الفتنة نائمة فمن أيقظها

الفتنة نائمة فمن أيقظها؟

المغرب اليوم -

الفتنة نائمة فمن أيقظها

بقلم : توفيق بو عشرين

لم تجد التظاهرة التي نزلت يوم الأحد إلى شارع محمد السادس بالدار البيضاء لسب ولعن بنكيران وأصحابه من يتبناها، ولا من يستغل نتائجها، وأصبحت المسكينة (لقيطة)، وأصبح المشاركون فيها بدون تغطية لا سياسية ولا قانونية ولا أخلاقية. وزير الداخلية، محمد حصاد، بعدما اشتبك مع وزير العدل والحريات مصطفى الرميد الذي اتهم الداخلية بالوقوف خلف شوهة المسيرة، خرج لأول مرة للإعلام – حصاد – وتبرأ من مسيرة الأخونة وقال إننا لم ندع إليها، لكننا سمحنا بمرورها لأن المرحلة تقتضي ذلك (تبرير سياسي وليس قانونيا). وإلياس العماري المتهم رقم اثنين بالوقوف وراء مسيرة ترفع شعاراته وأدبياته، قال هو أيضا نحن لم نَدع إلى هذه المسيرة، ولم نُدع إليها، فيما نفى الدريدي والهيني أية علاقة لهما بهذه التظاهرة التي خرجت تحرض على العنف والكراهية وتقسيم المجتمع…

لقد أحصيت أكثر من عشر جرائم بعضها جنائي في مسيرة (جميعا ضد أخونة الدولة وأسلمة المجتمع). هناك التهديد بالقتل والتحريض عليه الموجود في شعار (بنكيران غادي يموت). وهناك القذف والسب والتشهير، والتمييز العنصري، الموجود في لافتات وصور مواطنين، إما لم يعرضوا بعد على القضاء مثل عمر وفاطمة وإما لأشخاص برأهم القضاء من دم أيت الجيد مثل حامي الدين، بل وصل الأمر إلى المطالبة بتسليح هؤلاء البلطجية لقتل العدالة والتنمية مثل الشعار الذي يقول: (عطيونا الفرادة (المسدسات) باش نقتلوا الباجدة)…

إذا صدقنا بأن وزارة الداخلية لا تقف خلف مسيرة ضمت الآلاف، جاؤوا من مختلف مدن المغرب حاملين عشرات الآلاف من الصور والأعلام واللافتات، وإذا صدقنا حكاية أن الداخلية أعملت مبدأ الملاءمة وتصرفت برفق مع التظاهرة، وأعفتها من التصريح المطلوب في كل تظاهرة حتى تعرف السلطات موعد المسيرة، ومكان انطلاقها ووصولها وموضوعها والجهات الداعية إليها، وإذا صدقنا حكاية أن جمعيات المجتمع المدني هي من قاد هؤلاء «المناضلين» الذين لا يعرفون شيئا عن موضوع المسيرة ولا عن الشعارات التي يرددونها، وإذا صدقنا كل هذا فهناك مشكل كبير يحتاج إلى حل، وسؤال عريض يحتاج إلى جواب. ماذا نفعل بعشرات الأسماء التي ذكرها المحتجون لرجال سلطة من مقدمين وقياد وباشوات، قال المتظاهرون إنهم جاؤوا إلى البيضاء بطلب منهم وإن رجال السلطة هؤلاء أعطوا مبررات إلى المحتجين مختلفة مرة من أجل التظاهر ضد الإرهاب، ومرة من أجل التضامن مع المغربية التي اغتصبت في السعودية، ومرة من أجل المشاركة في الانتخابات، ومرة من أجل المطالبة بتحسين ظروف المعيشة، وهذا كله موثق في فيديوهات موجودة على اليوتيوب لمواطنين يصرحون بالجهات التي تقف خلف حضورهم من الحسيمة وطنجة وتطوان وفاس ومكناس وسلا والقنيطرة وبرشيد، حتى إن شابا سألته الصحافة لماذا تحتج على بنكيران؟ فقال: (أحتج على بنكيران لأنه أخذ منا الصحراء). وكل هذه الحماقات قيلت في مسيرة تحمل صور الملك محمد السادس وجمعيات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

المطلوب الآن فتح تحقيق قضائي حول الجهات التي لعبت بالنار يوم الأحد في شارع محمد السادس، وحملت آلاف المغاربة من مدنهم وقراهم ومداشرهم إلى العاصمة الاقتصادية للتظاهرة، ولزرع الفتنة والانقسام في المجتمع بدون احترام قانون التظاهر، وبدون احترام القانون الجنائي، ودون احترام كرامة المغاربة سواء الذين نصبوا عليهم واستغلوا فقرهم وجهلهم ليضحكوا عليهم الناس وهم يقفون خلف شعارات لا يعرفون معناها، وصورا لا يعرفون أصحابها أو الذين لم يشاركوا في هذه المهزلة، لكنهم أحسوا بإهانة ذكائهم وعقولهم وبلدهم.

إذا صح ما جاء متواترا على لسان الرجال والنساء والأطفال الذين شاركوا في مسيرة الأخونة من وقوف رجال السلطة في التعبئة للمسيرة وإرسال الناس إلى البيضاء، فيجب أن يعرف المغاربة لحساب من يعمل رجال السلطة هؤلاء، وما هي أجندتهم، وهل يتلقون التعليمات من جهات أخرى غير المسؤولين الترابيين الذين يتبعون إليهم… وجب على كل رجال ونساء السلطة الذين يتحركون خارج القانون وخارج الدستور أن يتأملوا جيدا تصريح وزير الداخلية الذي تبرأ من كل ما جرى، وقال «إن وزارة الداخلية لا علاقة لها بما جرى، ولا تقف خلفه ولا ترى مانعا إن حرك وزير العدل والحريات النيابة العامة الموجودة تحت تصرفه للتحقيق في الجهة التي تقف خلف هذه المسيرة».

المسيرة اللقيطة لم تعد قضية سياسية، بل صارت قضية جنائية وهنا البيت القصيد.

الكرة الآن في ملعب وزارة العدل والحريات والنيابة العامة والهدف ليس فقط معرفة الجهة التي تقف خلف هذه المسيرة غير القانونية، والتي تهدد السلم الاجتماعي وتعتدي على حقوق وحريات وسلامة مواطنين آخرين.. الهدف الأهم من تحريك البحث والمتابعة القضائيين هو تحصين وحدة المجتمع المغربي والدفاع عن هيبة الدولة وسلطة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة والسلطة بالمشروعية، حتى لا نشرع لمملكة السيبة غدا، ولا لمغرب الفوضى بعد غد. لنتصور أن يصبح الفقراء والمحرومون والعاطلون والأميون و(العياشة) ذخيرة في مدافع الأحزاب أو مراكز القوى أو الجماعات المعارضة يضربون بهم خصومهم، دون مراعاة لا للقانون ولا لقواعد العمل السياسي ولا لأدبيات التظاهر السلمي الحضاري. إلى أين سنصل بهذا الوحش الذي يبدأ صغيرا ثم يكبر. أما البيجيدي، فإنه لا يحتاج إلى من يدافع عنه ولا لمن يحميه ولا لمن يزيد في شعبيته. (خدام الدولة) يقومون بالمهمة على أفضل وجه، ولهذا ترون ابتسامة بنكيران تتسع بعد كل ضربة يتلقاها ومظلوميته تفيض مع كل مقلب يتعرض له. الذي يحتاج للدفاع عنه هو المغرب المسكين…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفتنة نائمة فمن أيقظها الفتنة نائمة فمن أيقظها



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya