هموم 2015

هموم 2015

المغرب اليوم -

هموم 2015

توفيق بوعشرين

ونحن نودع سنة ونستقبل أخرى، لا يمكن إلا أن نحلم بسنة أفضل من تلك التي مرت، وبمغرب أفضل من ذلك الذي كان، وبسياسة أحسن مما رأينا، وبمجتمع أكثر حيوية وتنظيما وعقلانية مما نعرف جميعا…

هموم كثيرة موضوعة على مكتب المغرب الرسمي والشعبي، تنتظر حلولا ذكية، وبرامج ناجعة، وتسويات مرضية ومعالجات مناسبة، وجرأة كبيرة خلال السنة المقبلة.

أول هذه الهموم هو الهم الديمقراطي، أي قانون سير السياسة والقرار وأجهزة الدولة. هل نريد أن نعمق مسار التحول الديمقراطي في البلاد، وأن نبني على ما تحقق من تقدم دستوري وسياسي وثقافي بعد 20 فبراير 2011، أم نريد أن نرجع بعقارب الساعة إلى الوراء، وأن نعيد إحياء نظام الاستبداد الناعم والفساد الخشن؟ السؤال يهم الجميع.. كل الأطراف مسؤولة بتفاوت عن رعاية التجربة الديمقراطية الفتية في البلاد، ليس هناك استقرار حقيقي بدون ديمقراطية، ولا أمان لأحد بدون توازن وبدون مشاركة واسعة، وبدون عجلة إصلاح تدور 24 ساعة على 24 ساعة. أمامنا اختبار حقيقي هو الانتخابات الجماعية لسنة 2015، إذا مرت أفضل من سابقاتها نكون قد تقدمنا إلى الأمام. إذا مرت في الأجواء التي نعرف، سيضع المواطنون أيديهم على قلوبهم، والانتخابات ليست قوانين وإجراءات وضمانات، قبل هذا شفافية الانتخابات قرار سياسي، والقرار قناعة ورؤية وحسابات دقيقة للمستقبل، في فرنسا يقولون:

‘‘la France n’avance que par des révolutions’’، أما في المغرب فإننا نقول إن المغرب لا يتقدم إلا بالتوافق، لكن هذا التوافق يجب أن يكون على الإصلاح لا على اللاإصلاح.. على سرعة الحركة لا على الجمود. هذا هو التحدي الأكبر في الـ12 شهرا المقبلة…

الهم الثاني هو النهوض بأحوال الفقراء، والاهتمام بالمحرومين، وإعادة النظر في طرق اقتسام الثروة. هناك اختلالات عميقة في الخارطة الاجتماعية للبلد، وهذه الاختلالات تزرع ألغاما متفجرة تحت أساسات المغرب.

في 15 سنة الأخيرة نبتت ثروة كبيرة في المغرب لم يستفد منها الفقراء، ولم تستفد منها ميزانية الدولة، بل ذهبت إلى الجيوب الكبيرة التي تعرف من أين تؤكل الكتف، وتعرف سراديب الريع والتهرب الضريبي، وأقصر الطرق للوصول إلى الدعم العمومي والإعفاءات الضريبية والامتيازات غير المشروعة، والفقراء ليسوا أرقاما ونسبا ومناطق بلا حركة ولا رد فعل.. الفقراء بشر من لحم ودم وأحلام وغضب وعنف. هؤلاء وإن صبروا، فلن يتركوا الآخرين يعيشون في جزر معزولة. هم الآن يدقون الباب.. غدا سيخلعونه ويدخلون بدون استئذان.

(على مكتبي ملف ثقيل ينتظر النشر لمجموعة صغيرة من موظفي شركة عقارية تابعة للدولة، عمدوا إلى الاستيلاء على أرض شاسعة تابعة للشركة اشتروها بـ3 ملايين درهم، فيما قيمتها الحقيقية وقت البيع أكثر من 20 مليون درهم، والأدهى أن المستفيدين هم أنفسهم أعضاء في لجنة التقييم والتفويت ‘‘خصم وحكم’’، ولهذا وقعوا عقدا للبيع مع الشركة المملوكة للدولة يعطيهم حق تسلم الأرض مقابل دفع 10 في المائة فقط من ثمن الأرض، أي 300 ألف درهم، والباقي لن يدفع إلا بعد انتهاء أشغال البناء، أي ‘‘الحبة والبارود من دار القايد’’. الآن بنوا فوقها فيلات فخمة، والأكثر خطورة أن وزيرا سابقا وقع على هذا القرار، والمفاجأة أن الموظفين الثمانية الكبار، الذين فوتوا لأنفسهم هذه الهمزة، بنوا 15 فيلا فوق بقعة الأرض هذه، بمعنى أن هناك أسماء أخرى غير معلن عنها هي التي سهلت عملية النصب على أملاك الدولة، وستقدم لها الفيلا هدية من الودادية التي لا تحمل من الود إلا الاسم)…

في المغرب، الفقير هو الذي لا أسنان ولا أظافر له.. الفقير هو الذي لا يعرف كيف يضغط على الدولة في الأماكن الحساسة ليأخذ حقه أو أكثر من حقه. القانون لا يحمي الفقراء، كما لا يحمي المغفلين، والقضاء مسكين غارق في مشاكله، وهو نفسه يحتاج إلى عملية تطهير كبرى حتى يسترجع نظافته وقوته وحيويته، والحكومة تقف شبه عاجزة عن مقاومة الفساد…

الهم الثالث الموضوع على جدول عمل المغرب السنة المقبلة وكل سنة هو إصلاح التعليم، وإنقاذ المدرسة العمومية من الانهيار. سئل رئيس الوزراء الياباني السابق عن سر التطور التكنولوجي في اليابان فقال: ‘‘لقد أعطينا المعلم راتب وزير، وحصانة دبلوماسي، واحترام إمبراطور’’. هذه الجملة تلخص كل الحكاية. لا تقدم لأي بلد بدون النهوض بالتعليم، المشكل أننا في بلاد استسلم فيها الجميع لمقولة أن التعليم في المملكة غير قابل للإصلاح، ولهذا يجب أن نتعايش مع الموت السريري للمدرسة العمومية. هذه عقدة كبيرة في المنشار المغربي، وهذا المنشار لن يتحرك إذا لم تحل هذه العقدة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هموم 2015 هموم 2015



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya