الرباح قط يحب السمك ويكره الماء

الرباح قط يحب السمك ويكره الماء

المغرب اليوم -

الرباح قط يحب السمك ويكره الماء

بقلم : توفيق بو عشرين

عزيز الرباح مثل القطة يعجبها أكل السمك لكنها تخشى أن تبلل قوائمها بالماء، لهذا تجلس عند شط النهر تنتظر خروج السمك لوحده من الماء.. يوم الاثنين الماضي كتب خربشات معبرة على حائطه الفيسبوكي، ينتقد افتتاحية «سيناريو ما بعد السابع من أكتوبر»، ويلومني لأنني استشهدت بمحلل دون ذكر اسمه احتراما لرغبته، وقال وزير النقل والتجهيز ساخرا: «أول مرة أقرأ عن وجود محلل سري، والمغرب، والحمد لله، لا يعتقل فيه المحللون ولا الصحافيون، ولذا، لا داعي لأن يحلل أحد في الكواليس». إما أنك، السيد الوزير، لم تقرأ من قبل عن محلل يرفض الكشف عن اسمه، فهذا راجع، من جهة، إلى جهلك بتقاليد العمل الصحافي وقواعده، ومن جهة ثانية، إلى قلة الوقت الذي تخصصه للقراءة، حيث لم تصادف مصادر كثيرة في كل الصحف الكبيرة والصغيرة تدلي برأيها وتتحفظ على ذكر اسمها لاعتبارات عدة، أما حكاية أن لا أحد من الصحافيين يذهب إلى السجن في المغرب، فهذا كلام تكذبه أحكام القضاء التي تصدر كل يوم، ويكذّبه الواقع، حيث الصحافيون أحرار والصحافة معتقلة في زنزانة الخوف أو الطمع أو هما معا… أما وإنك اتهمتني، ضمنيا، بأنني وضعت كلامي في فم محلل سياسي مجهول، فهذا اتهام مردود عليك، وأنا لم أعتد الاختباء وراء أحد لتمرير أفكاري أو آرائي، كما تصنع أنت منذ أشهر، حيث تخصصت في الرد على الصحافيين والمؤرخين وكل صاحب رأي ينتقد السلطة، وكل هذا من أجل أخذ مسافة من رئيسك في الحكومة بعدما رأيت أنه أصبح في فم المدفع. انتقدت المعطي منجيب الذي قال إن بنكيران في المخيلة الشعبية يمثل الشعب، وفؤاد عالي الهمة يمثل قفاز السلطة، والواقع أنك لم تنتقد المؤرخ الذي أدلى برأي باحث في شؤون السياسة، بل إن نقدك كان موجها إلى بنكيران وأسلوب إدارته للتصدي لرموز التحكم، وكان الأولى بك أن تدلي بآرائك هذه في التصدي الناعم للتحكم، وحصر رموزه في قيادات الصف الثالث والرابع في الأمانة العامة للحزب، وألا تلتزم الصمت هناك، وتكثر من اللغو في الفضاء الأزرق. هذه سلوكيات صغيرة لا يقوم بها من يطمح إلى أن يصير زعيما لحزب كبير.
كنت أنتظر منك أن ترد على المحلل الذي قال: «سيصل البيجيدي هو الأول في السابع من أكتوبر، لكن بنكيران لن يجد حلفاء إلى جانبه لتشكيل الحكومة، وآنذاك سيُفهم القصر بنكيران أن الأحزاب التي رفضت التحالف معه لا تعترض على البي جي دي لكنها تعترض على شخص بنكيران، ولهذا قد يكلف الملك، بعد التشاور، عبد العزيز الرباح أو سعد الدين العثماني بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وعندها قد يدخل البام إلى التحالف الحكومي الجديد بقيادة العدالة والتنمية، وبذلك يتم التخلص من بنكيران، ويتم الاحتفاظ بالمصباح في الحكومة، ويتم استخراج شهادة ميلاد شرعية للبام…». كنت أتوقع أن تكتب ما يلي دفعا لكل لبس وإغلاقا لكل باب تدخل منه الريح: «مرشحنا الوحيد لرئاسة الحكومة هو زعيم الحزب عبد الإله بنكيران الذي مددت مؤسسات الحزب عمر ولايته، وقدمته للمغاربة ليقود معركة من أشد المعارك السياسية التي سيشهدها البلد، وإذا فاز الحزب بالمرتبة الأولى في التشريعيات المقبلة، فهذا معناه أن الناخب جدد الثقة في الحزب وفي قائده عبد الإله بنكيران، ولا يعقل أن نعطي قيادة الحكومة لغير القائد الذي خرج منتصرا في المعركة، وإن الملك احترم دائما استقلالية الأحزاب ولم يقترب من بيتها الداخلي»، لكنك، السيد الرباح، لم تقل هذا الكلام، بل كتبت مسلما برأي المحلل الذي تظاهرت بمعارضته، وأصبحت المشكلة عندك هي طريقة استخراج قرار التحالف مع البام من مؤسسات الحزب، بما يعني أنك سلمت باستبعاد بنكيران رغم فوزه في الانتخابات، وسلمت بالتدخل في شؤون الحزب، وبقي فقط تفصيل صغير يشغل عقلك المصلحي، وهو كيف يتخذ قرار التحالف مع البام. ولأنك ديمقراطي «سكر زيادة»، كتبت: «بوعشرين يعرف جيدا أن كل القرارات الكبرى، كالمشاركة في الحكومة أو المعارضة أو التحالفات، لا يتخذها شخص أو أشخاص، بل تتخذها المؤسسات داخل الحزب وفق مساطر وقوانين الحزب الداخلية. هل يعقل أن يغير الحزب، هكذا ببساطة، تحالفاته ومواقفه الأساسية من البام بمجرد تغيير الأمين العام أو اختيار قيادي آخر لرئاسة الحكومة؟».
اختيار قيادي آخر لرئاسة الحكومة… هذا هو مفتاح السيناريو كله، السيد الوزير، وها أنت توافق المحلل السري عليه، بقي فقط التفاوض على إدخال البام من عدمه. ولأن السياسة ليست فيها هدايا مجانية، فماذا سيدفع هذا القيادي المرشح لرئاسة الحكومة، غير الأمين العام للحزب، من ثمن مقابل اختياره هو بالضبط وليس شخصا آخر؟
أن يكون للرباح طموح في رئاسة الحكومة فهذا ليس عيبا بحد ذاته، وأن تكون له رغبة في قيادة الحزب مستقبلا هذا أيضا لا عيب فيه، لكن عليه السعي إلى القيادة في واضحة النهار وبشفافية مع القواعد، ودون الاستعانة برموز السلطة الذين يريدون خلق الحمائم والصقور في الحزب سعيا إلى إضعافه عبر تقسيمه، كما وقع مع الأحزاب الوطنية التي عانت هذا الفيروس الخطير. بنكيران، مثل كل السياسيين، فيه عيوب كثيرة، لكن رأسه مطلوب اليوم ليس لعيوبه بل لمزاياه، وليس لسيئاته بل لحسناته، لصراحته في الحديث، لجرأته في الوقوف ضد حزب الدولة، لبطنه الذي ظل فارغا طيلة خمس سنوات، ولشعبيته التي اتسعت فوق ما تحتمله أعصاب السلطوية التي لا تريد شريكا في الحكم… اتركوا الكلمة الأولى والأخيرة للشعب، والذي يريد اصطياد السمك، عليه أن يبلل نفسه وأن يتحمل مسؤوليته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرباح قط يحب السمك ويكره الماء الرباح قط يحب السمك ويكره الماء



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya