المعارضة ليست مسابقة في من يصرخ أكثر

المعارضة ليست مسابقة في من يصرخ أكثر

المغرب اليوم -

المعارضة ليست مسابقة في من يصرخ أكثر

توفيق بو عشرين

وجهت المعارضة بكل ألوانها مدفعيتها الثقيلة إلى الحكومة ورئيسها بمناسبة مناقشة حصيلة نصف الولاية الحكومية
 وبقيت المعارضة وفية لمهمتها، وهي انتقاد الحكومة ووضع علامة صفر على كل أعمالها، محاولة إظهارها عارية من كل إنجاز أمام الرأي العام، سعيا منها إلى إقناع الناخب بالتوبة عن التصويت للحزب الذي يقود الحكومة مستقبلا، وهذا أمر طبيعي، ومن مقتضيات النظام الديمقراطي، لكن وكما سجلنا عدة انتقادات على حصيلة الحكومة ومنهجية اشتغالها وأسلوب بنكيران في إدارة الحكم، نسجل هنا أيضاً جملة من الملاحظات على خطاب المعارضة شكلا ومضمونا...
أولا: رؤساء المعارضة تصرفوا أمس وأول أمس في البرلمان كنقابيين وليس كسياسيين. النقابي يمارس معارضة مباشرة لرب العمل، ويضع أمامه حفنة من المطالب، ولا يهمه أن يطرح بدائل ولا مقترحات للخروج من الأزمة، ولا يهتم بفهم الظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية المحيطة بالمقاولة أو الإدارة أو الموازنة العامة أو الإكراهات الموضوعية... همه أن يسجل النقط على الطرف الآخر، وأن يخرج إلى العمال وقد رفع سقف المطالب إلى أعلى، وبعد ذلك يجلس للتفاوض، أما السياسي عندما يعارض الحكومة فإنه يفعل ذلك وهو يطرح بدائل للسياسة القائمة، ويقترح مخارج للأزمة غير تلك التي تدافع عنها الحكومة، ويخاطب جمهور الناخبين بطريقة عقلانية انطلاقا من فهم آخر للمشاكل، وتقديم حلول أخرى أفضل وأقل تكلفة وأكثر إبداعية، وهذا ما يصنع الفرق بين معارضة ومعارضة، وإلا فإن كل صراخ سيصبح معارضة، وكل ديماغوجية ستصير معارضة، وكل واحد يتجرأ على السب واللعن سيصير زعيما للمعارضة. نقد الحكومة نصف عمل المعارضة، النصف الآخر هو اقتراح البدائل، وإلا ففي الأخير سيقول الناخب إن كلام المعارضة جميل لكن ليس أمام الحكومة أبدع مما كان.
لنعط مثلا حيا على هذه الملاحظة.. رؤوس المعارضة كلهم انتقدوا الزيادات في أسعار المحروقات، ورفع الجزء الأكبر من الدعم عما يستهلكه المغاربة من محروقات في سياراتهم، وهو ما أضر بجيوب البعض. طيب، إذا كانت المعارضة تنتقد هذه الزيادة والحكومة ترى أنها جرأة كبيرة من عندها، فما هو الحل الذي تقترحه المعارضة لخفض ميزانية المقاصة التي أصبحت تأكل 54 مليار درهم من الميزانية كل سنة؟ وكيف السبيل إلى تخفيض عجز الموازنة الذي وصل إلى أكثر من 8 في المائة في 2012 غير الزيادة في المازوط وليسانس واستثناء غاز البوتان والدقيق من هذه الزيادات؟ لا أحد من أحزاب المعارضة اقترح حلا عمليا وواقعيا وفوريا غير ما طبقته الحكومة.
ثانيا: المعارضة رغم كل الشراسة الخطابية التي تتحدث بها، إلا أنها لا تذهب إلى عمق المشاكل، ولا إلى المعوقات السياسية والدستورية والمادية التي تكبل يد الحكومة، وتجعلها حكومة تتفاوض يوميا على صلاحياتها، كما أن بنكيران جاء إلى البرلمان ليقدم حصيلتين؛ واحدة للدولة والثانية للشعب (مع ملاحظة أن الأولى أكبر من الثانية)، أما المعارضة فجاءت إلى البرلمان لتقوم بمعارضة الحكومة وموالاة الحكم، ولتقول للدولة العميقة: «نحن نصبن أفضل، ومستعدون لأن نقدم تنازلات أكبر مما يقدمه بنكيران، وأن نمحو بأثر رجعي آثار الربيع الديمقراطي الذي أتى بالدستور الجديد وبالإسلاميين إلى الحكم»، وأعطي، مرة أخرى، مثلا عن الانتخابات التي كانت دائماً في المغرب من اختصاص المطبخ السياسي في وزارة الداخلية، عندما يأتي بنكيران ويقول إنه سيشرف سياسيا على الانتخابات، ويحذر رجال السلطة من خطورة تزوير الانتخابات وصناعة الخرائط السياسية، فيجب على المعارضة الجدية، وبعضها كان ضحية للتزوير وللانتخابات المخدومة كما كان يسميها الزعيم الاستقلالي امحمد بوستة.. على المعارضة أن تساند هذا المطلب لأنه يقوي الديمقراطية وشرعية الأحزاب، لا أن تعارض الحكومة وتقول لها: «إننا نفتخر بوضع يدنا في يد الدولة لأن المغرب بلاد ثورة الملك والشعب».
ثالثا: تعيب المعارضة رئيس الحكومة لاستعماله قدرا كبيرا من الشعبوية في خطابه، ثم تأتي وتزايد عليه بشعبوية أكبر وشعوذة سياسية غير مسبوقة في كل تاريخ المغرب. ما معنى أن يأتي السيد حميد شباط تحت قبة البرلمان ليقول لرئيس الحكومة: «عليك أن توضح للمغاربة علاقتك بداعش وجبهة النصرة والموساد الإسرائيلي!». أفضل تعليق على هذا الكلام هو الضحك الذي قابل به النواب هذا القول، لكنه ضحك كالبكاء لأن الرأس الأول للمعارضة (حزب الاستقلال) إذا كان يستعمل هذا الأسلوب في إحراج الحكومة، فما على بنكيران إلا أن يستريح، لأن هذا الأسلوب يقوي حكومته وحزبه ولا يضعفهما، ويدفع العقلاء إلى التساؤل: هل هذا هو بديل بنكيران غدا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعارضة ليست مسابقة في من يصرخ أكثر المعارضة ليست مسابقة في من يصرخ أكثر



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya