الجنازة كبيرة والميت فأر

الجنازة كبيرة والميت فأر

المغرب اليوم -

الجنازة كبيرة والميت فأر

توفيق بو عشرين


يردد المغاربة هذا المثل عندما يكونون إزاء ضجة مفتعلة، أو إزاء عاصفة في فنجان، أو إزاء مندبة لا تستحق بكاء ولا عويلا ولا حزنا، وكذلك أرى اليوم الانتخابات الجماعية المقبلة.. الأحزاب تخوض معارك كبيرة حولها على طراز «زنقة زنقة بيت بيت دار دار» التي وضعها الراحل القذافي كخطة حربية ضد شعبه، في حين أن الرهانات السياسية وراء هذه الانتخابات صغيرة للغاية، ولا تبرر كل الضجة القائمة حولها الآن…

هناك أحزاب تشحن الماكينات الانتخابية للأعيان وتعدها لاكتساح الأصوات، وهذه الماكينات لا تحتاج إلى برنامج ولا إلى خطاب ولا إلى وعود ولا حتى إلى المال القادم من المقر الرئيس للحزب. هذه الماكينات لديها شعبها الذي يصوت لها، وهي تعرفه وهو يعرفها، ويقيم معها علاقات زبونية وانتهازية طيلة السنة. جل الأحزاب تبحث عن هؤلاء الأعيان، والأعيان يبحثون عن شيء واحد فقط.. إشارة من الدولة إلى أن قواعد اللعب مازالت كما كانت في السابق، وأن لا شيء تغير، وأن مصالح الأعيان ستبقى محفوظة بعيدا عن القضاء أو الرقابة أو ربط المسؤولية بالمحاسبة… 

هناك من الأحزاب من لا يريد الانتخابات الجماعية في وقتها، لأنه يظن أن خصومه مازالت أسهمهم مرتفعة في السوق، وحبذا لو تتأجل الانتخابات سنة أخرى حتى تأتي الأيام بفرصة أفضل من هذه، وطبعا هذه الأحزاب لا تعبر عن مكنونات خططها علانية، بل هي تجتهد في تغليفها بعدة مبررات خاصة، مثل الأخطار الإرهابية التي تحيط بالبلاد، وكأن السياسة وإرادة الأمة ستسقط أمام الإرهاب الذي ستُعهد إليه صلاحية وضع الأجندة السياسية للبلاد! الديمقراطية هي أبلغ طريقة للرد على الإرهاب ومخاطره الحقيقية أو المحتملة…

هناك أحزاب تتطلع إلى الانتخابات الجماعية لكن بهدف واحد فقط، هو ضمان وضع الرجل الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة، باعتبار أن الربط بين الاثنين كبير، فرئيس الجماعة أو رئيس المجلس البلدي يتوفر على حظوظ كبيرة للفوز بالمقعد الانتخابي في مجلس النواب، ولهذا فان من يضع يده على الانتخابات الجماعية يكون قد وضع الرجل الأولى في مجلس نواب 2016، ومن ثم التوفر على حظوظ كبيرة لدخول الحكومة المقبلة…

في كل هذه الخطط والاستراتيجيات والحروب والصراعات، أين تدبير الشأن المحلي؟ أين برامج القرب؟ أين الماء والكهرباء والفضاءات الخضراء والتعمير والإسكان والنظافة والأمن والتجارة والسياحة والخدمات والمستشفيات والمدارس والإدارة القريبة من المواطن؟ لا تبحثوا عنها في برامج الأحزاب، ولا في أوراق الدعاية، ولا في خطب الزعماء السياسيين.. لا تضيعوا وقتكم، فلن تجدوا شيئا من هذا في برامج الأحزاب، إن كان لديها برامج. إذا كنتم تريدون أن تعرفوا خطط مدنكم فاتصلوا بالولاة والعمال، وشاهدوا نشرات المساء في القناة الأولى. الملك في كل شهر يضع مخططا للنهوض بمدينة معينة، آخرها كانت القنيطرة التي حظيت بميزانية تفوق ثمانية ملايير درهم من أجل إخراجها من الطابع القروي إلى الطابع المديني. ثمانية ملايير درهم لا يستطيع أي مسؤول جمعها في 100  سنة من أجل مدينة. وقبلها، وضع الملك مخططا للنهوض بالرباط، وآخر للبيضاء، وثالث لسلا، ورابع لتطوان، وخامس آت لمكناس، وهكذا أقفل القصر ملف النهوض بالمدن، حيث وضع الولاة والعمال خرائط الطريق للعشر سنوات المقبلة لكل مدينة. أما ممثلو السكان -المنتخبون يا حسرة- فإن دورهم يقتصر على حضور حفل التوقيع بالأحرف الأولى على هذه المخططات أمام الملك، وبعدها يشربون الشاي ويأكلون الحلوى، ويرجعون إلى بيوتهم وأعينهم على الانتخابات وعلى مزايا المواقع، وعلى لجان التعمير والرخص والصفقات العمومية. لا يهمهم أن الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمدنهم تحددت في غيبة عنهم، وأن الانتخابات ما عاد لها من وظيفة إلا اختيار فلان أو علان من أجل تطبيق البرنامج الملكي تحت وصاية وزارة الداخلية. أنا حائر، هل أؤيد هذا النمط من التدبير والحكامة لأن النخب المحلية معطوبة، وجلها لا يصلح لشيء، ومعها الأحزاب التي تراهن عليها، أم أنعى الديمقراطية المحلية، وأتساءل عن جدوى تنظيم الانتخابات الجماعية مادامت مخططات المدن قد وضعت، والميزانيات قد حددت، والاختيارات الكبرى قد حسمت؟ صدقا أنا حائر، وأنقل حيرتي إليكم عسانا نعيد التفكير في الشأن المحلي بطرق أخرى، وألا ننسى أن ثلثي المغاربة أصبحوا يعيشون في المدن التي لا تمتلك من المدن إلا الاسم…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنازة كبيرة والميت فأر الجنازة كبيرة والميت فأر



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya