زوما غرق في بحر المال والنساء

زوما غرق في بحر المال والنساء

المغرب اليوم -

زوما غرق في بحر المال والنساء

بقلم - توفيق بو عشرين

تعلم في السجن القراءة والكتابة، وأمضى عشر سنوات وراء القضبان، لكنه لم يتعلم شيئا من الشفافية والنزاهة طيلة تسع سنوات في الحكم. هذه واحدة من مفارقات الرئيس المخلوع جاكوب زوما (76 سنة)، الذي قاوم لمدة سنة محاولات إزاحته من قبل رفيقه في الحزب، رامفوزا، لكنه في النهاية أذعن للأمر الواقع قبل ساعات من تقديم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مذكرة لحجب الثقة عن حكومة زوما في البرلمان، عندها استسلم جاكوب وقال، أول أمس في خطاب الوداع: «إنني لا أحب أن تسيل قطرة دم واحدة بسببي، وسأبقى مناضلا في حزبي، حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي تربيت فيه طيلة سنوات عمري».
من 2009 إلى 2018 لم تتوقف تهم الفساد عن الدوران فوق رأس تلميذ مانديلا، الذي أمضى 10 سنوات في السجن و12 سنة في المنفى، وتسع سنوات في الحكم. زوما كان يرى أن الخروج من السلطة معناه دخول المحكمة، لذلك، قاوم عملية عزله من الحزب، حتى يبقي نوعا من الحماية حول عنقه، لكن رفاق المؤتمر الوطني الإفريقي لم يصبروا حتى ينهي «زير النساء هذا» سنته الأخيرة في رئاسة دولة جنوب إفريقيا، وذلك بسبب تدهور شعبية الحزب في سوق الانتخابات، وتدني الحصيلة الاقتصادية لزوما، وانتشار أخبار الفساد السياسي وسط محيط الرئيس، فقد أظهرت دراسة حديثة، صادرة عن مركز العلاقات بين الأعراق في جوهانسبورغ، أن حزب مانديلا فقد في السنوات الأخيرة أكثر من 20% من شعبيته لصالح أحزاب المعارضة، خاصة الشعبوية منها، والتي تريد أن ترجع بالبلد إلى الخلف، من خلال التحريض على المواطنين البيض، والدعوة إلى مصادرة أراضيهم وثرواتهم، في موجة عنصرية مضادة، ضد البيض هذه المرة، من قبل السود الذين يئسوا من إيجاد حل لمشاكلهم في بلد 55% من سكانه تحت عتبة الفقر، حسب البنك الدولي.. بلد يعرف أعلى نسبة للإجرام في العالم، وتسمع في عاصمته طلقات الرصاص سبع مرات كل يوم، وهذا مفهوم إذا عرفنا أن النسبة العامة للبطالة تصل في جنوب إفريقيا إلى 27% ووسط الشباب، وترتفع هذه النسبة إلى 50% في بلد تصل ساكنته إلى 55 مليون نسمة، وبه ثروات وإمكانيات كبيرة، وفوق هذا تجربة رائدة في النضال ضد الميز العنصري، وفي المصالحة والغفران، وفي الانتقال الديمقراطي الذي دشنه مانديلا بعدما خرج من سجن دامت مدته 27 سنة.
بشكل من الأشكال، يتحمل الراحل الكبير، نيلسون مانديلا، مسؤولية كبيرة في الدفع بزوما إلى واجهة السلطة، فقد كان البطل الكبير في النضال يعطف كثيرا على زوما، الذي نشأ يتيما، وأمضى طفولة شاقة وبائسة وسط فقراء قبيلة الزولو، وبعدها مكث مدة عشر سنوات وراء القضبان، تعلم فيها السياسة والنضال وفن التفاوض. لكن تابمبيكي، الرجل الثاني في المؤتمر الوطني الإفريقي آنذاك، لم يكن يحمل أي ود لزوما، وكان يعرف عيوبه وضعفه تجاه المال والنساء، فعمد إلى إقصائه من منصب نائب الرئيس، عندما كان هو المسؤول الأول في البلد بعد تنحي مانديلا، لكن زوما الثعلب رجع إلى صفوف الحزب الذي تربى فيه، وظل يقاوم عمليات إبعاده، مستغلا انشغال أعدائه بالسلطة، حتى تسلم رئاسة الحزب، وبعدها رئاسة الحكومة، لكنه خرج اليوم من السلطة من الباب الصغير، متهما بالفساد وبقيادة البلاد إلى ما يشبه الإفلاس الاقتصادي.
هنا في المغرب لا نحمل أي ود للرفيق زوما المتزوج بأربع نساء، وذلك بسبب تحالفه مع الجزائر على بند واحد هو مناهضة حق المغرب في صحرائه، ودعم جبهة البوليساريو بكل الوسائل، وفتح سفارة للجمهورية الصحراوية، حتى وصل الأمر إلى حجز بواخر دولية تحمل الفوسفاط المغربي، بدعوى استخراجه من مناطق متنازع عليها. لم يكن الخطأ كله في تردي علاقات المغرب مع بلاد مانديلا مسؤولية الأبناء الأفارقة الذين جاؤوا بعد بطل التحرير. جزء من أزمة العلاقات المغربية-الجنوب إفريقية تتحمل الرباط مسؤوليته أيضا، لأنها تقاعست عن العمل والتخطيط لمواجهة المناورات الجزائرية مع حكام جنوب إفريقيا، حديثي العهد بالسلطة وامتيازاتها، وجرى اللجوء إلى الحلول السهلة في تدبير الأزمات، والمتمثلة في الكرسي الفارغ، حيث جرى سحب السفير المغربي من عاصمة مهمة في إفريقيا، وباقي القصة معروف، وإن كانت بعض جوانبها الدرامية تكررت السنة الماضية فقط عندما «عين» المغرب سفيرا هناك لم يستشره أحد قبل بعث اسمه إلى جوهانسبورغ سفيرا للمملكة، ولم تدقق وزارة الخارجية والتعاون في مؤهلاته، وأولها إجادة اللغة الإنجليزية، حتى إن سفير المغربي السابق في الشيلي، عبد القادر الشاوي، نفسه، اعتذر عن تحمل هذه المهمة الثقيلة التي اقترحه لها صديقه إلياس العماري، الذي كان وراء تعيين سفراء كثيرين من وراء ظهر الحكومة ووزير خارجيتها.
الآن لا ننتظر شيئا من رئيس انتقالي سيجلس على كرسي الحكم من الآن إلى سنة 2019، تاريخ إجراء الانتخابات الجديدة. سيريل رامفوزا (65 سنة) النقابي الذي أصبح رجل أعمال ثريا، لن يولي اهتماما لموضوع جزئي مثل العلاقات مع المغرب الآن، لكن إذا كان هناك عمل وذكاء وحركة لوزير الخارجية، ناصر بوريطة، وآخرين فيمكن أن نفتح مع رامفوزا صفحة جديدة بعد إعادة انتخابه في 2019، فلا ننسى أنه لم يفز برئاسة حزبه إلا بفارق 180 صوتا عن زوجة زوما السابقة، التي لا مكان في قلبها للمغرب وكل هواها مع الجزائر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوما غرق في بحر المال والنساء زوما غرق في بحر المال والنساء



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya