حرارة بوتفليقة مرتفعة هذه الأيام

حرارة بوتفليقة مرتفعة هذه الأيام

المغرب اليوم -

حرارة بوتفليقة مرتفعة هذه الأيام

توفيق بو عشرين

ارتفعت فجأة حرارة الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، هذه الأيام، وفقد إعلامه الرسمي أعصابه تماما. ادعى أن القصر الملكي يشحن الشعب «المروكي» للهجوم على الجزائر لاسترجاع الصحراء الشرقية، ومعها تيندوف وكلومب بشار وغيرها من الأراضي التي ابتلعتها الجزائر قبل أكثر من نصف قرن… لم يعد أحد يصدق الإعلام الرسمي الجزائري ولا أي إعلام عربي أو إفريقي يدار بالريموت كونترول عن بعد، لكن دعونا نفحص الأسباب التي تجعل جارنا المريض «مقلق»، وتجعل إعلامه الخشبي يشن حملات بلهاء على المغرب.
السبب الأول هو تظاهرة الأحد الحاشدة في الرباط، والتي أظهرت غضبا عفويا للشارع المغربي تجاه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. هذه التظاهرة أقلقت الجزائر ليس لأن حزب الاستقلال كان يحمل فيها لافتة تدعو إلى استرجاع مناطق شاسعة من الصحراء الشرقية، لا، أبدا. الجزائر تعرف أن هذا الملف شبه مغلق، وأن لا مصلحة للمغرب في إعادة فتحه. جنرالات الجزائر ورئيسهم منزعجون من خروج أمواج من المغاربة إلى الشارع للدفاع عن الصحراء، لأنهم كانوا دائما يعتقدون أن الصحراء ملف النظام وليس الشعب، ملف القصر وليس المواطن، ولهذا كانوا يحثون أصدقاءهم على الضغط على رأس السلطة في المغرب لكي تسلم بانفصال الصحراء التي لا تهم الإنسان المغربي في شيء.. أما وإن مئات الآلاف من المغاربة خرجوا إلى الشارع للدفاع عن الوحدة الترابية للبلد، فهذا معناه أن قضية الصحراء قضية بلد وأمة وشعب، وهذا أمر مقلق لمشاعر الانفصال في تيندوف، وضرب لإشاعة أن الصحراء قضية العلويين ولا علاقة لها بالشعب المغربي الشقيق، على عكس الوضع في الجزائر، حيث لا ترى الأغلبية الساحقة من الجزائريين أن دعم الجنرالات لجبهة عبد العزيز قضية وطنية، ولا حتى إنسانية. يعتبر هذا الموضوع في الجزائر لغزا خاصا بالمخابرات العسكرية لا يتدخل فيه أحد ولا يقترب منه أحد تقريبا.
السبب الثاني الذي يزعج بوتفليقة هو سفر محمد السادس إلى روسيا في هذا التوقيت الحساس. فالجزائر تعتبر نفسها الدولة الأحق بإقامة علاقات مميزة مع بوتين في المغرب العربي، لأنها تشتري منه مليارات من السلاح سنويا، وتحتفظ معه بذكريات أيام الاتحاد السوفياتي «المجيدة»، حيث كانت الجزائر «ثورية» تتبع للمعسكر الشرقي، وكان المغرب «رجعيا» يتبع للمعسكر الغربي.
روسيا بلد مهم اليوم على الخريطة الإقليمية والدولية، وهو عضو دائم في مجلس الأمن، وبلد مشاكس لأمريكا وأوروبا، ويريد العودة إلى المياه الدافئة للمنطقة العربية والمغاربية، لأنه فهم أن أوروبا نادٍ مقفل، وأمريكا قوة منسحبة من هذا الشرق الأوسط المعقد والمليء بالمشاكل، كما قال أوباما أخيرا لمجلة «أطلنتيك»، لهذا فمن مصلحة المغرب أن يوثق العلاقات مع روسيا، وأن يبحث معها عن قائمة جديدة من المصالح المشتركة في إفريقيا والعالم العربي، وهي إن لم تساعد في حل نزاع الصحراء فعلى الأقل لا تنحاز إلى طرف ضد آخر.
السبب الثالث الذي يزعج جنرالات الجزائر هو بعث محمد السادس وزير الداخلية، محمد حصاد، ومدير الأمن والمخابرات، عبد اللطيف الحموشي، إلى الكوديفوار لمساعدة الأصدقاء هناك على محاصرة الإرهاب وخلاياه التي ضربت بقوة أخيرا في بلاد الحسن وطرا. هذه البعثة ليست أمنية أو تقنية فقط، بل هي قبل ذلك سياسية، وتعني أن الرباط مهتمة بالأمن الإفريقي، ولديها خبرة في مكافحة الإرهاب القاعدي (من القاعدة) والداعشي (من داعش) يمكن أن يقتسمها مع الأشقاء الأفارقة، وأن تسهم بها في تطويق «الوحش الذي خرج من القمقم»، في حين أن الجزائر ليس لديها ما تقدمه في هذا المجال، فهي نفسها ضحية الإرهاب، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تتخذ من الجزائر مقرا لها منذ سنوات، حيث لم تفلح الأجهزة الأمنية الجزائرية في القضاء على هذا التنظيم، الذي بايع جزء منه البغدادي، وفتح لإمارته في العراق وسوريا «سفارة» في الجزائر
محاربة الإرهاب العابر للحدود صارت اليوم عملة صعبة مطلوبة دوليا في سوق الفوضى الدولي.. سوق الذي يدخله يجب أن يتوفر على خبرة وتجربة وموقع وأدوات، وبعدها لكل شيء ثمن، ولكل خدمة مقابل. اليوم المغرب مؤهل لأن يعزز موقعه في إفريقيا وفي العالم من باب مكافحة الإرهاب، وتسويق نموذج ناجح نسبيا في احتواء الاضطرابات الاجتماعية والمطالب الإصلاحية وتعلم المشي على سجادة الديمقراطية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرارة بوتفليقة مرتفعة هذه الأيام حرارة بوتفليقة مرتفعة هذه الأيام



GMT 09:24 2019 السبت ,20 إبريل / نيسان

هزائم «عاصمة التغيير»

GMT 10:17 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مبارك وبوتفليقة والخروج من الحكم

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya