ماذا وراء هروب العثماني من الكلام

ماذا وراء هروب العثماني من الكلام؟

المغرب اليوم -

ماذا وراء هروب العثماني من الكلام

بقلم - توفيق بو عشرين

نجح العثماني في تشكيل حكومة من ستة أحزاب في ثلاثة أسابيع، لكنه فشل في ترميمها منذ ثلاثة أشهر، حيث عجز إلى الآن عن تعويض أربعة وزراء في حكومته خرجوا بفعل ما سمي الزلزال السياسي، أحد هؤلاء الوزراء مطلوب على وجه الاستعجال، وهو وزير التعليم، حيث يوجد على طاولة الحكومة قانون إطار سيغير منظومة التعليم كلها، ويدخل، لأول مرة في تاريخ المغرب، مبدأ الأداء مقابل الجلوس على طاولة الدرس، وهذا قرار سياسي على درجة كبيرة من الحساسية، ويتطلب حكومة قوية، ووزيرا مقنعا وقادرا على تسويق القانون الإطار الذي أعده مجلس عمر عزيمان، ودفع به إلى حكومة بنكيران التي جمدته سنة 2016، ثم ورثته حكومة العثماني، وها هي تنقله من يد إلى أخرى من شدة حرارته.
ليس موضوعي هنا قرار تحويل منظومة التعليم من الاستحقاق إلى الأداء، فهذا موضوع سأرجع إليه فيما بعد، لتسليط الضوء على إبعاده، وعلى خلفياته. الموضوع الآن هو عجز العثماني عن إقناع القصر بترميم الحكومة وإخراجها من «mini blocage» الذي يزيدها ضعفا، ويلقي شكوكا قوية على مستقبلها.
دخول وزير وخروج آخر مسألة تقنية وسهلة، وتجري كل يوم في حكومات العالم، ولا تأخذ كل هذا الوقت الذي أخذته عندنا، خاصة بعدما أعلن رئيس الحكومة ألا تغيير في تركيبة التحالف، وأن الأحزاب الستة باقية تحت خيمة الحكومة الهجينة، وأن الذي سيقع هو تغيير وزير بوزير، واسم باسم، فلماذا تأخرت هذه العملية كل هذا الوقت؟ (رجاء لا تقولوا لنا الأجندة الملكية). طبعا العثماني، الذي يطلق عليه الفايسبوكيون «سعد الدين البكماني»، لا يتحدث في هذا الموضوع، ويفضل الكلام في جزئيات لا معنى لها، ولا تقدم ولا تؤخر. الطبيب النفسي لا يرى تناقضات بحجم الجبال أمامه، خذ مثلا حديثه الأسبوع الماضي وسط حزبه عن إعطاء الحكومة أولوية الأولويات للتعليم، وعن زيادة خمسة ملايير درهم في ميزانية القطاع، وتخصيص 20 ألف متعاقد لسد الخصاص، لكن رئيس حكومتنا لم يرَ حاجة إلى الحديث عن وزارة دون وزير، فكيف يستقيم حديث الأولويات هذا في غياب القدرة على وضع وزير في قطاع مهم؟
لنترك العثماني يسبح في بحره، فهو يضعف نفسه يوما بعد آخر، وكل صباح يدخل منشارا إلى مكتبه في المشور السعيد، ويشرع في تقليص حجم الكرسي الذي ورثه عن بنكيران لكي يصبح على مقاسه. الأمر أعمق من استسلام رئيس الحكومة أمام وضع مختل، وبلاد تعيش إيقاع اليأس من الإصلاح.
خلف البلوكاج الحالي ثلاثة مؤشرات لا بد أن يدقق فيها المرء لمعرفة مآلات الأمور:
أولا: هناك سيناريو لتعديل موسع لحكومة العثماني التي لم تكمل عامها الأول، وإعادة توزيع المقاعد بين الأحزاب الستة على ضوء الحقائق الجديدة في المشهد السياسي، وفي مقدمة هذه الحقائق ضعف حزب العدالة والتنمية، الذي لم يعد «يخيف أحدا» بعد الإطاحة ببنكيران وظهور انقسام حاد بين قادته، لذلك، وجب استغلال هذه الفرصة لإضعاف نور المصباح وسط حكومة أعطيت رئاستها للعثماني كهدية مسمومة لتقسيم الحزب وإضعاف شعبيته في الشارع.
ثانيا: حزب التجمع الوطني للأحرار، وقد صار كفيلا رسميا للاتحادين الاشتراكي والدستوري، وامتلك ثقة كبيرة في النفس، بعدما نجح في البلوكاج الذي أطاح ببنكيران، وبعدما حصلت الحمامة على مرادها أثناء التوزيع الأول للحقائب الوزارية، حيث أخذت أكثر مما تستحقه، ها هي شهيته تفتح أكثر لضم وزارات أخرى بمناسبة التعديل الجديد، بعضها يوجد عند البيجيدي، والبعض الآخر عند الحركة الشعبية، فالحمامة تريد أن تتدرب من الآن على قيادة حكومة جديدة، وربما لن تنتظر 2021.
ثالثا: العثماني وتيار الوزراء أنجزوا 80% من المطلوب منهم، ولم تعد السلطة في حاجة إليهم سوى في ما تبقى من وقت قبل الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، لذلك، لم يعد للعثماني وصحبه من وزن سياسي، ولا من حساب يضرب لهم. وزراء البيجيدي قسموا الحزب بين تيارين، وزرعوا الشكوك في صفوفه، وتخلصوا من بنكيران بطريقة «لا رحمة فيها»، وانتخبوا أمينا عاما للحزب بـ1,2%، وها هم يبحثون عن المدخل لحوار داخلي وهم لم يكملوا شهرا بعد الخروج من المؤتمر الثامن، ما يعني اعترافا ضمنيا بفشل المؤتمر في ردم الهوة بين قادتهم، وفي علاج الجرح الذي فتح في جسد الحزب.. حزب منقسم على نفسه، مشوش الرؤية، قيادته تحيط نفسها بالوزراء الذين لا ينظرون إلى أبعد من كراسيهم، شعبيته في نزول، ولا يمكن أن يلعب دورا أكبر من طاقته. هذه هي الغابة التي تختفي وراء شجرة البلوكاج الجديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا وراء هروب العثماني من الكلام ماذا وراء هروب العثماني من الكلام



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya