السيد اليوسفي لقد انتظرناك طويلا

السيد اليوسفي.. لقد انتظرناك طويلا

المغرب اليوم -

السيد اليوسفي لقد انتظرناك طويلا

توفيق بو عشرين


كسر السيد عبد الرحمان اليوسفي صومه عن الكلام في السياسة الأسبوع الماضي، وأدلى بحوار لصحيفة «العربي الجديد» الصادرة قبل سنة من لندن. وقال اليوسفي إنه كسر امتناعه عن الكلام في السياسة الذي دام 13 سنة إكراما للصحافي الذي حاوره، والجريدة التي رأى فيها مشروعا إعلاميا واعدا في سماء الصحافة العربية الملبدة بالكثير من الغيوم…

أهم ما لفت انتباهي في حوار السيد اليوسفي، وهو قامة سياسية كبيرة وذاكرة تاريخية زاخرة بالأحداث في المغرب المعاصر، هو رأي ومعلومة أدلى بهما في حوار رصين، حرص فيه اليوسفي على نحت كل كلمة جاءت فيه، وهذا طبيعي من شخص مثل اليوسفي منع نفسه من الكلام طيلة هذه المدة احتجاجا صامتا على الخروج عن المنهجية الديمقراطية سنة 2002، واحتجاجا على حزب لم يطاوع زعيمه، واختار أن يشارك في حكومة التقنوقراطي جطو، وأن يحمل أوزار تجربة فاشلة مازال الحزب يعانيها إلى الآن…

الرأي الذي لفت انتباهي هو حماس الشيخ اليوسفي (91 سنة) للربيع العربي حيث قال: «عشت أحداث الربيع العربي وأنا منفعل بأحداثه، وكأني أنتظره منذ زمن بعيد، وأنا الذي قضيت عمري في العمل السياسي، وجربت المعارضة والحكم، وعشت زمناً طويلاً في المنفى (15 سنة) وأنا محكومٌ بعد شهادتي في باريس في قضية المهدي بنبركة. لقد هزتني رياح الربيع العربي، ولكني لم أُفاجأ بها. كنت أخمّن دائماً أن الشعوب العربية ستصحو قريباً لتأخذ مصيرها بيدها».

طيب يا سيد اليوسفي، وأنت الذي عشت زمن الاستعمار والاستقلال في العالم العربي، وخبرت المعارضة والحكم، أو بعضه على الأقل.. ما رأيك في من يرى في الفتنة السورية والحرب الليبية والاضطراب التونسي والاقتتال اليمني دليلا على خريف «الربيع العربي» الذي لن يخرج منه إلا الدمار وداعش والإرهاب، وبقية المصائب التي عششت طويلا في البطن العربي المنتفخ بالاستبداد والفساد والديكتاتورية.. تفضل السيد اليوسفي أدلِ برأيك، وقد أصبحت متابعا شبه «مؤرخ»، وليس فاعلا ومنفعلا بالأحداث ورهاناتها؟ يقول اليوسفي: «أما بصدد مآلات الربيع العربي، فالوضع الراهن مؤلم، ولكن قد يكون هذا المسار ضرورياً، وأعني بذلك التجلّيات الدموية في سوريا واليمن وحتى ليبيا. وقراءة التاريخ على نحو عقلاني تخبرنا بأن النهايات لن تكون إلا إيجابية. وحين نستعيد تاريخ الثورات الكبرى التي غيّرت مصائر البشر، نجد أن المهمة لم تكن سهلة. لنأخذ مثال الثورة الفرنسية، التي انتكست مرات عدة قبل أن ينال المواطنون الفرنسيون حقوقهم الدستورية. ويقول لنا التاريخ إنه ما من ثورة ولدت جاهزة وتحوز الكمال المطلق منذ البداية، وحين يتعلق الأمر بتغيير أوضاع معقدة، وبعد حكم مديد للديكتاتوريات العسكرية، فإن المهمة ليست سهلة، وسيكون الثمن كبيراً، إلا أن التغيير سوف ينتهي إلى نتائج إيجابية». 

ما من ثورات ولدت جاهزة… شكرًا السيد اليوسفي على هذه الحكمة، وعلى هذا التذكير بدروس التاريخ لمن لم يقرأه أو لمن قرأه، لكنه لم يشف من داء تزوير التاريخ والتلاعب بالحقائق خدمة للاستبداد الذي صار له أتباع كثيرون هذه الأيام في كل مكان…

هذا عن الرأي، أما المعلومة التي لم يكن أحد يعرفها فهي استشارة الملك محمد السادس وزيره الأول السابق بخصوص تعيين حكومة عبد الإله بنكيران. يقول اليوسفي جوابا عن سؤال: هل استشارك الملك في شؤون البلد بعد تركك العمل الحكومي؟ ومتى كانت المرة الأخيرة؟

 يرد شيخ الاشتراكيين المغاربة: «نعم حصل الأمر، وقد كلفني (الملك) بمهمات خارجية عديدة في إطار ملف الصحراء، ولكن منذ قراري اعتزال العمل السياسي احترم رغبتي، وكانت المرة الأخيرة التي طلب رأيي فيها لدى تشكيل الحكومة الحالية التي يقودها عبد الإله بنكيران في سنة 2011».

طبعا اليوسفي لم يكشف لنا فحوى الرأي الذي قدمه للجالس على العرش يوم استشارته في تعيين زعيم المعارضة الإسلامية رئيساً للحكومة، لكن مع ذلك يقدم اليوسفي للمؤرخين والمتابعين والمحللين معلومة مهمة وهي أن دائرة الاستشارة الملكية اتسعت كثيرا في أعقاب أحداث الربيع المغربي، على خلاف المراحل السابقة، حيث ظلت دائرة صناعة القرار الاستراتيجي ضيقة ومنحصرة في مستشاري الملك، وخاصة زملاءه في فصل الدراسة بالمعهد المولوي، ثم إن إقدام الملك على طلب رأي رجل مخضرم في السياسة، ويجر وراءه تجربة كبيرة في النضال، يدل على حجم المخاض السياسي الذي كان في القصر، حتى إن هذا الأخير طلب رأي رجل خرج غاضبا من هذا القصر لأنه جرى الاستغناء عنه خارج قواعد اللعب الديمقراطي سنة 2002، وداخل هذا القوس يمكن أن نفهم العبارة الرومانسية التي قالها اليوسفي عن الربيع العربي: «وكأني انتظرته طويلا…».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيد اليوسفي لقد انتظرناك طويلا السيد اليوسفي لقد انتظرناك طويلا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya