لا تتركوا الحصان وحيدا

لا تتركوا الحصان وحيدا

المغرب اليوم -

لا تتركوا الحصان وحيدا

بقلم : توفيق بو عشرين

«محدها تتقاقي وهي كزيد فالبيض».. كلما طال مسلسل «البلوكاج» السياسي، الذي يمنع ميلاد الحكومة، ازداد تعرض الأحزاب للإهانة والتبهديل، وتعرضت عورة الديمقراطية المغربية للانكشاف… آخر فصول المسخرة السياسية الجارية في البلاد منذ ثلاثة أشهر هو بيان الاتحاد الدستوري الذي خرج يبكي على استبعاده من التركيبة الحكومية المقبلة، مثل طفل حُرم من الحلوى يوم العيد. الذي كتب بيان الاتحاد الدستوري يستحق «جائزة»، لأنه سجل سابقة في تاريخ الأحزاب السياسية في المغرب… الاتحاد الدستوري، الليبرالي جدا، يعيب على رئيس الحكومة إبعاده عن الأغلبية المقبلة دون مبررات منطقية، ودون اعتبار للبعد الواقعي للأرقام (لا نعرف هل هذا مفهوم رياضي أم سياسي أم فلكي).

أكثر من هذا، الحصان مصدوم لأن تحالفا استراتيجيا يجمعه بعزيز أخنوش، ولا يمكن لأحد أن يكسر هذا التحالف، لأنه بني قبل انطلاق المشاورات لتشكيل الحكومة، وأخذ الجميع علما به، ولأن المساس بحرمة هذا التحالف بين حزبين إداريين كبيرين وعتيدين معناه «السقوط في مقاربة غير عقلانية»، وأنا هنا أنقل من بيان ساجد لا من مكان آخر. ولكي يعطي الحصان لبيانه الشهير هذا بعدا سياسيا عميقا ونفسا راديكاليا قويا، قال: «إن إبعاد الاتحاد الدستوري عن التركيبة الحكومية مقاربة ستضرب استقلالية الحزبين في اتخاذ قراراتهما بكامل الحرية». هذه جريمة يا بنكيران، كيف تجرؤ على المساس باستقلالية الحمامة والحصان معا؟ وكيف لم توقر الإرادة الحرة للحزبين معا؟ وكيف تصرفت مع حصان ساجد بلا قلب ولا حس ولا رأفة؟ هل نسيت أمجاد الحزب المنكوب اليوم؟ وكيف تبعده عن حكومتك دون مراعاة ملح ولا طعام، ولا مدة خمس سنوات قال زعماء الدستوري إنهم مارسوا فيها «معارضة ناعمة» تجاه حكومتك، باستثناء تلك اللقطة البورنوغرافية العابرة التي تعرى فيها إدريس الراضي أمامك في مجلس المستشارين عندما اتهمت «بطنه»، وقلت إن «كرشه فيها العجينة»، فما كان منه إلا أن رفع التحدي، وكشف عن بطنه أمام الكاميرات التي كانت تنقل وقائع الجلسة على الهواء مباشرة، حتى يتأكد الكبير والصغير أنه نظيف وخاو وشفاف.

ولماذا يبكي ساجد الآن أمام بيت بنكيران، إذا كان الدستوري يجمعه تحالف استراتيجي بالأحرار، وبرنامج شامل للإنقاذ الوطني بـ54 مقعدا في مجلس النواب؟ فليتضامن أخنوش مع رفيقه ساجد، ويمتنع عن دخول الحكومة المقبلة، وينزلا معا لممارسة المعارضة الخشنة في البرلمان؟ هذا أبسط التزام بين حليفين كبيرين مثل الحصان والحمامة.

لنرجع إلى الجدية، ولو أنه من الصعب أن يتحدث أي إنسان بغير لغة السخرية مع هذه الكائنات السياسية التي مضى عليها زمن طويل وهي تلعب مسرحية هزلية فوق الركح السياسي، ولم تتوقف حتى عندما مات المخرج وانفض الجمهور ونزل الستار. العيب ليس في أخنوش وساجد والعنصر ولشكر، ومن على شاكلتهم. العيب في من لايزال يراهن على هذه الكائنات السياسية المنقرضة، التي لا تلعب سوى وظيفة واحدة، وهي إبعاد الناس عن السياسية، والإسهام في رفع الضغط لدى المواطن… هل بهذه الأحزاب تريد الدولة أن تجابه التحديات، وأن تبني مغرب الغد، وأن تؤسس عهدا ديمقراطيا جديدا؟

ما كان للمعطي بوعبيد، مؤسس حزب الاتحاد الدستوري، أن يصدر مثل هذا البلاغ/الفضيحة، فهو يعرف ظروف ولادة الحزب وشهادة ميلاده، وهي شهادة فيها كل ما يشتهيه الحزب، ماعدا الاستقلالية في القرار والحرية في التدبير. وما كان لأحمد عصمان أن يتصرف وكأنه يقود حزبا حقيقيا، وهو يعرف نسب الحمامة، والعش الذي فَقَسَت فيه، فهو -أطال الله عمره- كان يعرف قدره.

مرة جاء عند الرئيس المؤسس للأحرار، أحمد عصمان، بعض المقربين منه يطالبون بالتحرك في الإقليم استعدادا للانتخابات، ورفعا للروح المعنوية، فرد الزعيم ببرودة أعصاب يحسد عليها: «لا تتعبوا أنفسكم، عندما ستجرى الانتخابات ستعطيكم الدولة حقكم، فلا داعي للقلق».

المصدر : صحيفة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تتركوا الحصان وحيدا لا تتركوا الحصان وحيدا



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya