محظيات لا أحزاب

محظيات لا أحزاب

المغرب اليوم -

محظيات لا أحزاب

بقلم - توفيق بو عشرين

كل رؤساء الأحزاب السياسية، باستثناء  عبد الإله بنكيران، أثنوا على الخطاب الملكي، ونوهوا بمضامينه، وثمنوا توجيهاته، وقالوا «آمين»، وكأن الملك انتقد أحزابا توجد في القمر وليس في المغرب، وكأن خطاب العرش الثامن عشر منح أوسمة فخر للأحزاب السياسية، ولم يعرضها للنقد الشديد، وحتى للاتهام بالخيانة العظمى، فعلى من يضحك هؤلاء، على أنفسهم، أم على الشعب، أم على البلد؟

وحده بنكيران علق على الخطاب قائلا: «ليس لدي تعليق، والعادة أننا لا نعلق على خطاب الملك»، أما باقي أصحاب الدكاكين السياسية، فإنهم تصرفوا وكأن خطاب العرش لا يعنيهم، لا من قريب ولا من بعيد، وهذا أمر فيه قدر من الحقيقة المرة. أغلبية الأحزاب السياسية لا تتصرف كأحزاب سياسية، بل كأدوات في خدمة السلطة، تقول لها تكلمي فتتكلم، وتقول لها اصمتي فتصمت، وتقول لها ادخلي إلى الحكومة فتدخل، وتقول لها اخرجي إلى المعارضة فتخرج، وتقول لها تحالفي مع هذا فتتحالف، ويقال لها ابتعدي عن هذا فتبتعد. يقال لها صوتي على هذا القانون فتصوت، ويقال لها عارضي هذا القانون فتعارض.

يقال لها بايعي هذا الزعيم فتبايع، ويقال لها تمردي على هذا الأمين العام فتتمرد… إنها كائنات سياسية تفتقر إلى الاستقلالية والإرادة والشخصية السياسية، وتعتبر الحقل السياسي مجرد مسرحية، والوزارة منصبا بلا وظيفة، والبرلمان مقعدا بلا دور، والحضور في المؤسسات «كاميرا خفية». منذ نشأتها، أو منذ تحولها، وهي تعيش هذا الدور، وتتصرف وفق التعليمات أو الإشارات، فكيف تحملونها اليوم ما لا طاقة لها به؟ وكيف تطلبون من عبد كبر في القيد أن يتحرر، وأن يقرر في شأنه بمحض إرادته؟ هذه ليست أحزابا.. إنها محظيات دورها الخدمة لا المشاركة، وظيفتها إشاعة جو من المتعة ثم المرور إلى أشياء أخرى، لذلك لم تهتز لها قصبة وهي ترى الملك يقرعها وينتقدها ويعري حقيقتها أمام الناس، فهي لم تصدم لأنها لم تصدق ولو مرة واحدة أنها أحزاب سياسية، وأنها تعبر عن اختيارات شعبية، وعن مشاريع مجتمعية، وعن خط فكري أو إيديولوجي.

إنها أحزاب من طينة خاصة.. إنها تكايا في مجلس البلاط، ودراويش في زاوية الشيخ، لذلك فإنها لم تحزن ولم تبكِ ولم تجزع لخطاب عرش أسقط عن عوراتها أوراق التوت، ببساطة، لأنها كانت ولاتزال وستبقى وفية لدورها، منسجمة مع نفسها، مخلصة لعقد ولادتها، فهي، منذ اليوم الأول، لم تدع أنها حرة ولا مستقلة، ولم تتبجح بتمثيل الشعب، ولم تعد أحدا بحلول لمشاكله. إنها موجودة لتعيش لا لتغير العالم، لتأكل من مائدة السلطة، لا لتزرع القمح والشعير والحنطة في حقول المغرب المسيجة، لذلك، من الظلم أن تطالبوها اليوم بفك القيد عن رجليها، أو بفك الأغلال عن عقلها، أو بتحرير لسانها.. إنها جزء من الديكور، وإذا لم تعد تعجبكم فكسروها، أو بيعوها، أو أنزلوها إلى القبو حيث توجد الأشياء المتخلى عنها، لكن لا تطالبوها بأن تتغير.

كان مشهدا حافلا بالمتناقضات.. أن يمثل رجال السلطة، من  ولاة وعمال وقياد وباشوات، مصحوبين بممثلي السكان في المجالس البلدية والقروية، والجميع في جلابيب بيضاء يركعون أمام سيارة الملك، في حفل البيعة وهم يرددون: «الله يبارك في عمر سيدي»، فيرد عليهم قائد المشور باسم الملك: «الله يعاونكم گاليكم سيدي، الله يرضي عليكم گاليكم سيدي، تلقو الخير گاليكم سيدي». هؤلاء الذين جاؤوا يجددون البيعة والولاء هم أنفسهم الذين قال الملك إنه لم يعد يثق في جلهم، وإنهم في واد ومصالح المواطنين في واد آخر، وإن سلوكهم هذا يقترب من الخيانة للوطن… بدون تعليق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محظيات لا أحزاب محظيات لا أحزاب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya