نهاية مناضل القرب

نهاية مناضل القرب

المغرب اليوم -

نهاية مناضل القرب

بقلم : توفيق بن عشرين

خرج الصراع الدائر بين الدولة وحميد شباط من السياسة إلى القانون الجنائي، ومن الإعلام إلى المحاكم، ومن تعداد ثروة عمدة فاس السابق إلى وادي الشراط، حيث لقي الراحلان الزايدي وباها حتفهما.

ماذا يجري بين أمين عام حزب محافظ وبين الدولة؟ القصف على أشده، وكل ضربة يتلقاها شباط يرد عليها بضربة أكبر، ولسان حاله يقول «علي وعلى أعدائي». آخر فصول المعركة الجارية اليوم بين أطراف في الدولة والأمين العام لحزب سيدي علال كان مقالا ناريا نشره الموقع الرسمي لحزب الميزان، وفيه نعثر على قنبلة رماها شباط في وجه الدولة ظنا منه أنه يرمي الملح الحي في الجرح المفتوح. يقول كاتب المقال: «الذين يعتقدون أنهم يتحكمون في اللعبة السياسية يعتبرون أن مرحلة التخلص من حميد شباط حانت، وهو ما يحيل على أساليب وادي الشراط، كأسلوب مغربي خالد للتخلص من السابحين ضد التيار».

وقبل هذا المقال، وعلى أمواج قناة فرانس 24، قال شباط إنه «يتبرع بأعضائه للشعب المغربي سواء مات طبيعيا أو مات شهيدا»، في محاولة للتلميح إلى أن حياته مهددة، وأن الاغتيال قد يكون مصيره.

رد وزارة الداخلية لم يتأخر، فبعد ساعات من نشر مقال «وادي الشراط»، الذي يلمح إلى وقوف جهات في السلطة خلف مقتل عبد الله باها وأحمد الزايدي، رحمهما الله، في بوزنيقة، خلافا للتقرير الرسمي للنيابة العامة، وضع حصاد شكاية لدى وزارة العدل والحريات يطالب فيها بفتح تحقيق بشأن هذه الاتهامات الخطيرة، وهو ما يهدد بجر شباط إلى قفص الاتهام، وخوض المعركة ضده داخل المحاكم، وليس فقط في وسائل الإعلام وفي كواليس الإعداد للمؤتمر المقبل للحزب.

شباط يريد أن يقول لمن يهمه الأمر إن لحم الأمين العام لحزب الاستقلال مر، وإنه إذا اضطر إلى أن يخوض الحرب فلن يتردد في نهج سياسة الأرض المحروقة، وإنه مستعد لكل الاحتمالات، وإن في جعبته أسلحة لم يخرجها بعد لمواجهة فيتو إبعاده عن الحكومة، ثم المرور إلى إبعاده عن الأمانة العامة لحزب الميزان، وإنهاء مساره السياسي الحافل بالإثارة منذ جاء إلى الأمانة العامة للحزب قبل أربع سنوات.

العيب ليس في شباط، فهو رجل مغامر، وسياسي شعبوي، ونقابي لا يعرف إلا الضغط أسلوبا في الحوار، وقلب الطاولة طريقة للإقناع، واستعمال المال السياسي لشراء الولاءات المتحركة.. العيب في جهتين في هذه النازلة؛ الأولى موجودة في داخل الدولة التي دعمت شباط للوصول إلى الأمانة العامة لحزب عريق، لا يمكن أن يصبح حزبا يسير بالريموت كونترول من على الجرار مهما وصل ضعفه وترهله، والجهة الثانية التي تتحمل مسؤولية الخراب الذي يعيشه حزب يخوض أمينه العام حرب شوارع مع الدولة، هي نخبة حزب الاستقلال، التي قبلت بالأمر الواقع، ووافقت على وضع أمين عام شعبوي على رأس الحزب لكي يواجه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ظنا من الجميع أن بنكيران «سياسي شعبوي»، ولمواجهته يجب الاعتماد على سياسيين شعبويين من أمثال شباط ولشكر وإلياس العماري… وها هي النتيجة أمامكم.. البلاد وتجربتها الحزبية تخسر حزبا عمره 80 عاما، وتخسر تمرين إبعاد الدولة عن الحقل الحزبي، فما معنى أن يجيء مستشار الملك، الطيب الفاسي الفهري، إلى تلفزيون الدولة ويهاجم أمينا عاما لحزب سياسي، مهما كانت أخطاؤه وخطاياه؟ لقد ردت عليه وزارة الخارجية والتعاون، ورد عليه رئيس الحكومة، فهل كان من الضروري أن يضع مستشار الملك يده في هذه «العصيدة»، ونصبح أمام افتتاحيات في جريدة العلم تنتقد مستشار الملك محمد السادس، كما كانت تفعل مع مستشار الحسن الثاني رضى اكديرة في الستينات والسبعينات؟ هل يتصور عاقل أن يرجع مغرب دستور 2011 إلى الأسلوب العتيق لإدارة العلاقة بين القصر وزعماء الأحزاب السياسية؟

لو قبل شباط الدور الذي رسم له بعناية منذ 2012، والذي قاده إلى الانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2013 بدون مبررات منطقية.. لو قبل شباط أن يبقى تابعا لحزب الأصالة والمعاصرة، وأن يستمر في نظم قصائد الهجاء البليد في حق بنكيران وحزبه، ولو قبل شباط أن يلعب دورا صغيرا في فيلم ما بعد السابع من أكتوبر، هل كان حاله سيكون على ما هو عليه اليوم؟ هل كانت لائحة أملاكه الطويلة وعقاراته العديدة ستنشر على حبال الجرائد وصفحات المواقع؟ هل كان سيطرد من الحكومة كما يطرد القط من على موائد الطعام؟

يوم صعد شباط إلى الأمانة العامة لحزب علال الفاسي كتبنا في هذه الجريدة أن شباط لن يحل مشاكل حزب الاستقلال بل سيعقدها أكثر، وأن النقابي لا يصلح أن يكون سياسيا، وأن المغامر لا يعرف كيف يبني، لكنه يعرف كيف يهدم، وأن الذي يقول إن مدينة فاس مذكورة في الحديث النبوي الشريف، لا يليق أن يدخل إلى مكتب بوستة وعلال الفاسي، والذي يخوض حملة انتخابية بمناشير مكتوب تحت صورة صاحبها «ورفعنا لك ذكرك» (الآية)، لا يمكن أن يدخل إلى تاريخ الأمناء العامين لحزب الاستقلال… لكن الجميع كانوا مأخوذين بسحر مناضل القرب، والكثيرين كانوا يرددون دعاء الانتهازية القديمة: «الله ينصر من أصبح»، ويوم تبرع وزير الداخلية، محمد حصاد، على شباط بـ500 هكتار من قرية ولاد الطيب، ضمها عمدة فاس إلى مدينته، وأعطى فيها رخصا للبناء، بعدما غير حصاد التقطيع الترابي في هذه الدائرة بضعة أشهر قبل الانتخابات الجماعية، وهو ما اعتبر آنذاك هدية بالمليارات لشباط الذي كان ينوي أن يحفظ العاصمة العلمية باسمه، لولا أن الفاسيين كان لهم رأي آخر في انتخابات شتنبر 2015… يوم حذرنا من هذا الشحم المزروع في ظهر شباط، تعرضنا للسب والقذف من الزميلة «العلم»، وللغضب من مكتب وزير الداخلية.

الآن فقط أصبح مناضل القرب شاة جرباء وجب التخلص منها؟ الذي يجب التخلص منه هو هذه العقلية التي مازالت تسكن الإدارة السياسية للدولة تجاه الأحزاب السياسية، أما شباط فأمره سهل.. قوس فتح قبل أربع سنوات، وهو الآن يغلق مهما كانت الكلفة السياسية والأخلاقية لهذا الإغلاق.

المصدر : صحيفة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية مناضل القرب نهاية مناضل القرب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya