شباط يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا

شباط يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا

المغرب اليوم -

شباط يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا

توفيق بوعشرين

قرأت جل ما كتب عن ندوة السيد حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، في وكالة المغرب العربي للأنباء بداية هذا الأسبوع، فما وجدت فكرة ولا تحليلا ولا مقترحا ولا برنامجا بديلا أو نقدا عقلانيا للحكومة. كل ما قرأته يدخل في باب التهريج الانتخابي والشعبوية الفارغة من أي مضمون فكري أو سياسي، فالرجل يقسم أنه لن يترك حزبا آخر من غير حزب الاستقلال يضع رجله في فاس إلى يوم القيامة، ثم يعرج على الحكومة ويتهم الدولة العميقة بأنها من جمع لبنكيران الأغلبية، ولولاها لما وصل إلى رئاسة الحكومة، ثم عندما بحث عن نموذج خارج المغرب تتمتع فيه المعارضة بوضعية أفضل، لم يجد إلا موريتانيا التي رأى فيها شباط جنة سياسية للمعارضة. هل تريدون أكثر؟ راجعوا خطب شباط على يوتيوب وسترون ظاهرة شعبوية بامتياز…

شباط عامل بسيط، لم تساعده ظروفه العائلية على الجلوس في مقاعد الدراسة، ولا هو ساعد نفسه، بعد أن صار ميسورا، على التعلم وفهم حقائق العصر وأحوال الدنيا من حوله. تربى على السياسة في النقابة ومنها إلى المجالس المنتخبة، ومنها إلى قيادة الاتحاد العام للشغالين. ومن عمادة فاس وكرسي البرلمان وشبكة علاقات معقدة مع شركات العقار، وصل شباط إلى رئاسة حزب الاستقلال بعد معركة ضارية في باب العزيزية (المقر الرئيس لحزب الاستقلال في الرباط كما سماه شباط نفسه وليس أحدا سواه). أصبح «الاستقلال»، الحزب العريق المحافظ الذي اخترق من قبل أعيان الانتخابات وسماسرة السياسة، يعيش بوجهين: الأول وجه تاريخي كان فيه الحزب رمزا للوطنية المغربية ولمشروع الإصلاح من داخل «الإسلام والعروبة وتامغريبيت».. هذا الوجه لم يعد له أثر في الواقع، وأصبح مثل أصل تجاري لا يعبر عن الماركة الموجودة في السوق الآن. الوجه الثاني معاصر لا يختلف فيه حزب الاستقلال عن أحزاب الأعيان الذين يحملون قميص الحزب ويلعبون خارج قوانينه وتقاليده وأعرافه، لهذا تجد وسط حزب الاستقلال تناقضات بلا حصر.. تجد أبدوح مراكش وكريم غلاب وياسمينة بادو وامحمد بوستة -أطال الله عمره- وفوزي بنعلال الهرهورة، وقيوح أكادير، والدكتور الكيحل… وكل واحد من هؤلاء وراءه قصة وتجربة وبروفايل، لكنهم جميعا موجودون تحت خيمة واحدة اسمها حزب الاستقلال..

تحدثتُ أخيرا مع قيادي عضو في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن مآل حزب سيدي علال في نسخته الشباطية، فسألته: «هل أنت راضٍ عن الصورة التي يسوقها شباط عن حزب الاستقلال اليوم؟». أجاب بدون تردد: «لا»، ثم عاودت سؤاله: «إذن، لماذا تسكتون ولا تعبرون عن رأيكم صراحة، خاصة الأطر من بينكم؟»، فرد علي بصراحة طالبا عدم ذكر اسمه تلافيا للإحراج: «إذا عبرنا عن اختلافنا مع شباط سنضر الحزب الآن، خاصة ونحن على أبواب الانتخابات، لهذا نحاول بالتي هي أحسن أن نتحدث مع شباط لإصلاح ما يمكن إصلاحه في أسلوبه الشعبي والاستفزازي أحيانا، لكن لا تنس أنه منتخب ديمقراطيا من قاعدة الحزب، ولا تنس أن أسلوب شباط الذي لا يعجب المثقفين يلقى استحسانا لدى فئات أخرى من الشعب». قلت لصاحبنا: «إذن هي الشعبوية»، فقال: «نعم للأسف هذا هو الموجود الآن.عباس الفاسي أهلك الحزب، ومن أجل إعادة بنائه نحن مضطرون إلى غض الطرف عن انزلاقات شباط لأنه يجمع الناس، ثم لا تنس أن بنكيران هو أيضاً شعبوي كبير، والذين أيدوا شباط كانوا مدفوعين بفكرة خلق زعامة مقابل زعامة بنكيران». قلت له: «أنا لدي رأي آخر في بنكيران. أنا لا أظنه شعبويا، إذ إنه اتخذ قرارات كبيرة غير شعبية، ولو كان شعبويا يسعى إلى إرضاء الجماهير على حساب المصلحة العامة، لما راجع دعم المحروقات الذي كنتم تقولون عنه أنتم الليبراليون إنه ضريبة السلم الاجتماعي، وأنتم تعرفون، قبل غيركم، أن صندوق المقاصة كان يفيد الأغنياء أكثر من الفقراء». ثم عرجت على موضوع آخر وسألت القيادي الاستقلالي: «هل كنت موافقا على قرار الخروج من الحكومة؟». قال: «لا»، فقلت: «هل فعلا أخطأ شباط في الحساب عندما تصور أن الخريف العربي سيجرف بنكيران كما جرف مرسي في مصر؟ وهل قام شباط بقراءة خاطئة عندما خرج من الحكومة متوهما أنه يقدم خدمة للسلطة ويسهل عليها طي صفحة بنكيران؟». قال: «للأسف، ما تقوله صحيح. شباط أخطأ في قراءة الوضع، وخروجه من الحكومة كان خطأ. لقد كنا مؤثرين في الحكومة من خلال وزارة المالية ورئاسة مجلس النواب ووزارة التعليم وغيرها من المناصب، ووزراؤنا لم يكن لهم مشكل مع بنكيران كشخص»…

هذه خلاصة دردشة عابرة مع أحد قادة الاستقلال أوردت مختصراً عنها أظنه أمينا من أجل فهم أحوال حزب أراه يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا، والله أعلم بأحوال عباده…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شباط يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا شباط يدفن ماضيا ولا يبني مستقبلا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya