فوضى البيت الخليجي

فوضى البيت الخليجي

المغرب اليوم -

فوضى البيت الخليجي

توفيق بو عشرين

البيت الخليجي يغلي من الداخل والخارج، والقمة التي ستعقد هذه الأيام في الدوحة أمامها جدول أعمال كبير وقضايا ساخنة، لكن لا توجد حلول سحرية على الطاولة. لا أحد من أبناء مجلس التعاون الخليجي لديه وهم بأن هذه المنظمة الإقليمية التي ولدت سنة 1981، والتي تضم السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وعمان، قادرة على حل خلافاتها أولا، وعلى التصدي للمخاطر الكبيرة المحيطة بها ثانيا.. هذه المخاطر بالترتيب هي:

- تنظيم داعش الذي يضم ما بين 40 و50 ألف مقاتل من 40 جنسية، ويسيطر الآن على ثلث مساحة العراق وسوريا، ويتمتع بشعبية كبيرة وسط السنة العراقيين والسوريين لأنه، في نظرهم، السلاح السني الفعال ضد العدو الشيعي الذي يتحرك بوقود طائفي ورعاية إيرانية. التنظيم يتمدد مستغلا الحاضنة السنية وفشل الدولة في العراق وسوريا. داعش صناعة مشتركة خليجية أمريكية سورية إيرانية، لكنه وحش خرج عن السيطرة، وأصبحت له حساباته الخاصة ومخططاته المستقلة، والآن ها هو يجبر الجميع على دفع ثمن أخطائهم…

- بعد داعش هناك إيران، الدولة الإقليمية الكبيرة التي تفاوض الأمريكي بأوراق نفوذها في المنطقة الخليجية والعربية، فهي تملك نفوذاً وتأثيرا كبيرين في العراق حيث تسود وتحكم، وفي سوريا حيث تقاتل في الميدان لكي لا يسقط حليفها الأسد، وفي لبنان حيث ترعى حزب الله رعاية كاملة جعلت منه مخلبا فارسيا فعالا، وفي اليمن حيث الحوثيون ولاؤهم لطهران وسلاحهم من طهران وأموالهم من الباسيج، أما في البحرين فإن ولاء المعارضة لطهران كبير، وحتى في فلسطين المحتلة نجحت إيران في استمالة بعض فصائلها وهي ترفع شعار تحرير القدس والقضاء على الشيطان الأصغر إسرائيل، وفي كل هذه المناطق تعتمد إيران على الشيعة، سواء كأغلبية أو كأقلية، المهم أنها تمولهم وتسلحهم وتخطط لهم، والغرض هو أن تجبر أمريكا على غض الطرف عن مشروعها النووي، وأن تدفع جيرانها إلى الاعتراف بها كقوة إقليمية يجب أن يجلسوا معها إلى الطاولة لاقتسام النفوذ، والكف عن تحريض أمريكا وإسرائيل ضدها، وإلى ذلك الحين ها هي طهران تحرك الطنجرة الإقليمية الحارقة من بعيد، فيما أهل الدار يكتوون بالحمم التي تتطاير كل يوم.

- الخطر الثالث الذي يهدد البيت الخليجي هو فشل ثلاث دول مجاورة لها والرابعة في الطريق. الدولة انهارت في العراق وفي سوريا وفي اليمن وتقريبا في لبنان، والدولة الفاشلة هي تلك الدولة التي تنهار فيها الأنظمة، وتضعف فيها السلطة المركزية، وتصبح كيانات هشة غير قادرة على مقاومة الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية، والقيام بالوظائف التقليدية للدول. فشل ثلاث دول في المنطقة معناه أن مساحات شاسعة أصبحت قابلة لزراعة الإرهاب وحصاد اللااستقرار، وهما إرهاب ولااستقرار متنقلان ومعديان ولا يعترفان بالحدود…

- الخطر الرابع هو تداعيات فشل الربيع العربي، والآثار المدمرة التي جلبتها، وستجلبها، الثورات المضادة في المنطقة، وخاصة في مصر. لقد استثمرت دول الخليج، بقيادة السعودية، في إفشال الثورة المصرية، وقامت بتمويل انقلاب السيسي كاملا، وهو الأمر الذي قضى تماماً على شرعية المؤسسة العسكرية.. أكبر جيش في المنطقة، وها هي مصر على أعتاب حرب أهلية مدمرة بعد أن قضت على أكبر حزب سني في العالم العربي، ونصبت له المشانق والسجون والمنافي في بلاد فيها 90 مليون مواطن، وبلا موارد كبيرة (التسريبات الأخيرة لمكالمات القيادات الأمنية والقضائية وهي تخطط لفبركة الملفات للرئيس مرسي مؤشر خطير على وجود انشقاقات في داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وإلا فإن لا أحد من خارج النظام يستطيع تسجيل وتسريب أسرار من هذا المستوى). الانقلاب في مصر نجح في عملية واحدة هي إزاحة رئيس منتخب، غير هذا لم يتقدم مترا واحدا نحو إرساء شرعية بديلة، أو تحقيق الاستقرار، أو إنعاش الاقتصاد. كل المؤشرات تقول اليوم إن نظام مبارك رجع، وإن مصر أمام احتمالين؛ إما العودة إلى مربع الثورة الأول، أو انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، لأن شباب الإخوان والجبهة السلفية لن يصبروا طويلا على كل هذا القمع والاستبداد، وأحكام الإعدام بالجملة من قضاء فاسد وتابع للسلطة..

ليست هذه هي المخاطر الوحيدة التي تجابه دولا غنية وهشة في الوقت نفسه، بل هناك الخلافات الداخلية القطرية-السعودية. لقد جرى تجميد الخلافات بين الدوحة والرياض وأبوظبي والمنامة حول ملف مصر والإخوان المسلمين وقناة الجزيرة، ولهذا يمكن أن تنفجر ألغام هذه الخلافات في أية لحظة، وهناك الخلافات العمانية-السعودية، حيث غضبت الرياض من استضافة مسقط للمفاوضات الأمريكية-الإيرانية دون علم القيادة السعودية التي تعارض أي تطبيع مع إيران خليجيا أو دوليا.

وسط كل هذه الفوضى المنظمة تلعب إسرائيل لعبتها: لا بد من إبقاء العرب ضعفاء يحارب بعضهم بعضا بلا استقرار ولا ديمقراطية ولا تنمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوضى البيت الخليجي فوضى البيت الخليجي



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya