بوتفليقة يحكم بحبتي أسبرين

بوتفليقة يحكم بحبتي أسبرين

المغرب اليوم -

بوتفليقة يحكم بحبتي أسبرين

بقلم : توفيق بو عشرين

المغرب مشكلة جزائرية… قالها المؤرخ الفرنسي، بنجمان ستورا، منذ عقد وزيادة. الآن صار المغرب عقدة جزائرية، لأنه اختار أن يلعب في الحديقة التقليدية لدبلوماسية بوتفليقة، أي إفريقيا، لهذا تسمع اليوم «حمقا دبلوماسيا» غير مسبوق في جارتنا البعيدة. تسمع وترى العمامرة وفريقه يقاومون رجوع الرباط إلى مقعدها في الاتحاد الإفريقي، وترى أن النظام الجزائري ترك كل الملفات الحساسة على طاولته، وتفرغ كليا لحرب دبلوماسية شعواء ضد الرباط، حيث إن وزارة خارجيته و85 سفارة للبلاد في الخارج لا تشتغل، تقريبا، إلا على ملف الصحراء وملف التشويش على المغرب.
العقل الجزائري لم يستوعب بعد حقيقة تغير ميزان القوى في المنطقة، ولا يريد أن يصدق الواقع الجديد الذي أصبح المغرب متفوقا فيه من الناحية الاستراتيجية باعتباره بلدا مستقرا أمنيا، وفيه عملية سياسية مستمرة رغم تقدمها وتراجعها، وفيه دبلوماسية ملكية نشيطة تبحث عن موطئ قدم في إفريقيا بمقاربة اقتصادية براغماتية، وفيه اقتصاد مفتوح على استثمارات العالم.. اقتصاد يتطور رغم مشاكله، لكنه لا يضغط بقوة على توازنات الميزانية. لنرَ الآن الوضع في الجزائر بكل موضوعية ودون شوفينية وطنية:
أولا: في الجزائر رئيس مريض ومعزول عن العالم، ولا يرى الملفات المعقدة للحكم سوى من نافذة أخيه، سعيد بوتفليقة، ما زرع جوا من الترقب والشك في وسط النخبة الجزائرية حول شكل المستقبل القريب بعد رحيل الرئيس المريض.
ثانيا: المؤسسات الجزائرية، على هشاشتها، مشلولة، وحرب المواقع حول مفاتيح الحكم مستعرة بين حلقات الجيش والمخابرات والطبقة السياسية والتقنوقراط ورجال الأعمال. هذا الشلل يمكن حسابه بسهولة من خلال قلة اجتماعات المجالس الحكومية التي تُتخذ فيها جل القرارات، وقلة القوانين التي يصادق عليها البرلمان.
ثالثا: تراجع عائدات النفط والغاز حرم البلاد من موارد بالمليارات من الدولارات، وبرميل النفط الذي كان يباع بـ120 دولارا قبل ست سنوات، نزل الآن إلى ما دون الخمسين دولارا في بلد إنفاقه يزيد كل يوم، بفعل فاتورة السلم الاجتماعي الذي يدفعها النظام في شكل دعم للمواد الأساسية، وفي شكل توظيفات وهمية في الإدارة العمومية للشباب «الحيطيست». تصرف الجزائر ثلث الناتج الداخلي الخام على دعم المواد الاستهلاكية حتى لا يثير تدني الدخل غضب المواطن.
رابعا: الحياة السياسية في الجزائر كلها تدور حول سرير الرئيس الذي نجح في تقسيم الجيش، وفي تقسيم الأحزاب، وفي التلاعب بالنخبة السياسية كأنه ينتقم من سنوات «عبور الصحراء» التي تعرض فيها للتهميش بعد وفاة رفيقه بومدين.
خامسا: يحكم النظام الجزائري اليوم بلادا مريضة بحبتي أسبرين؛ الأولى هي توزيع الريع النفطي عبر سياسة دعم جل مواد الاستهلاك لشراء السلم الاجتماعي، وهذه الوصفة بدأ مفعولها يتراجع بسبب تدني دخل دولة لا تصدر شيئا إلى الخارج، باستثناء براميل النفط والغاز. وحبة الأسبرين الثانية هي التذكير المستمر للشعب بفظائع الحرب الأهلية التي ضربت البلاد في عشرية الدم (26 دجنبر 1991–8 فبراير2002).. الأسبرين يسكن الألم إلى حين، لكنه لا يشفي المرض.
حكيم جارتنا الشرقية، الأخضر الإبراهيمي، دعا، أول أمس، في محاضرة له بكلية الشرطة في الجزائر العاصمة، إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين، معربا عن ألمه الشديد لما آلت إليه العلاقة بين الطرفين، داعيا إلى ترك نزاع الصحراء جانبا، واستئناف العلاقات بين الجارين، لأن كلفة اللامغرب عربي كلفة باهظة.
على من تتلو مزاميرك يا إبراهيمي…

المصدر : صحيفة اليوم24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتفليقة يحكم بحبتي أسبرين بوتفليقة يحكم بحبتي أسبرين



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya