عيد ميلاد بلا حلوى ولا شموع

عيد ميلاد بلا حلوى ولا شموع

المغرب اليوم -

عيد ميلاد بلا حلوى ولا شموع

توفيق بو عشرين

ما عاد الملك شابا، ولا عهده جديدا، ولا دستوره قديما، ولا حكومته تشبه الحكومات السابقة..

 الجالس على العرش أكمل عقده الخامس، ووضع الرجل الأولى في العقد السادس، ووريث الحسن الثاني أمضى 15 سنة في الحكم بحلوها ومرها. محمد السادس وضع دستورا جديدا لنظامه بعد أن اشتغل 12 سنة بدستور والده، ولم ير، لا هو ولا المحيطون به، أن دستور الحسن الثاني كان يجب أن يُدفن مع صاحبه لتتحرر البلاد. وحده الربيع العربي وشباب 20 فبراير من أقنع الملك بأن البلاد بحاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات، وأن الموجة الرابعة من التحول الديمقراطي تفرض على العروش التقليدية في العالم العربي أن تتكيف، وأن تقدم تنازلات كبيرة إن هي أرادت أن تخرج سالمة من العاصفة التي ضربت إلى الآن مبارك وبنعلي وصالح وبشار والقذافي...

محمد السادس يطفئ، يوم الخميس المقبل، شمعته الـ51، وحتى بدون احتفالات ولا حلوى ولا شموع حدادا على وفاة عمته، فإن نبرة محمد السادس النقدية في خطاب العرش الأخير كانت تقول إن ساكن القصر غير راضٍ مائة في المائة عن حصيلته، ولا هو راضٍ عن «النخب المولوية» المحيطة به، في القصر والحكومة والأحزاب والبرلمان والإعلام، حتى إنه قال كلاما في خطابه الأخير يفيد بأنه يشجع الناس على تقييم سياساته بموضوعية وجرأة ودون نفاق ولا تملق ولا تسويق كاذب للارتياح، وللمنجزات «المحمدية» كما يفعل «أكبر صباغ» في المملكة اليوم، فيصل العرايشي، إمبراطور التلفزيون الذي قتل روح الإعلام في التلفزات الرسمية...

كتب الشاب الاشتراكي، حسن طارق، في هذه الجريدة قبل أسابيع يقول: «إن دستور محمد السادس يحتاج إلى نخبة الحسن الثاني». جملة صغيرة تلخص الكثير من الكلام عن الورطة التي توجد فيها المملكة اليوم.. دستور متقدم وممارسات عتيقة. خطاب حداثي وسياسات تقليدانية. حكومة جديدة وعقليات قديمة. شعارات ديمقراطية تتعايش مع سياسات سلطوية في مشهد يحير غير العارفين بخبايا الخصوصية المغربية!

بلا شك محمد السادس يختلف عن والده الحسن الثاني في أمور عديدة، ليس أولها ولا آخرها أن الولد يشتغل اليوم لخدمة بلده أولا، ولا ينسى الحفاظ على عرشه وعلى السلطات التي تبقي يده طويلة في مملكة أجداده، في حين أن الحسن الثاني بالأمس كان يخدم سلطته وهيمنته أولا ثم أحوال بلاده ثانيا، وإذا تعارض الأمران فإن اختياره واضح.. المغرب هو العرش، والدولة هي الحسن الثاني، والمصلحة ما يراه السلطان لا غيره...

هذا تحول جوهري وقع في مغرب محمد السادس، حيث وضع الملك عرشه في سيارة، وتحول إلى وزير ووالٍ وعامل ورئيس مجلس بلدي ورئيس مؤسسة عمومية وصاحب جمعية خيرية وفاعل مدني واجتماعي واقتصادي. وكل هذا من أجل تدارك النقص الفظيع الذي وجد عليه المغرب عندما تسلم مفاتيحه سنة 1999. يقضي الملك السنة كلها يطوف في أرجاء مملكته يدشن مشروعا هنا، ويحضر افتتاح ورش هناك.. يمد المساعدات للفقراء هنا ويشهد انطلاق برنامج هناك. لا يتعب ولا يمل من الظهور كل يوم في نشرة الثامنة والنصف على التلفزيون، وأمله أن تتحرك عجلة المغرب الراكد منذ قرون، وأن تنبعث الروح في بلاد داء العطب فيها قديم... هذا هدف نبيل لكن البلاد لا يحركها فرد واحد مهما كانت قوته وإشعاعه.. البلاد بحاجة إلى مؤسسات فاعلة، ونخب جديدة نشيطة ومتحررة من الخوف، ومناخ يشجع على العمل والمبادرة والإبداع، وقانون يسري على الجميع، وقضاء يفصل بالعدل بين الناس ويزرع الثقة في النفوس... الملك في المغرب مثل نجم كرة قدم، فمهما كان موهوبا وبارعا فإنه يحتاج إلى فريق يلعب معه، وإلى خطة للفوز، وإلى قانون للعبة يحترمه الجميع، وإلى جمهور متحمس يشجع الفريق طوال الوقت ويثق فيه، والفريق بنجومه يحتاج إلى أن يسمع أصوات النقد من الصحافة ومن المحبين...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد ميلاد بلا حلوى ولا شموع عيد ميلاد بلا حلوى ولا شموع



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya