السيد الضحاك أفتنا في أمرنا هذا

السيد الضحاك.. أفتنا في أمرنا هذا

المغرب اليوم -

السيد الضحاك أفتنا في أمرنا هذا

توفيق بو عشرين

«أنا رجل دولة، ولا أقبل اتهامي بدس ورقة في القانون المالي لتضليل رئيس الحكومة. أنا أرفض بث هذه السموم، لكني أشعر بعدم الراحة في هذه الحكومة، وأنا لا أستطيع الرد على مقال صحافي صدر في جريدة ‘‘أخبار اليوم’’. هذا مشروع مهيكل وكبير ولا يمكن أن نتلاعب فيه»… هكذا تحدث وزير الاقتصاد والمالية في حوار مع موقع 360 الذي يديره الزميل يوسف ججيلي.
لنبدأ بالجملة الأولى للسيد بوسعيد: «أنا رجل دولة». أولا، هذا ادعاء يحتاج إلى دليل، وكونك وزيرا لا يعني أنك صرت أوتوماتيكيا رجل دولة. هذه صفة الكبار في السياسة، وحتى الكبار لا يتبجحون بها ولا يضعونها لافتة فوق رؤوسهم، بل يتركون تقدير الأمر للآخرين. ولأننا نأخذ الناس بحسن نية في الغالب، فسأفترض أن السيد بوسعيد لا يعرف دلالات عبارة «رجل دولة»، لهذا يخلط بينها وبين الوزير الذي يوجد منه في المغرب المئات، وجلهم لا يتذكرهم أحد، لأنهم كانوا مجرد موظفين ينفذون التعليمات، ويمارسون مهنة التسلق طوال حياتهم، لهذا عندما يسقطون يُمحون من الذاكرة تماما إلا من رحم ربك، إذا كنت أنت رجل دولة، فماذا يقول عبد الرحمان اليوسفي وامحمد بوستة وعبد الهادي بوطالب ومزيان بلفقيه والجنرال دوغول وفرانسوا ميتران، وآخرون عن أنفسهم؟ «شوية» من التواضع مطلوب، السيد الوالي السابق.
«أنا لا أقبل اتهامي بدس ورقة في القانون المالي تخص صندوق تنمية العالم القروي. هذا اتهام خطير وبث للسموم من قبل من نشر هذا الكلام»… من حق السيد الوزير أن يرفض هذا الاتهام السياسي وليس الجنائي، لكني كنت أنتظر منه جوابا مقنعا يرتكز على الدستور والقانون، والمرسوم المحدد لاختصاصات كل وزير، ولم أسمع سؤالا من الزميلين اللذين استجوباه ولا جوابا من الوزير عن الاختصاص القانوني في الموضوع. طيب، رئيس الحكومة قال لك ولزميلك أخنوش إنكما لم تخبراه بأن التوقيع على صندوق تنمية العالم القروي سيخرج من بين يديه، وأنت وزميلك في الفلاحة تدعيان أنكما أخبرتما رئيسكما في الحكومة، إذن، أحد الطرفين يكذب، أو واحد منكم ذاكرته ضعيفة. ولأنكما وزيران تمثلان وزارتين، ولأن وبنكيران رئيس حكومة يمثل مؤسسة دستورية، ولأن التوقيع هنا على صندوق كبير ستحول إليه ميزانيات وزارات عدة، كان من المفروض أن توجد مراسلات بينكما حول قضية حساسة مثل هذه، وليس كلاما في الهواء. كنت أنتظر من السيد بوسعيد «رجل الدولة» أن يحمل معه إلى استوديو 360 صورا من المراسلات التي تبادلها هو وزميله أخنوش مع رئاسة الحكومة حول موضوع تعديل جوهري في القانون المالي يخص المادة 30، ويخص مشروعا ملكيا كبيرا يحتاج إلى أكثر من دردشات على سلم رئاسة الحكومة، أو كلام في الهاتف.. أليس كذلك يا «رجل الدولة»؟
السيد بوسعيد قال إنه يشعر بعدم الراحة في الحكومة بعدما اهتزت الثقة بينه وبين بنكيران، ونحن نسأله: ولماذا تشعر بعدم الراحة فوق الكرسي الوثير لوزارة المالية؟ إذا كنت قد التزمت بالقانون وبمقتضيات الثقة وبأخلاق رجال الدولة، كما تقول، إذا كان الأمر كذلك فيجب أن تكون مرتاحا جدا، «ويا جبل مايهزك مقال صحافي»!
الآن لنمر إلى جوهر الموضوع الذي لم يتحدث فيه بوسعيد ولا أخنوش، ولا انكشارية الإعلام الموجه الذي يلعب في الحديقة الخلفية لرجال المال والسلطة أدوارا مرسومة بعناية، وكل حسب «مواهبه». لنفترض أن رئيس الحكومة وافق على نقل صلاحياته في الأمر بالصرف إلى السيد أخنوش لصرف ميزانية أكثر من 10 وزارات ستضع حوالي 55 مليار درهم في هذا الصندوق على مدى ست سنوات للنهوض بالعالم القروي، ألا يفترض هذا وجود مرتكز قانوني لهذا التفويض؟ ألا يتطلب هذا تشكيل لجنة وزارية مختصة للمساهمة في إدارة هذا الصندوق الذي سيقوم بمد الطرق وبناء المدارس والمستشفيات والمساكن وتوصيل الماء والكهرباء وتوفير الأمن وحماية البيئة… ولماذا يعطى لوزير الفلاحة وحده وليس لوزير الثقافة مثلا؟ ولماذا تعطى وزارة الفلاحة إمكانية تفويض جزء من صلاحيات الصرف من هذا الصندوق إلى الولاة والعمال التابعين لوزارة الداخلية؟ كان الأولى أن يعطى الصندوق لوزارة الداخلية مباشرة. أما السؤال الأهم فهو: هل مرسوم الاختصاصات الذي يعطيه رئيس الحكومة لوزرائه قبل الشروع في عملهم مع بداية كل ولاية حكومية ينص على إعطاء السيد أخنوش صلاحية الأمر بالصرف في هذا الصندوق؟
الأزمة الموجودة الآن بين رئيس الحكومة ووزيري الفلاحة والمالية ليست أزمة سياسية، بل هي أزمة دستورية وقانونية، و«الحياحة» الذين يثيرون الغبار السياسي على هذه المسألة القانونية يعرفون هذه الحقيقة، وهم الآن يضغطون على البرلمان لكي لا يصحح هذا الخطأ، ويقدمون دفوعات متهافتة عن وجود صناديق أخرى في يد الوزارات مثلا، أو أن المشروع ملكي، أو أن هناك تعليمات عليا صدرت بإشراف أخنوش على هذا الصندوق… أولا، الصناديق الأخرى التي يسيرها الوزراء تتعلق بوزاراتهم ولا تشمل وزارات أخرى وميزانيات قطاعات أخرى، كما هو حال صندوق تنمية العالم القروي. ثانيا، كون المشروع ملكيا لا يعني أن أخنوش سينفذها خارج القانون ومبادئ وضع الميزانية. ثالثا، إذا كانت هناك تعليمات عليا لإعطاء أخنوش هذا الصندوق، فهذه التعليمات ستمر من مكتب رئيس الحكومة وليس من فوق رأسه. وفي كل الأحوال، هذا يفترض تهييئا قانونيا لهذا الأمر، أليس كذلك يا سيد إدريس الضحاك، رجل القانون في المجلس الحكومي؟ أفتنا في أمرنا يرحمك الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيد الضحاك أفتنا في أمرنا هذا السيد الضحاك أفتنا في أمرنا هذا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya