سيناريو أزرق لما بعد 2016

سيناريو أزرق لما بعد 2016

المغرب اليوم -

سيناريو أزرق لما بعد 2016

توفيق بوعشرين


هو موسم الهجرة الجماعية للأعيان نحو حزب التجمع الوطني للأحرار إذن، هذا ما يُستشف من اتجاه حسن الدرهم وسعيد شباعتو وعبد القادر تاتو وعبد الكبير برقية وأسماء الشعبي… وآخرين كثيرين نحو القبلة الزرقاء.. هذا أكثر من مجرد تفصيل في الحياة السياسية ويومياتها الانتخابية.

إن العين السياسية المدربة على قراءة تفاصيل المشهد السياسي، وتحولات الحقل الحزبي، وتخطيط الدولة العميقة لسيناريوهات المستقبل لا يمكن أن تخطئ خلفيات هذا الميل المفاجئ نحو الحمامة الزرقاء. لنتأمل أولا الوقائع ثم نرَ القراءات الممكنة لها من هنا إلى 2016، حيث ينتهي العمر الافتراضي لحكومة بنكيران وتبدأ مرحلة جديدة يتم التهييء لها من الآن.

أن يعلن الدرهم وشباعتو وحتى بلفقيه (الذي كاد يحط الرحال في خيمة الأحرار قادما من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ‘‘يا حسرة’’ لولا اعتراض عائلة الوزيرة بوعيدة لأسباب قبلية وانتخابية)، مضاف إليهم عشرات رؤساء الجماعات الذين غادروا الحركة الشعبية (تاتو وبرقية وعائلة فضلي إضافة إلى العشرات من رؤساء الجماعات والمجالس)… اتجاههم إلى الحزب الأزرق، كل هذا يؤشر على وجود قوة جذب معينة لهذه الكائنات الانتخابية نحو الأحرار، سواء كان الأمر تلقائيا أو بتخطيط مسبق، أو بحاسة هؤلاء الذين يستشعرون اتجاه الريح في المملكة فيتبعونها. هذا النزوح نحو الأحرار جزء من التحضيرات القبلية للرجوع إلى سيناريو 2011، ومحاولة القيام بعملية «دوباج» قوية لهذا النادي السياسي للأعيان من أجل دفعه إلى الفوز في الانتخابات الجماعية ثم التشريعية المقبلة، مع الاحتفاظ بحزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي المقبل، لأنه حزب مازال في بندقيته الكثير من الذخيرة، لأن إبعاد المصباح إلى المعارضة خطر على التوازنات الهشة في المغرب، لكن في الوقت نفسه فإن التدخل الخشن من أجل إضعافه في الانتخابات عن طريق الإدارة، كما وقع في 2009، خطر على استقرار المغرب والصورة التي يريد أن يسوقها النظام عن نفسه.

المؤشر الثاني هو الإعلان المسبق لحزب الأحرار تحالفه مع أحزاب الأغلبية للظفر بعمادات المدن الكبرى ورئاسة الجهات المهمة، مستغلا وجوده في الموقع الحكومي الذي يعطي الحزب إمكانات لا تتيحها المعارضة. لقد بقي ‘‘الأحرار’’ مترددا في إعلان هذا التحالف مخافة إغضاب حزب البام إلى آخر لحظة، حيث استوت الطبخة وجرى الحسم في إعداد وتجهيز الأحرار للعب الدور الأهم بإسناد باقي الأحزاب الأخرى، وخاصة بام إلياس العمري واستقلال شباط اللذين سيتكفلان بمناوشة العدالة والتنمية وإلهائه، وحتى إنهاكه، في حروب سياسية وإعلامية من هنا إلى موعد الانتخابات التشريعية بعد أن يجرب الجميع «البروفة» الأولى في الانتخابات الجماعية…

المؤشر الثالث على هذا السيناريو بدا واضحا في اجتماع صلاح الدين مزوار، يوم الخميس الماضي في حي كاليفورنيا الراقي بالبيضاء، مع أغنياء المدينة ورجال أعمالها، حيث تحدث مزوار كرئيس حزب مقبل على قيادة الحكومة المقبلة، وبعث رسائل الطمأنة إلى قشدة المجتمع التي أصبحت خائفة على نمط عيشها وعيش بناتها بعد أحداث الصاية ومثلي فاس، وهكذا طمأن مزوار من حضروا هذا التجمع الانتخابي الخاص إلى أن الحزب يمثل صِمَام أمان التوجه الليبرالي في المغرب، وأن الحزب له برنامج وأفكار لدعم الرأسمالية المغربية والقطاع الخاص الذي يعاني صعوبات كبيرة، مثل ما حدث ويحدث مع قطاع العقار.

لماذا يجري إعداد حزب الأحرار ليحل محل العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة؟ ألم يجرب هذا السيناريو وفشل في 2011 مع تحالف G8؟ ثم ما هي حظوظ هذا السيناريو في النجاح؟

الجواب عن السؤال الأول واضح؛ الدولة العميقة في المغرب أكلت حزب العدالة والتنمية لكنها لم تبلعه، دائما كانت تنظر إليه كشر لا بد منه le mal nécessaire، فبنية النظام بنية ذكية تستوعب خصومها لكنها لا تطبع معهم.. تتفاوض على الشكل لكنها لا تفرط في الجوهر، خاصة إذا كان هذا الخصم حزبا قويا ومعتدلا ويده نظيفة، وفوق هذا له حساسية دينية، حيث لا تريد الدولة أن ينافسها أحد على هذه الحساسية التي تشكل مصدرا ثريا للمشروعية. الجواب عن السؤال الثاني: «ألم يجرب هذا السيناريو وفشل في 2011 مع G8؟». هذا صحيح، لكن الظروف الآن تغيرت، والربيع العربي الذي حمل الإسلاميين على ظهره إلى الحكومة انتهى مفعوله، بل إنه تحول إلى خريف في جل الدول العربية، وأمريكا، التي كانت متحمسة لثورة الشباب العربي في الشوارع ولتشجيع الإسلام السياسي المعتدل للقضاء على المتطرف، رجعت وانقلبت على هذه الثورات، ودعمت جنرالا دمويا مثل السيسي قتل في ساحة رابعة العدوية أكثر من 3000 متظاهر سلمي، حسب تقرير هيومان رايتس ووتش. إذن، الوقت مناسب لطي صفحة «البي جي دي» لكن بكياسة وذكاء ودون خشونة، حتى لا ينهار النموذج المغربي الذي يسوقه المغرب في الخارج، ثم، وهذا هو الأهم، لا بد من الاحتفاظ بالعدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي المقبل لكن كحزب ثانٍ أو ثالث.
هل يمتلك هذا السيناريو حظوظا للنجاح؟ التكهن صعب في المغرب، لكن ظني أن هذا السيناريو له حظوظ معتبرة للنجاح بالشروط التالية: انخراط جل الأحزاب السياسية في سيناريو عزل «البي جي دي» بهذا الشكل أو ذاك. نزول نسبة المشاركة في 2016 إلى أقل من 50٪، وعدم اتخاذ الحزب الذي يقود الحكومة إجراءات فعالة لدفع الناخبين «المسيسين» إلى المشاركة بكثافة. توالي الضربات فوق الحزام وتحته ضد الحزب الذي يقود الحكومة من هنا إلى 2016. توظيف المال بقوة وفعالية لشراء الأصوات. تركيز نفوذ الأعيان في دوائر بعينها… إذا توفرت كل هذه العوامل، فإن السيناريو سينجح، والله أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناريو أزرق لما بعد 2016 سيناريو أزرق لما بعد 2016



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya