كم من حكومة توجد في المغرب

كم من حكومة توجد في المغرب؟

المغرب اليوم -

كم من حكومة توجد في المغرب

توفيق بوعشرين

في حكومة بنكيران ثلاث حكومات على الأقل؛ الأولى يقودها عبد الإله بنكيران ووزراء حزبه، والثانية يقودها وزير الداخلية محمد حصاد ومن معه، والثالثة كل مرة يقودها وزير حسب الظروف والأحوال.. مرة يقودها مزوار، ويعبر عن آراء دبلوماسية خاصة دون تشاور مع الحكومة ورئيسها، ومرة يقودها بلمختار ويتصرف في التعليم بما لا ينسجم مع البرنامج الحكومي وتوجهات رئيس الحكومة، ومرة يقود الحكومة الثالثة وزير الأوقاف الذي ينهج سياسة صوفية في الحقل الديني لا يسأله أحد عنها…

كل حكومة من هذه الحكومات تعزف لحنا مختلفا عن الأخرى، وهذا يصنع ضجيجا كبيرا في رؤوس المواطنين…

سأعطي أمثلة حية حتى لا أتهم بالتحريض على الفتنة والفرقة في البيت الحكومي المتصدع هذه الأيام…

يوم السبت الماضي، تدخل رجال الأمن بشكل عنيف جداً من أجل تفريق «ميني وقفة» نظمها حقوقيون مغاربة من أجل التعبير عن موقفهم الرافض للحرب السعودية على اليمن، فنال عبد الحميد أمين حصة فلقة معتبرة، وصفعه رجل أمن في عمر ابنه، أما المناضلة ربيعة البوزيدي فقد تعرضت للسحل والضرب والشتم، ولأن رجال الأمن لا يفرقون بين المواطنين، فإن حصة القمع فاضت حتى طالت المواطنين على جنبات شارع محمد الخامس، وكأن 30 مواطنا نزلوا يعبرون عن موقفهم من الحرب في اليمن سيزعزعون أسس النظام في المغرب

هذا هو موقف وزير الداخلية الذي يحمل عصا كبيرة ولا يستعمل غيرها مع الحقوقيين، أما موقف وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، فشيء آخر تماماً، فهو يصرف منحا للجمعيات الحقوقية من ميزانية وزارته لتشجيع ثقافة حقوق الإنسان، ويقول إن التظاهر السلمي في الشارع مشروع، وإن الوقفات لا تحتاج إلى ترخيص، وإن احترام الحريات من الخطوط الحمراء في هذه الحكومة… فمن نصدق.. آذاننا التي تسمع وزير العدل والحريات يتغنى بالحقوق، أم عيوننا التي ترى عصا الداخلية الغليظة تنزل على رؤوس المواطنين…

إليكم المثال الثاني، فاجعة طانطان التي ذهب ضحيتها 35 طفلا تفحموا في طرق الصحراء التي أصبحت طرقا مفخخة مليئة بالمتفجرات مثل طرق الرمادي والموصل في العراق. رئيس الحكومة يقول إن التحقيق يجب أن يذهب إلى نهايته وأن يكشف حقيقة ما جرى أمام المغاربة، ووزير الداخلية يصدر بلاغا قبل انتهاء التحقيق ويقول إن الشاحنة التي اصطدمت بالحافلة ليست تابعة لمهربي المحروقات في الصحراء، في تناغم غريب مع بيان الاتحاد الاشتراكي الذي برأ الرفيق بلفقيه قبل أن ينتهي التحقيق الذي تشرف عليه الداخلية والدرك ووزارة النقل والتجهيز، حتى إن الرباح جاء إلى البرلمان وقال إن الطريق بريئة من الحادث، أي أنه يقول للوزراء الآخرين: ابحثوا عن المجرم في مكان آخر…

إليكم المثل الثالث عن الفوضى غير الخلاقة المنتشرة في حكومة 39 وزيرا.. بلمختار وزير التعليم يتصرف في قطاع حساس وخطير خارج أي تنسيق حكومي، حتى إنه يفاجئ رئيسه بنكيران قبل غيره.. ولأنه وزير من خارج الحكومة، فإنه ينتظر استراتيجية عزيمان لإنزالها في الوزارة، وكأن المجلس الأعلى للتعليم أصبح حكومة مصغرة مكلفة بتدبير القطاع خارج صناديق الاقتراع وخارج سلطة البرلمان المنتخب…

أحزاب المعارضة، الهاربة من دورها الطبيعي والحيوي، مشغولة عن كل هذه الملفات بتعقب خطابات بنكيران وعفاريته، وهي ترى أن وظيفتها أن تقدم الشكاوى ضد رئيس الحكومة إلى الملك… وكيف تريدون للمعارضة أن تهتم بالملفات الحساسة وهي لم تستطع أن تنجح أول لجنة للتحقيق شكلها البرلمان في فيضانات كلميم، وخشيت فتح ملفاتها القديمة… لو علم المشرع الدستوري أن المغرب سيعرف معارضة مثل هذه لما أعطاها حق ترؤس لجان التحقيق…

على رئيس الحكومة أن يقف وقفة تأمل مع النفس ومع فريقه ومع الدولة، وأن يستغل التعديل الحكومي المرتقب لكي ينهي كل هذه الفوضى المنتشرة في حكومته، وأن يعيد الانسجام المفقود بين الوزراء السياسيين وشبه السياسيين والتقنوقراط وشبه التقنوقراط ومن هم خارج كل تصنيف. التجربة السياسية الحالية تجربة تأسيسية، ونجاحها، كما فشلها، سيؤثران على الحكومات المقبلة لأن قواعد اللعب ترسم الآن، فلنرسمها بطريقة صحيحة ومعقولة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم من حكومة توجد في المغرب كم من حكومة توجد في المغرب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya