نحررها أولا

نحررها أولا

المغرب اليوم -

نحررها أولا

توفيق بوعشرين


سطا الرجال على تظاهرة النساء أمس بالرباط، وتسابق ذكور المعارضة إلى الصفوف الأولى ليلتقطوا الصور الأولى، وليظهروا في نشرات أخبار تلفزة سميرة سيطايل في الظهر والمساء… ثم رجعوا إلى بيوتهم من نزهة ربيعية، ثم ماذا بعد؟

هناك قضية نسائية في المغرب بلا شك، وهناك دور للرجل في هذه المعركة التي تهم المجتمع كله، وهناك تقصير من قبل هذه الحكومة وحكومات سابقة في النهوض بأوضاع المرأة، والتصدي للعنف والتحرش الجنسي والفقر والهشاشة والأمية والحكرة وعدم الإنصاف… وغيرها من المصائب التي تضرب حواء المغربية منذ قرون، لكن هذه قضايا كبيرة، وتتطلب حكمة وترويا وترفعا عن استغلالها سياسويا من قبل الأحزاب التي أفلس جلها ولم يعد في جعبتها إلا المزايدة بالشعارات…

هذه الحكومة لها عيوب كثيرة نكتب عنها كل يوم تقريبا، وآخرها مشروع مرسوم التعويضات الخيالية لرجال السلطة، الذي كان على وشك المرور من المجلس الحكومي، قبل أن يتراجع بنكيران عن توقيعه تحت ضغط الرأي العام، وتحت ضغط الصحافة و«الفايسبوك»، وليس خوفا من أحزاب المعارضة التي لم تفتح فمها حول الموضوع، ولم يجرؤ حزب منها على إصدار بيان واضح حول رفضه مشروع المرسوم الذي يضفي خاتما قانونيا على ريع غير مستحق، ببساطة لأن أغلب أحزاب المعارضة، كما الحكومة، لا تريد إغضاب سكان قصر اليوطي الذين سيشرفون على الانتخابات المقبلة، والذين يحتفظ معهم بعض رموز المعارضة بعلاقات طيبة للغاية…

نعم، حكومة بنكيران كان يمكن أن تفعل أكثر للمرأة في ظرف السنوات الثلاث الماضية، لكن ما تحقق إلى الآن يستحق التشجيع، مثل صرف دعم مالي مباشر للأرامل في وضعية هشة، وإعادة النظر في الشروط التي تسمح للمطلقات الفقيرات بالاستفادة أكثر من صندوق التكافل العائلي، وتعيين أول والية في تاريخ المغرب في عهد هذه الحكومة، وفتح وزارة العدل الباب لإمكانية توسيع إباحة الإجهاض في مشروع القانون الجنائي الجديد، والتقدم الحاصل في مشكلة النساء السلاليات، والدعوة إلى إعادة النظر في مدونة الأحوال الشخصية بعد عشر سنوات من التطبيق…

نعم، لم يصدر قانون المناصفة بعد، ولم يصدر قانون لمنع زواج القاصرات، ومازال أمامنا طريق طويل نحو القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لكن، في الوقت نفسه، نحن لسنا إزاء حكومة أصولية تسعى إلى وضع المرأة في البيت، وإذا خرجت فإلى القبر أو إلى بيت زوجها.. هذا غير صحيح، حزب العدالة والتنمية حزب محافظ، نعم، لكن محافظته تبدو أقل بكثير من محافظة قطاعات واسعة من المجتمع المغربي، خاصة وسط الشباب الصاعد، وهذا أمر يجب الانتباه إليه، وتشجيع الإسلاميين في المغرب على أن يساهموا هم أنفسهم في عصرنة المجتمع، وتغيير نظرته التقليدية جداً إلى المرأة، لأنهم يستطيعون أن يكونوا جزءا من حل هذه القضية، كما يستطيعون أن يكونوا جزءا من تعقيد المشكلة…

سيكون الإسلاميون جزءا من تكسير القيود الاجتماعية التي تكبل النساء، إذا ما شجعنا المبادرات التي يقومون بها في مجال إنصاف المرأة وتكريمها وتعليمها، وإشراكها في مناصب القرار، وإعطائها الإمكانات المادية التي تعطيها سلطة في مجتمعها. إذا نحن قلنا لهم إن هذه قضية وطنية مثل الصحراء لا مزايدة فيها، ولا ضرب تحت الحزام، ولا تجييش للمنظمات النسائية في معركة ليست معركتهن، وإن الجميع يجب أن يضع هذه القضية فوق صراعاته الحزبية وعداواته الشخصية.. عندما نصل إلى رفع الحيف المادي والرمزي عن المرأة، آنذاك ليبشر كل واحد بالنموذج الذي يراه لهذه المرأة في مجتمعنا.. لنخرج المرأة من سجن الظلم أولا، وبعدها نختلف عما تفعله هذه المرأة خارج أسوار الاعتقال.

وقد يتحول الإسلاميون، في الحكومة وخارجها، إلى جزء من المشكلة إزاء قضايا المرأة، إذا نحن أدخلنا قضية حساسة مثل هذه للمزايدات السياسية، وإلى سوق المماحكات الانتخابية، عندها سيحتمي الإسلاميون بتقليدانية المجتمع والدولة، ويركنون إلى تأويل منغلق للدين إزاء حقوق المرأة ومكاسبها، وسيعتبرون أنهم هم المستهدفون من وراء مشروع تحرير المرأة، كما وقع إبان خطة سعيد السعدي قبل 15 سنة، حيث عرقلوا هذه الخطة، وأنزلوا مئات الآلاف إلى الشوارع جلهم نساء، وبقية الحكاية تعرفونها.. مدونة متوافق عليها لكنها بالية تقليدية، على حساب صلاحيات حكومة التناوب، وعلى حساب مشروع تحديث القرار السياسي…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحررها أولا نحررها أولا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya