هدر الزمن الحكومي

هدر الزمن الحكومي

المغرب اليوم -

هدر الزمن الحكومي

بقلم - توفيق بو عشرين

منذ شهرين وحكومة العثماني معلقة على تعديل حكومي لم يحدث، وذلك لتعويض الوزراء الذين طردوا من الحكومة بسبب منارة المتوسط التي سقطت فوق رؤوسهم. مر القانون المالي في غياب وزراء التعليم والسكنى والصحة والتكوين المهني، في بلاد تقول إن التعليم أولوية وطنية!

لا مؤشرات تلوح على قرب تعيين وزراء جدد في قطاعات تحتاج إلى الكثير من الجهد والحزم واليقظة والمبادرة. نبيل بنعبد الله وامحند العنصر أزالا عن كاهليهما المسؤولية، وألقياها على ظهر العثماني وقالا علانية: «لقد بعثنا مقترحاتنا لتعويض الوزراء إلى مكتب رئيس الحكومة»، فيما لاذ الأخير بالصمت، كما هي عادته في ما يخص القضايا الساخنة أو الحساسة.

بدأت لعبة السيناريوهات تتناسل لحكومة هجينة وضعيفة أصلا حول أسباب تأخر عملية ترميم البيت الحكومي، وحول كلفة هدر الزمن الحكومي، وتعطيل الإصلاحات الضرورية في قطاعات استراتيجية… هل الأمر يتعلق بإعادة توزيع «الكارطا»، ونزع حقائب وزارية جديدة من البيجيدي، بعدما صار بلا أظافر ولا أسنان، وبعدما خرج ضعيفا من المؤتمر الثامن أم أن الأمر كله مرتبط بالزمن السياسي المغربي الذي يمشي بسرعة السلحفاة؟

الكل كان يربط بين حسم مصير بنكيران في الحزب وتوقيت إجراء التعديل أو التخلي نهائيا عن خدمات الطبيب النفسي في حالة عدم صعوده إلى كرسي الأمين العام لحزب المصباح، وها هو بنكيران جالس في بيته دون أي مهمة في الحزب منذ أسبوعين، وها هو الدكتور العثماني يدير الحزب رفقة «شلة وزرائه» في الأمانة العامة، لكنه عاجز عن حمل الهاتف ومكالمة رئيس الدولة لتسريع تعيين الوزراء، وإخراج الحكومة من طابع الاستثناء إلى الوضع الطبيعي. ففي البلدان كلها، لا يستغرق تغيير وزير بوزير سوى ساعات أو أيام، في أكثر الأحوال، فالعملية غير معقدة إلى الحد الذي يجري فيه تمطيط عملية تعويض وزير بوزير لتمتد إلى أشهر، إلا إذا كانت هناك سيناريوهات أخرى تطبخ على مهل في مكان آخر…

السياسة المعاصرة تبنى على التواصل مع الرأي العام، ويكسب الفاعل السياسي قوته من قدرته على إقناع الناس وتعبئتهم وراء قراراته، لكن أن يترك باب التعديل الحكومي مفتوحا، دون منطق ولا حتى مبرر، فهذا يفتح المجال للسؤال وللشك ولتشتيت الاهتمام، ولعدم جدوى متابعة الناس للحكومة والسياسة العامة في البلد.

العثماني خرج من المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية مجروحا، ورغم حصوله ديمقراطيا على الأمانة العامة لحزب المصباح، فإنه يعرف، كما يعرف أصدقاؤه، أن الأمانة العامة شيء، والزعامة شيء آخر، وأن الأمين العام الجديد محتاج، على وجه الاستعجال، إلى «شرعية إنجاز» في الحكومة، لتعويض النقص في الشرعية السياسية لأمين عام صعد إلى رئاسة الحزب بـ1,8 % من الفارق بينه وبين وجه مغمور في الحزب، هو إدريس الأزمي، لكن أصدقاء العثماني، قبل خصومه، لا يساعدونه أبدا على الجلوس مرتاحا على كرسي رئاسة الحكومة، وعوض أن يبقى سعد الدين العثماني مشغولا بمناوئيه داخل الحزب، وبالصحافة التي تتابع عمله، وتنتقد مواطن الضعف في حكومته لأن ذلك يدخل في صميم مهامها، عليه أن يركز مع محاوريه في الدولة للحصول على مساحة كبيرة للحركة، وعلى بعض «التقدير» لمهمته وللمهام الموضوعة على كاهله، وعلى التحديات التي تهدد مهمته في الحكومة والحزب معا في زمن «الجفاف» وقلة الشغل، وانتشار رقعة الإحباط، وغياب وسطاء بين الدولة والمجتمع… هنا يجب أن يشتغل الطبيب النفسي وأن يعيد التفاوض حول طريقة الاشتغال ومستوى التواصل بينه وبين القصر، فالتوافق مع السلطة وسيلة لتسريع وتيرة الإصلاحات، ونوع من الزيت في المحرك، وليس التوافق هدفا بحد ذاته، ولا الليونة طريقا قصيرا للاستمرار في المنصب ولو على حساب المصلحة العامة، وعلى حساب التجربة الهشة للديمقراطية المغربية التي تئن اليوم تحت وقع عودة حليمة إلى عاداتها القديمة.

يقول مثل إنجليزي «الخوف أغرق من البشر أكثر مما فعلت مياه البحار».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدر الزمن الحكومي هدر الزمن الحكومي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya