المحاكمة

المحاكمة

المغرب اليوم -

المحاكمة

بقلم : توفيق بو عشرين

دخل ناصر الزفزافي الى قاعة المحكمة الابتدائية في الحسيمة رافعا شارة النصر امام كاميرات الصحافة ومئات المحامين الذين تطوعوا للدفاع عنه، وعن شباب الريف الذين اعتقلوا بعد سبعة اشهر من النضال في الشارع. دخل قائد حراك الريف الى قفص الاتهام بعد ان ظل لاشهر يحاكم سياسة الدولة في الريف، وبدأت اطوار جلسات المحاكمة باستجواب المتهم، الذي قدم للمحكمة في حالة اعتقال …لنتابع
القاضي : ما سمك وماهو عمرك واين ولدت وماذا تعمل قبل القاء القبض عليك؟

الزفزافي : اسمي ناصر الزفزافي، وعمري 39 سنة ،ولدت في حي شعبي اسمه الميناء بالحسيمة، وانحدر من قبيلة ايت ورياغل، وأجدادي كانوا يقاومون مع مولاي امحند (محمد بن عبد الكريم الخطابي) رضي الله عنه وأرضاه ، لم اكمل تعليمي في المدرسة العمومي ، وخرجت من السنة الثاني ثانوي لأبحث عن الرزق الذي لم اعثر عليه الى الان …عملت في مهن كثيرة كحارس في شركة امن خاصة، بثمن استحيي ان اذكره امامكم، وعملت في القطاع الفلاحي، اما اخر عمل قمت به فهو اصلاح الهواتف في دكان صغير اقفلته مصالح الضريبة التي لم اكن قادرا على تسديدها، اما الان فانا حارس حراك الريف المقدس، وحارس احلام الريفيين …

القاضي : لا تخرج عن الموضوع انت امام محكمة ولست في تجمع خطابي، متى بدات تخرج في تظاهرات واحتجاجات الحسيمة ؟

الزفزافي : منذ فتحت عيني على التهميش والحگرة والعزلة التي عاش فيها جدي وابي وكتبت لي من بعدهم ، كنت أصور فيديوهات على اليوتوب قبل استشهاد محسن فكري رحمه الله ادعوا الريفيين للخروج الى الشارع، ولرفض الظلم والفساد وألاعيب الدكاكين السياسية، لكن بعد الحدث الكبير الذي هزم الحسيمة يوم 28 اكتوبر 2016 وبعد طحن محسن فكري في شاحنة ازبال تفرغت للنضال السلمي في الشارع الى ان قررت الدولة المخزنية اعتقالي، وها انا امامكم يا سيد القاضي .
القاضي : هل لديك انتماء سياسي ؟

الزفزافي : اعوذ بالله، لقد نفرت باكرا من الاحزاب السياسية التي تتلاعب بآمال الناس وتبيع لهم الوهم وتقبض الثمن في البرلمان والحكومة والامتيازات ووتواطؤ مع الفساد والاستبداد … اما بعد ان خرجوا يتهمون حراك الريف المقدس بالانفصال والعمالة للخارج، فقد كفرت بكل الدكاكين السياسية، ورفضت الجلوس معها للحوار، هذه ليست احزاب انها كائنات طفيلية تعيش في بركة آسنة ، وليس من مصلحتها ان يمسك المواطنون بملفهم المطلبي ويخرجوا لإشهاره في وجه النظام بلا زواق وبلا مكياج بلا خوف ..

القاضي : هل انت هو قائد ما يسمى بحراك الريف ؟

الزفزافي : الحراك ليس له قائد، الحراك وعي شعبي تلقائي نبت في الريف على ضفاف سياسة عمرها اكثر من 60 سنة ، ولم تنتبه له الدولة، ولا اعارته اهتمامها، وامام هذا الوضع الذي لم يعد يُطاق خرج المواطنون الى الشارع لإسماع صوتهم الى الدولة سلميا وحضاريا، ويكفي ان ترجع محكمتكم الى اشرطة الفيديو على اليوتوب لترى شباب الريف يحرسون الممتلكات العمومية، ويشكلون سلاسل بشرية لحماية سيارات الشرطة التي جاءت لقمع الحراك، منذ اليوم الاول الى الان ونحن نردد شعار ( سلمية سلمية لا حجرة لا جنوية ) اما بعد اعتقال رموز الحراك فنحن لسنا مسوولين عما يجري …

القاضي : لكن لوحظ انك كنت تتحرك بحراسة شخصية وبمجموعة من الشبان يحيطون بك ؟

الزفزافي : سيدي القاضي قبل اشهر تعرضت لاعتداء بالسلاح الابيض فقرر أصدقائي توفير الحماية لي ،لكن ما يحيط بي حقيقة هو حب الناس وتقديرهم لما أقوم به للدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، هل رايت كم من تظاهرة خرجت في اكثر من 30 مدينة وعمالة واقليم في المغرب تردد شعار (كلنا الزفزافي) هذا عنوان لالتفاف كل المغاربة حول حراك الريف لانه اجتماعي واقتصادي وحقوقي وثقافي وسلمي ومشروع وليس انفصالي ولا عميل لأية جهة …

القاضي : طيلة الخطب التي كنت تلقيها في عامة الناس كنت تهاجم مسؤولي الدولة وتنعتهم بأوصاف قدحية، واتهامات ثقيلة، هل تعتبر ان هذا جزء من مطالبكم الاجتماعية ؟

هنا يتدخل دفاع الزفزافي ويعترض على هذا السؤال الموجه الى الزفزافي، بدعوى انه خارج الموضوع، ولم يتقدم اي مسوول بدعوى القذف او السب في حق الزفزافي ومن ثم فان المحكمة ليس من صلاحيتها ان تنوب عن المسوولين في توجيه اتهامات جديدة الى الماثل امامها بتهم محددة …

الزفزافي : مع احترامي لكلام الدفاع فاني مع ذلك لا اهرب من الجواب على سؤال السيد القاضي، انا حملت شعار مولاي محند الذي قال لحكومة عصره هل انتم حكومة ام عصابة ؟ هذا جزء من حرية التعبير، ثم ماذا تسمي ياسيدي القاضي النهب الذي طال عدة مشاريع في الحسيمة دشنت امام انظار الملك ولم تَر النور الى يومنا هذا ، وماذا تسمي مستشفى السرطان الذي أقفل بعد تدشينه في منطقة تسجل اعلى نسبة للاصابة بالمرض الملعون ؟ وماذا تسمي السياسات الاجتماعية التي تنتج البطالة والفقر والتهميش والذل كل يوم في الريف ،وفي باقي المدن الاخرى

القاضي : المحكمة لا تسأل هنا انت تجيب على أسئلتها ولا يحق لك ان تسألها ؟

الزفزافي : انا لا أسال المحكمة انا أسائل سياسات عمومية، ودولة ،واحزاب، ونخب وعقلية متحكمة في الاجهزة ، اعذرني ياسيدي القاضي فانا لم أتعود المثول امام المحاكم وكل مرة كنت امر من امام بنايات المحاكم اسال نفسي المحكمة هاهي والعدالة اين هي ؟ ..

القاضي : ماهي مطالبكم من وراء هذا الحراك ؟

الزفزافي : مطالب بسيطة جدا، نريد طريقا يعبره فوقه الامل، ومستشفى يصلنا بالعلاج والدواء، وجامعة تنير عقول ابنائنا، وعمل يشغل السواعد العاطلة ، وكرامة تنجينا من الذل امام ابواب الادارة ، وعدالة تتعامل بالقسط والميزان ، ومساكن تقينا حر الصيف وبرد الشفاء …نزيد حصتنا من الوطن وخيراته، نريد كليو سردين بسبعة دراهم هل هذا كثير علينا …

هنا ضجت المحكمة بالضحك حتى ان ممثل النيابة العامة لم يخفي بدوره ابتسامة صغيرة هربت من وجهه العابس، حيث تذكر الحضور وعيد الزفزافي للحكومة بمحاصرة الميناء في حالة ما اذا تجاوز ثمن السردين سبعة دراهم للكيلو…

هنا رفع القاضي الجلسة واعطى للزفزافي موعدا قريبا لاستئناف محاكمته التي ينتظرها الكثيرون، ليواصلوا الاستماع الى الزفزافي الذي يحاكم سياسة دولة في منطقة حساسة تاريخيا وجغرافيا، الى اللقاء في اطوار المحاكمة الفعلية اما هذه فهي متخيلة لكنه خيال لا يبتعد عن مفردات الواقع …يتبع 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحاكمة المحاكمة



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya