بنكيران يقدم عرضا سياسيا جديدا

بنكيران يقدم عرضا سياسيا جديدا

المغرب اليوم -

بنكيران يقدم عرضا سياسيا جديدا

بقلم - توفيق بو عشرين

تكشف الخرجات الجديدة لزعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، أن الرجل تجاوز صدمة إبعاده عن رئاسة الحكومة بعد خمسة أشهر من «التجرجير»، وأبعد عن رأسه فكرة الاعتزال السياسي، ولزوم البيت في انتظار ملك الموت، وتجاوز عقدة الولاية الثالثة إذا رغب مناضلو الحزب في منحه إياها، مادامت شعبيته كبيرة في المجتمع وفي دواليب المصباح، بل، أكثر من هذا، بنكيران يقدم اليوم عرضا سياسيا جديدا لمواصلة مشروعه الإصلاحي، بعدما فشل العرض السياسي الأول الذي كان قائما على أربع ركائز: أولاها، كسب ثقة القصر، والتعاون مع الجالس على العرش دون قيد أو شرط.

وثانيتها، الاشتغال ضمن الدستور القائم، ولو بتأويل غير ديمقراطي للوثيقة الأسمى في البلاد. وثالثا، وضع الحزب في خدمة الدولة، ولو على حساب استقلالية القرار الحزبي. ورابعا، الرهان على صندوق الاقتراع لتقوية حضور الحزب في البرلمان والحكومة، ومن ثم، المرور التدريجي من الإصلاحات الصغيرة إلى الإصلاحات المهيكلة للدولة… هذا العرض امتد من 2011 إلى مارس 2017، تاريخ إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة، وتعيين العثماني خلفا له. هذا الحدث لم يكن نهاية بنكيران فقط، بل كان نهاية لمشروعه الذي فشل في وضع عربة البلاد على سكة التحول الديمقراطي، كما فشل قبل ذلك عبد الرحمان اليوسفي في تحقيق أهداف التناوب التوافقي، وخرج في محاضرته الشهيرة ببروكسيل لينعى مشروعه الإصلاحي، ويبتعد نهائيا عن السياسة والسياسيين.

بنكيران اليوم يرجع بعرض سياسي جديد قائم على مرتكزات أولية يمكن تلمسها بين كلماته وجمله وشعاراته ورسائله:

1- الرجوع إلى مطلب تعديل الدستور الذي اشتغل في ظله رئيسا للحكومة لمدة خمس سنوات، ووقف ليس فقط على طبيعة نصه الملتبس ومتداخل الصلاحيات، بل وكذلك على شكل تطبيقه، حيث امتص التأويل الرئاسي الطابع البرلماني لهذه الوثيقة، التي تشكل تعاقدا سياسيا لتجاوز الربيع الديمقراطي، لذلك، قال بنكيران، بأسلوبه الخاص في فاس وأمام الآلاف من شبيبة حزبه: «إذا اقتضى الأمر مراجعة الدستور فلنفعل، حتى نعرف شكون المسؤول على شنو، ومن يتكلم مع من.. ولتوضيح الضبابية التي يعرفها المشهد السياسي». كلام واضح، ورجوع بنكيران إلى فكرة التعاقد المكتوب عِوَض الشفوي، والرهان على أريحية الدولة في تطبيق الدستور.

2- العرض السياسي الجديد لبنكيران قائم على احترام الدولة الكامل لاستقلالية القرار الحزبي، وحرية المؤسسة الحزبية في تحالفاتها واختياراتها وتدبير شؤونها وصعود ونزول نخبها، وعدم التسامح في هذا الباب الذي فتح على المؤسسات الحزبية باب الجحيم، لذلك شبه بنكيران الأحزاب الفاقدة لاستقلاليتها بالعبيد، واستغل فرصة الوقوف على منصة ملتقى شبيبة المصباح ليعتذر إلى حزب الاستقلال، لأن بنكيران تخلى عنه في مشاورات تشكيل الحكومة، رغم أنه الحزب الأقرب إلى المصباح… بنكيران يحاول إصلاح أخطائه القديمة التي فتحت المجال للتحكم في كل الأحزاب والتدخل في شؤونها، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الذي يعيش على وقع أزمة غير مسبوقة اليوم.

3- عودة بنكيران إلى استعمال قاموس العفاريت والتماسيح، ودعوته إلى فتح تحقيق في جريمة البلوكاج السياسي، ومسيرة «ولد زروال» في الدار البيضاء تعنيان شيئا واحدا.. أن العرض السياسي الجديد لبنكيران لن يتساهل مع «الدولة العميقة»، ومع ظاهرة ازدواجية السلطة التي كان ينتقدها من قبل، لكنه كان يتعايش معها. الآن لسان حاله يقول: «لا سلام ولا استسلام مع هذه العفاريت التي تضرب وتختفي تحت الأرض». إن رئيس الحكومة السابق يعيد تصحيح اختلالات المنهجية التي اعتمدها حتى وصلت به وبالبلاد إلى الحالة التي نعيشها اليوم.

4- العرض السياسي الجديد، الذي يتوضح شيئا فشيئا لدى بنكيران، يحتل فيه الشعب المكانة الأولى، لذلك قال بحماس كبير في فاس: «لقد خرجت مرفوع الرأس، والمغاربة يحيونني أينما حللت وارتحلت، وإذا بقي هذا الحزب على الطريق نفسه فإنه سينتصر، وسيرجع الناس للتصويت له، لأن السياسة هي المعقول والبعد عن التخلويض». إنها دعوة صريحة إلى الاحتكام إلى الشعب وإلى قيم النزاهة والمعقول لتخليق العمل السياسي. هذا الأمر ليس جديدا عند بنكيران، لكن ترتيب أولوياته هو الجديد. لقد كان بنكيران دائما يضرب حسابا أكبر للدولة مقارنة بالشعب، وحاول أن يرضي الاثنين، لكن المفارقة أن الدولة التي خدمها تخلت عنه، والشعب الذي ضغط عليه وأرهق بعض فئاته، بسبب قرارات صعبة اتخذها أيام كان رئيسا للحكومة.. هذا الشعب هو الذي تشبث به وأعطاه المرتبة الأولى في انتخابات 2015 و2016، ولم يبلع عملية إزاحته عن رئاسة الحكومة حتى وإن قبل بها حزبه.

5- بنكيران مازال مؤمنا بالملكية، وبدور الملك في الإصلاحات العميقة للدولة، لكن الذي تغير عنده، بعد تجربة قاسية كان فيها أمام فوهة المدفع، هو منسوب الصراحة في التعاطي مع العرش، حيث قال لمناضلي الحزب بالرباط: «إن انتقاد سياسات الملك ليس مسألة محرمة، لكن بأدب واحترام»، وهذا تغير كبير في موقف بنكيران الذي رجع للتشبث بمقولة: «من يحب الملك عليه أن يقول له الحقيقة»، ومادام الملك فاعلا في القرار العمومي، فإنه معرض لقانون الخطأ والصواب ككل البشر، وهذا أمر يجب أن يناقش بعيدا عن أجواء التوتر التي طبعت علاقة الأحزاب الوطنية بالحسن الثاني، الذي كان يحرم نقد سياساته لأنه لم يكن محل إجماع واسع عكس ابنه اليوم.

بنكيران عاد لترتيب أوراقه، ومراجعة أخطائه، واستخلاص الدروس من ماضيه، وهذا معناه أن داخل رأسه عقلا يفكر بعيدا عن الخوف والطمع، فهل يعطيه إخوانه فرصة جديدة لقيادة حزب هو الآن في مركز الحياة السياسية، مادامت بقية الأحزاب خاوية على عروشها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران يقدم عرضا سياسيا جديدا بنكيران يقدم عرضا سياسيا جديدا



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya