى التي قالت لا للوصاية السورية وللسجن الكبير الذي أقامته هذه الوصاية.

في الذكرى العاشرة للحدث الأوّل من نوعه في تاريخ البلد، يبدو الكلام عن تراجع ما كلاما مبرّرا. ولكن ما لابدّ من الإشارة إليه، أنّ هناك من يقول هذا الكلام، من زاوية الحرص الشديد على الحركة الاستقلالية. وهناك من يقوله من باب الشماتة ليس إلا.
    
هناك من يشمت باللبنانيين الذين أجبروا القوات السورية على الانسحاب من بلدهم كي تحلّ مكان الوصاية السورية وصاية من نوع آخر. إنّها الوصاية الإيرانية التي سارعت إلى ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب السوري عن طريق ميليشيا مذهبية تمتلك جهازا أمنيا متطورا تسمّي نفسها “حزب الله”.

بين حرص الصادقين على “حركة الرابع عشر من آذار” والشامتين بها وبلبنان، يوجد فارق كبير. يعرف الحريصون على الحركة أنّ ما بدأ في الرابع عشر من مارس 2005 ليس سوى بداية. “لا ما خلصتْ الحكاية”، تقول إحدى أجمل الأغاني التي ملأت الأجواء في لبنان بعد استشهاد رفيق الحريري ورفاقه.

نعم، القصة لم تنته بعد. قصة اللبنانيين مع الذين يسعون إلى إعادة الوصاية ما زالت في بدايتها. الدليل على ذلك كل الجهود التي بُذلت من أجل إعادة التاريخ إلى الخلف.

انسحب السوريون من لبنان، لكنّ بقايا الأجهزة السورية سارعت إلى تنفيذ سلسلة من التفجيرات في المناطق المسيحية خصوصا. كان الهدف واضحا. كان مطلوبا إخافة المسيحيين وخلق فتنة طائفية رفض المسيحيون والمسلمون الانجرار إليها.

بدأت بعد ذلك موجة اغتيالات كان التركيز فيها على عدد من رموز المقاومة اللبنانية لثقافة الموت. اغتيل سمير قصير، ثم جورج حاوي، ثم جبران تويني ووليد عيدو وانطوان غانم وبيار أمين الجميّل. اغتيل أيضا كلّ من سعى إلى كشف الحقيقة، بدءا بوسام عيد وانتهاء بوسام الحسن. كانت الضريبة التي دفعها اللبنانيون كبيرة. كان عليهم تحمّل اغتيال محمّد شطح. كان عليهم قبل ذلك، تحمّل النتائج المترتبة على حرب صيف العام 2006 وحرب مخيّم نهر البارد في الشمال، ثم الاعتصام في وسط بيروت، ثم غزوة بيروت والجبل، ثم حكومة “حزب الله” برئاسة سنّي من طرابلس هو نجيب ميقاتي.

هذا غيض من فيض ما تحمّله اللبنانيون الذين عليهم العيش في شبه عزلة عن العرب بعدما قرّر “حزب الله”، بتغطية من حكومته السعيدة الذكر، منع العرب الخليجيين من المجيء إليه.

بعد عشر سنوات على الرابع عشر من مارس، ما زال لبنان يقاوم، رغم أنّه ممنوع عليه انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعلن التمسّك بـ“إعلان بعبدا” الذي كان وراءه رجل وطني هو الرئيس ميشال سليمان. هذا الإعلان يدعو إلى جعل لبنان في منأى عن الحريق الذي اندلع في الشرق الأوسط، والذي يصعب التكهّن بحجم الأضرار التي سيخلفها.

تبدو الصورة داكنة. ولكن بعد عشر سنوات على “ثورة الاستقلال” الثانية، لابد من التوقف عند ثلاث محطات تمثّل إلى حد كبير ما بقي من حدث الرابع عشر من مارس 2005.

المحطة الأولى هي إرث رفيق الحريري. الإرث باق، وذلك ليس بسبب وجود سعد رفيق الحريري الأمين على هذا الإرث فحسب، بل بسبب وجود أكثرية ساحقة من اللبنانيين لا ترى بديلا من مشروع البناء والإعمار الذي أسس له “أبو بهاء”.

المحطة الثانية هي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي كشفت المجرمين. ستكشف المحكمة، عاجلا أم آجلا، من خطّط للجريمة ومن نفّذها بالتفاصيل المملّة.

المحطة الثالثة هي الثورة السورية وهي ثورة مستمرّة مهما طال الزمن ومهما بذلت إيران من جهود مباشرة وعبر أدواتها لإنقاذ النظام الأقلّوي. فبغض النظر عن كل ما قيل ويقال عن التغيّرات التي طرأت على المشهد السوري في ضوء ظهور “داعش”، هناك نظام انتهى.

تبيّن في النهاية أن الصيغة اللبنانية ليست “هشّة” كما يردّد بشّار الأسد وغيره. مثلما قاوم لبنان الوصاية السورية، سيقاوم الوصاية الإيرانية. وضع البلد في نهاية المطاف ليس أسوأ من وضع غيره في المنطقة، بل هو في وضع أفضل بكثير من آخرين. وهذا عائد إلى الشعب اللبناني الذي يقاوم مدّعي “المقاومة” و“الممانعة” الذين أخذوا على عاتقهم نشر البؤس في البلد بغية إخضاعه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بقي من حركة الرابع عشر من آذار ماذا بقي من حركة الرابع عشر من آذار



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 23:39 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعليم ينبع يدشن فعاليات برنامج "رفق" لمواجهة العنف

GMT 08:51 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

اكتشفي مكونات طبيعية فعالة في تنظيف المنزل

GMT 01:36 2016 السبت ,13 شباط / فبراير

منافع الكاجو تشمل عالم الرجال والجنس

GMT 03:28 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

ردود أفعال الأطفال تجاه العنف الأسري

GMT 12:01 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

مناظر خلابة في قلب حضر موت تجذب السياح

GMT 20:27 2017 السبت ,18 آذار/ مارس

تنظيم معرض وطني لـ"مهني الصردي" في المغرب

GMT 12:24 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

"نوكيا" تحاول تسويق أجهزة "ويندوز 8"في أوروبا

GMT 23:29 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة لاعب "الكاك" والمنتخب المغربي سابقا مصطفى نقيلة

GMT 16:15 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

رضا حكم يقدّم استقالته من تدريب رجاء بني ملال
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya