الدرس الملكي

الدرس الملكي

المغرب اليوم -

الدرس الملكي

بقلم : توفيق بو عشرين

التزم الملك بالمنهجية الديمقراطية التزاما كاملا، واحترم الفصل 47 من الدستور، وأعطى لاقتراع السابع من أكتوبر معناه، وأنصت إلى نبض الشارع الذي منح جزء معتبر منه ثقته لبنكيران لمواصلة الإصلاحات، وأسس الجالس على العرش عرفا دستوريا جديدا يقضي بتعيين الأمين العام للحزب المتصدر للانتخابات في منصب رئيس الحكومة وليس غيره… هذه بعض دلالات استقبال محمد السادس لبنكيران بالقصر الملكي في الدار البيضاء، أول أمس، وتكليفه بتشكيل فريق وزاري جديد.
قبل هذا راجت «أطروحات» كثيرة حول نهاية عمر بنكيران السياسي، وحول وجود غضبة ملكية عليه تمنعه من الرجوع إلى المشور السعيد، وغيرها من بالونات الاختبار التي كانت تطلق لتلويث الجو، لكن، عندما اختار زعيم المصباح الترشح في دائرة سلا معرضا نفسه لامتحان صعب، وعندما صرح في عز الحملة الانتخابية لقناة bbc قائلا: «إذا لم يفز حزبي بالمرتبة الأولى في الانتخابات سأعتزل الحياة السياسية»، وعندما خاض حملة انتخابية قوية، ونزل إلى كبريات المدن للتعاقد مع الشعب، آنذاك، وضع بنكيران الرجل الأولى في رئاسة الحكومة، ثم جاء قرار الشعب، وأعقبه القرار الملكي.
بنكيران أول رئيس حكومة سياسي في تاريخ المغرب يحصل على فرصة ولاية ثانية على رأس الحكومة، قبله جاء عبد الله إبراهيم إلى الوزارة الأولى ولم يكمل سنتين، ثم جاء اليوسفي ولم يرجع رغم أن حزبه تصدر انتخابات 2002، وبعده جاء عباس الفاسي ورحل قبل أن يكمل ولايته، فيما بنكيران، ورغم أن الأرض تحت قدميه لم تهدأ ولو ليوم واحد طيلة خمس سنوات، فإنه أكمل ولايته الأولى، وها هو يستعد لدخول ولاية جديدة، رغم الحرب القذرة التي شنت عليه من قبل السلطة و«التحكم» وواجهته الحزبية، ومن طرف نقابة مخاريق التي أعطت الغطاء لتظاهرة البيضاء، وباطرونا بنصالح التي خرجت 48 ساعة قبل الاقتراع تحرض رجال الأعمال ضد زعيم المصباح، وكراكيز الصحافيين الذين باعوا روح مهنتهم إلى من يدفع أكثر… كل هؤلاء صنعوا جبهة للرفض والتصدي لبنكيران وحزبه، لكنها جبهة انهارت يوم السابع من أكتوبر بضربة واحدة من صناديق الاقتراع. انظروا إلى الأرقام القياسية التي حصل عليها عبد الله بوانو في مكناس، وعبد العزيز الرباح في القنيطرة، ومحمد يتيم في الدار البيضاء، ومحمد نجيب بوليف في طنجة، حيث حصدت قائمته أكثر من 60 ألف صوت، وهو رقم قياسي في تاريخ الانتخابات التشريعية في المغرب. قارنوا هذه الأرقام بالأخبار والأعمدة والتسريبات والإشاعات التي خرجت في الصحافة الصفراء ومواقع البؤس تنهش أعراضهم طيلة خمس سنوات، وتعرض مستقبلهم السياسي والعائلي للخطر.. هذا هو حكم الناس صدر وهو حكم لا يقبل الاستئناف.
 الآن الكرة في ملعب بنكيران وحزبه، والمهمة الأولى هي الوعي بلحظة 7 أكتوبر، والتصرف على أساسها وليس على أساس آخر. سيخطئ بنكيران في حق من انتخبوه إذا لم يتسلح بروح هذا الاختيار الشعبي الصريح، وإذا لم يتصرف كمنتصر في هذه الانتخابات، وسيخطئ إذا انساق وراء ابتزاز الأحزاب الصغيرة، وقبل دخولها إلى الحكومة على أساس أن تبقي علاقاتها مفتوحة مع البام، وأن تضع رجلا في الداخل وأخرى في الخارج، كما فعل حزب الحمامة الطائشة التي لعب الجرار بعقلها وتركها الآن بدون ريش.
أول شيء يجب أن يحسمه بنكيران هو ولاء أحزاب الأغلبية للحكومة التي يشاركون فيها والقبول ببنكيران رئيسا، وثانيا الاتفاق مع الأحزاب المرشحة لدخول الحكومة على الإصلاحات الكبرى التي سيجري تنفيذها في الولاية الجديدة، وثالثا يجب على بنكيران أن يلزم الجميع بقبول حكومة مصغرة لا يتعدى عدد أفرادها ما بين 18 و21 وزيرا على أكثر تقدير. لا تُضحك علينا العالم مرة أخرى، يا سيد بنكيران، بحكومة 40 وزيرا، فيما المعدل العالمي لعدد الوزراء في حكومات العالم هو 15 وزيرا. لا توزع الحقائب كما يوزع اللحم في الوزيعة، حيث تتفرق أشلاء الأضحية، ولا يعرف أحد بعد ذلك كيف يجمعها. يجب عليك يا سيد بنكيران ألا تخاف الفشل في تشكيل الحكومة، فتلجأ إلى ترقيع دربالة حكومية لا تعكس آمال الناس ولا فرحتهم بإجراء انتخابات جديدة لفتح آمال على المستقبل، فليس فوق الطاولة، للأسف، بديل غيرك، ولا تلتفت إلى 102 مقعدا التي حصل عليها الجرار، فلا أحد يتعامل مع هذا الرقم بالجدية المطلوبة. الكل يعرف أن أعداد هذا الرقم مكتوبة على اليسار وليس على اليمين، ففي النهاية، هناك فرق شاسع بين الرقم والمعنى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس الملكي الدرس الملكي



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya