تظاهرة فولكلورية للبنانيين نسوا القضية الأساسية

تظاهرة فولكلورية للبنانيين... نسوا القضية الأساسية

المغرب اليوم -

تظاهرة فولكلورية للبنانيين نسوا القضية الأساسية

خيرالله خيرالله

نزل اللبنانيون إلى الشارع. كانت تظاهرة ذات طابع فولكلوري لا أكثر، خصوصا لدى المطالبة بمحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق على إطلاق قوى الأمن النار في الهواء على متظاهرين أرادوا الاعتداء عليهم وعلى ممتلكات المواطنين.

نسي المتظاهرون قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي من فوائده التخلص من الحكومة الحالية المشكو من عدم فعاليتها، بما في ذلك في مجال التعاطي مع أزمة النفايات. كان كلّ متظاهر يغنّي على ليلاه في غياب القدرة على اتخاذ موقف موحد وواضح من القضية الأساسية المتمثلة في وجود قوّة خارجية تهيمن على الدولة اللبنانية وما بقي منها ومن مؤسساتها.

نسي المتظاهرون، وكان بينهم عدد كبير من ذوي النيات الحسنة، أن من يضع العراقيل في وجه انتخاب رئيس للجمهورية معروف. بل معروف أكثر من اللزوم. من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية هو حزب الله، ولا أحد آخر غير الحزب الذي ينفّذ أجندة إيرانية لا علاقة للبنان واللبنانيين بها، بل هم من ضحاياها.

ليس أصعب من إقناع لبنانيين بأن لا شيء يستحقّ التظاهر، أي النزول إلى الشارع البيروتي باستثناء التخلص من سلاح حزب الله. لا قضية في لبنان تستأهل التظاهر من أجلها سوى قضية التخلّص من سلاح حزب الله، وهو سلاح في تصرّف ميليشيا مذهبية تشكل لواء في الحرس الثوري الإيراني.

كل ما عدا ذلك تفاصيل، بما في ذلك أزمة النفايات، على الرغم من خطورتها، التي تحاصر اللبنانيين. هذه الأزمة ما كانت لتحصل لولا سلاح حزب الله الذي يمنع الدولة اللبنانية أن تكون دولة في خدمة جميع اللبنانيين. كان هناك مشروع واضح ومحدد لمعالجة مشكلة النفايات في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2010. المشروع موجود وهو حيّ يرزق. قرّر حزب الله وقتذاك، أي قرّرت إيران، التخلص من الحكومة اللبنانية والمجيء بحكومة خاصة بالحزب، لا هدف لها سوى إذلال السنّة والمسيحيين، على رأسها شخصية سنّية، هي نائب طرابلس السنّي نجيب ميقاتي.

كانت هناك حكومة شكّلها حزب الله. لم تستطع هذه الحكومة حلّ أي مشكلة. الأكيد أن نجيب ميقاتي، الذي استخدم لغة التهويل على اللبنانيين لتبرير قبوله المهمة التي أوكلت إليه، سيتذرع بأنّه حال دون انفجار الوضع في البلد. يقول إنّه رجل “شهم” أراد خدمة البلد وتأجيل المواجهة السنّية ـ الشيعية التي نشهد اليوم فصلا من فصولها.

لكنّ الأكيد أيضا أنّ نجيب ميقاتي لم يكن سوى أداة استخدمها حزب الله لتمرير مرحلة فوجئ خلالها باندلاع الثورة الشعبية في سوريا. اضطرته تلك الثورة إلى مراجعة حساباته. كان لا بدّ من تلك المراجعة بعدما اكتشفت إيران أنّ نظام بشّار الأسد الأقلوي ليس نظاما قابلا للحياة، وأنّ لا مستقبل له وأن عليها البحث عن بديل منه. البديل الإيراني واضح كلّ الوضوح. إنّه الدويلة العلوية على جزء من سوريا. هذه الدولة في حاجة إلى من يحمي ظهرها، أي إلى ممرّ يربطها بدويلة أخرى، هي دويلة حزب الله في لبنان.

يحبّ اللبنانيون إضاعة الوقت. لدى بعضهم حنين إلى السبعينات، أي إلى الشعارات التي أطلقت ضد الدولة اللبنانية التي كانت في حاجة، قبل كلّ شيء، إلى من يعينها على السلاح الفلسطيني الذي أغرق به حافظ الأسد لبنان، تمهيدا للسعي إلى وضع اليد عليه. وجّه قسم من اللبنانيين غضبهم على الدولة اللبنانية، من أجل تدميرها، بدل التركيز على السلاح الفلسطيني الذي عاد بالويل على اللبنانيين والفلسطينيين وقضيتهم العادلة في آن.

بعد ما يزيد على أربعة عقود، تستخدم الشعارات ذاتها ضدّ الدولة اللبنانية، فيما لم يتعلّم اللبنانيون شيئا من تجارب الماضي القريب. هذه المرّة حلّ الإيراني مكان النظام العلوي في سوريا. كلّ ما تبقى إضاعة للوقت. السلاح الفلسطيني والميليشيوي، بما في ذلك سلاح الميليشيات المسيحية، الذي كان في معظمه من سوريا، حلّ مكانه سلاح حزب الله. سلاح الحزب يقاتل الآن الشعب السوري في داخل سوريا مستندا إلى منطق مذهبي ولا شيء آخر غير ذلك.

هذا السلاح يمنع أيضا قيام دولة لبنانية تهتمّ بشؤون لبنان، بما في ذلك النفايات. هذا السلاح يفرض على اللبنانيين أسوأ نوع من الوزراء، بما في ذلك وزير للخارجية يدعى جبران باسيل همّه الأول والأخير إرضاء إيران. هناك وزير للخارجية اللبنانية، يجعل المرء يترحّم على فارس بويز وفوزي صلوخ وعلي الشامي وعدنان منصور…

لا يعرف الوزير باسيل شيئا يذكر عن الإقليم الذي يعيش فيه لبنان. لا يعرف شيئا خارج البترون الآتي منها والمرفوض من أهلها، ولا يعرف شيئا عن لبنان والطوائف اللبنانية ولا يعرف شيئا عن العالم العربي، خصوصا عن سوريا. لا يعرف خصوصا ما هي إيران ومدى الحساسية العربية، خصوصا السعودية والخليجية تجاه المشروع التوسّعي الإيراني القائم على إثارة الغرائز المذهبية واستغلالها إلى أبعد حدود.

الدولة اللبنانية ليست دولة نموذجية. على العكس من ذلك، هناك نواقص كثيرة لدى هذه الدولة. لكنّ محاكمة الدولة اللبنانية، بما في ذلك، على سبيل المثال الإتيان بمحمد المشنوق وزيرا للبيئة، أو حتّى وزيرا، لمجرد أنّه كان وفيّا لتمام سلام، ليس المسألة الأساسية. المسألة الأساس أنّ لبنان يعاني قبل أي شيء من وجود قوّة خارجية تتحكّم به. هناك، بكلّ صراحة، وصاية إيرانية حلّت مكان الوصاية السورية – الإيرانية وذلك منذ اضطر السوري إلى الانسحاب في السادس والعشرين من أبريل 2005 نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

هناك سبب واحد يمكن أن يدفع اللبنانيين إلى التظاهر والنزول إلى الشارع. هذا السبب هو سلاح حزب الله وما يرتكبه الحزب في حق لبنان واللبنانيين، وسوريا والسوريين. كلّ ما عدا ذلك مجرّد سقوط في الفخّ الإيراني وتجاهل كون إيران تستخدم حزب الله وأداته المسيحية المسماة ميشال عون من أجل منع انتخاب رئيس للجمهورية.

مرّة أخرى، المطلوب تفادي السقوط في الفخّ الإيراني في وقت يبدو ضروريا أن يتذكّر اللبنانيون أنّ مشكلة النفايات نتيجة مباشرة لإسقاط حكومة سعد الحريري بقوّة السلاح غير الشرعي الذي يمتلكه حزب الله والميليشيا المذهبية التي يمتلكها.

كلّ القضايا اللبنانية قابلة للحلّ. قضايا المياه والنفايات والكهرباء والأمن وما يدعيه أحدهم عن دفاع عن حقوق المسيحيين، قضايا قابلة للحلّ في أسرع مما يعتقد. الشرط الوحيد للوصول إلى حلول طرح الموضوع – القضية، أي ما العمل بسلاح حزب اللّه الذي ينهش الجسد اللبناني. هذا الموضوع ـ القضية هو الوحيد الذي يستأهل النزول إلى الشارع، بدل توفير غطاء للغوغاء والغوغائيين الذين لا همّ لهم سوى نشر البؤس، بدءا بالتدمير الممنهج لثقافة الحياة والرغبة في الانتماء إلى العالم المتحضر اللذين يعبرّ عنهما وسط بيروت الذي يظلّ إلى إشعار آخر القلب النابض للبنان المتصالح مع نفسه وللعيش المشترك ولقدرة الوطن الصغير على النهوض مجددا.

مرّة أخيرة، هناك لبنانيون صادقون نزلوا إلى الشارع، في تظاهرة ذات طابع فولكلوري، من أجل مطالب محقّة. يفترض بهؤلاء أن يتذكروا أمرا واحدا. هذا الأمر هو المبالغ التي صرفت على الكهرباء في وقت كان هناك إصرار سوري منذ تسعينات القرن الماضي، ثمّ إيراني في مرحلة الوصاية الجديدة، على تولي وزراء معينين ينتمون إلى جهة معينة حقيبة الموارد المائية والكهربائية.

ليس صدفة انتقال لبنان من فشل إلى آخر في مجال الكهرباء، في حين يفترض على كلّ من لديه بعض من ذاكرة استعادة أنّ رفيق الحريري أعاد الكهرباء في 1996 متجاوزا كلّ العراقيل، بما في ذلك الوزير الذي كان يصرّ أركان النظام السوري على أن يكون المسؤول عن الكهرباء، كي يتقاسموا العمولات معه… من أجل أن لا تعود الكهرباء يوما!

يمكن أن يحطّم لبنانيون وسط بيروت. يمكن أن يفعل هؤلاء الكثير من أجل تدمير البلد ومؤسساته، تماما كما فعل آباؤهم في سبعينات القرن الماضي. هذا لا يمنع التأكيد مجددا أن القضية الوحيدة التي تستحق التظاهر من أجلها هي قضية التخلص من سلاح حزب الله. هل من يعي ذلك… أم المطلوب مرّة أخرى جعل لبنان يدفع ثمن حروبه الداخلية وحروب الآخرين على أرضه، وهي حروب كلّفت أبناءه، خصوصا المسيحيين منهم، ثمنا غاليا، بل غاليا جدا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تظاهرة فولكلورية للبنانيين نسوا القضية الأساسية تظاهرة فولكلورية للبنانيين نسوا القضية الأساسية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya