الفرق بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين

الفرق بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين

المغرب اليوم -

الفرق بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين

بقلم - توفيق بو عشرين

قدم الوزيران الرميد والتوفيق تصور الدولة والحكومة لمحاربة الإرهاب، بعد قرابة 15 سنة من مطاردة هذه الآفة، التي أخرجت المغرب من خانة الاستثناء، وألقت به في أتون حرب عالمية على صناعة التطرف والدم. قال وزير الأوقاف: ‘‘إن ادعاءات الإرهابيين تدور حول إحدى عشرة مسألة؛ واحدة منها تهم المجتمع الذي يتم وصفه بـ«الجاهلية»، وأربع منها تدور حول نظام الحكم، وهو «الخلافة الراشدة»، و«الشورى»، و«الحاكمية»، و«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وثلاث تفكك المرجعية التي اجتهد في بنائها أئمة المسلمين، وهي «اللامذهبية»، و«الخروج عن الإجماع»، و«السلفية»، وواحدة تدين العلائق مع غير المسلمين، وهي «الولاء والبراء»، واثنتان تبرران العنف للتغيير، وهما «التكفير» و«الجهاد»’’.
فيما رأى الرميد أن استراتيجية الدولة لمكافحة الإرهاب مبنية على أربعة مرتكزات، وهي «ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومحاربة الفقر والهشاشة، وإعادة هيكلة الحقل الديني، وأخيرا، تقوية الحكامة الأمنية، في أفق إعداد سياسة أمنية يؤطرها الحرص على تحقيق توازن بين حماية الأمن والنظام العام، وبين حماية الحقوق والحريات».
على الورق هذا الكلام جميل ومعقول، لكن، على الواقع، شيئا آخر… نحن بلد ينتج الإرهاب ويصدره، لأن لدينا بيئة تساعد على نمو نبات الشر هذا، ودليل هذا التشخيص السريع أن المغاربة، إلى وقت قريب، كانوا ثالث مليشيا في جيش البغدادي، بعد التونسيين والسعوديين، بحوالي 2500 مقاتل جوال، انتقلوا من المغرب ومن أوروبا إلى سوريا والعراق، معتقدين أن دولة الخلافة قامت في الموصل، وأن خليفة مليار ونصف مليار مسلم هو أبوبكر البغدادي. نحن بلاد تفكك في المعدل خليتين إرهابيتين كل شهر، وأحيانا كل أسبوع. نحن بلاد وجد فيها ابن لادن أتباعا انفجروا في أكثر من واقعة طيلة العقد والنصف الأخير، ونحن بلاد وجد فيها البغدادي أنصارا ومهاجرين قاتلوا وقتلوا إلى جانبه ضد إخوانهم في الدين والوطن والمذهب، ونحن بلاد انتعش وينتعش فيها الفكر السلفي بكل طبعاته العلمية والوهابية والجهادية والداعشية.
نحن بلاد تحارب الإرهابيين لكنها لا تحارب الإرهاب. كيف ذلك؟ الإرهاب موجود في بطالة الشباب التي تصل في بعض المناطق إلى 40%، والإرهاب موجود في التعليم المفلس الذي لا يعطي أبناءه أسلحة فكرية ومنهجية ومعرفية لتفكيك خطاب التطرف، والوقوف على الطابع الانتحاري لمشاريع الإرهاب العالمي. نحن بلاد لا تعطي ملايين الشباب الأمل في الغد، والطاقة على الصبر، وتوجيه الرفض والاحتقان والغبن والحكرة نحو النضال السلمي والمدني وسط الأحزاب والنقابات والجمعيات والتنسيقيات، من أجل تحسين الوضعية والضغط على أصحاب القرار بالسياسة وليس بالسلاح، بالصوت في صندوق الاقتراع وليس بالأحزمة الناسفة.
حبَّذا لو يجد كبار المسؤولين بعضا من الوقت لقراءة محاضر الشرطة القضائية التي أنجزت لبعض العائدين المغاربة من جحيم داعش، لمعرفة الأسباب والحيثيات التي دفعت مئات الشباب إلى الهجرة إلى الرقة أو الموصل، على مدى ثلاث سنوات.
يحكي أحد الشبان (25 سنة)، في محاضر الاستماع إليه بعد العودة من ساحة الحرب في سوريا، أنه تعرف على الفكر الجهادي في حي صفيحي كان يسكنه، وأنه كان يعاني آنذاك البطالة والفقر والإحباط، لأنه لا يستطيع أن يتزوج بمن يحب. كان بائعا جائلا في الشارع، مطاردا من قبل المخازنية في القنيطرة، فصار مقاتلا جوالا يلاحق «أعداء الله» في سوريا. جرى كل شيء في ظرف أقل من شهر، حيث استقطبه سلفي جهادي من الحي، وعلمه بعض فروض الإسلام، وساعده ماديا لشراء بعض اللباس، ثم مر إلى شحنه عن طريق فيديوهات على اليوتيوب تظهر قصف نظام بشار الأسد الأطفال بالبراميل المتفجرة، ثم مر من الصور المريعة التي تهز وجدان كل إنسان، إلى الشرح البسيط الذي يقول إن بشار علوي مجرم يقتل النساء والأطفال أمام أنظار العالم والغرب الكافر، وإن الله سيسأل المؤمنين جميعا غدا يوم القيامة عما فعلوه لنصرة إخوانهم السنة في سوريا والعراق، فسأل الشاب بسذاجة وبراءة: «وماذا في يدي أنا لأفعله لأخوتي هناك؟». يلتقط السلفي الجهادي الخيط، ويقول: «في يدك سلاح الجهاد، وهو الفريضة الغائبة اليوم في العالم الإسلامي، فإذا انتصرت امتلكت الأرض وما عليها، وإذا استشهدت ملكت الجنة ونعيمها بحورياتها ووصيفاتها»… يقول الشاب في محاضر الشرطة: «ما هي إلا أيام حتى توصلت بحوالة مالية من مكان مجهول، اشتريت بها بطاقة سفر إلى تركيا، ومنها إلى سوريا، وهناك أصبحت مجاهدا يحمل أحدث الأسلحة الأمريكية، أتدرب في النهار على القتال، وفي الليل على عقيدة الجهاد وفقه الحرب، وتقسيم العالم إلى فسطاطين، وقبل أن أغمض عيني آوي إلى فراش دافئ مع زوجة سورية قتل زوجها الأول في الحرب، ووعد بسبايا أخر إذا انتصرنا في معركة الغد.. كنت عاطلا، فصرت مجاهدا يظهر في وسائل الإعلام العالمية، أتقاضى أجرا بالدولار بقيمة 350 دولارا في الشهر، أبعث جزأها الأكبر إلى أمي المطلقة لرعاية إخوتي، وفوق هذا صار لي بيت وزوجة ورفاق سلاح وقضية وهوية جديدة ووعد بالجنة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرق بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين الفرق بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإرهابيين



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya