عيد بلا عيد

عيد بلا عيد

المغرب اليوم -

عيد بلا عيد

بقلم - توفيق بو عشرين

ألم يكن من الحكمة توقير رؤوس المتظاهرين وحقن الدماء يوم العيد؟ ألم يكن من المناسب غض الطرف عن تظاهرات الحسيمة يوم العيد، وترك المواطنين يعبرون عن غضبهم من اعتقال شباب الحراك، مادامت احتجاجاتهم سلمية ولا تعتدي على الممتلكات العامة والخاصة ؟

الذين أعطوا الضوء الأخضر لرجال الأمن ليتصدوا، بقوة وعنف، للمتظاهرين في يوم يحمل رمزية خاصة دينيا واجتماعيا، لا يفهمون شيئا في سيكولوجية الجماهير، ولا في ثقافتهم وأعرافهم وتقاليدهم، خاصة والحراك بلغ ثمانية أشهر الآن، والمنطقة تستعد لاستقبال ما لا يقل عن 200 ألف من (دياسبورا الريف) سيلتحقون بإخوانهم في الشارع المشتعل، وليس على شواطئ كيمادو المنعشة بالحسيمة.

العصي التي نزلت على رؤوس الشباب والشابات في الحسيمة يوم العيد أفسدت الفرحة على كل المغاربة الذين ظلوا طوال اليوم يتابعون أحداث الريف دقيقة بدقيقة، وعبر نقل حي مباشر بتقنية live على الفايسبوك، وبعدها بتداول الفيديوهات على “الواتساب” والمواقع الالكترونية..العصي التي تحركت يوم الاثنين، لم تصب فقط عشرات الشباب بجروح متفاوتة، بل أصابت أيضا رأس حكومة العثماني، وأتت على ما بقي فيها من أماكن سليمة، وهي قليلة على كل حال، والذي يطل على مواقع التواصل الاجتماعي يفاجأ من حجم السخرية التي طالت حكومة الدكتور النفسي، ووزيره في حقوق الإنسان الذي لاذ بصمت القبور في وزارة قال عنها إنها تتدخل في كل شيء !

ارتباك دولة … هذا هو العنوان الأقرب إلى الحقيقة حول طريقة تعامل السلطات مع حراك الريف، فمرة يتم تجريم الحراك بدعوى أنه انفصالي الهوى، ومرة يجري الاعتراف بمشروعية مطالبه وطهارة شبابه، ومرة تتسامح السلطة مع التظاهرات وتخلي لها السبيل للتعبير عن غضبها، ومرة تمر الدولة للاعتقالات الواسعة والأحكام القاسية، ومرة تحاور الدولة المحتجين، وتبعث لهم ورزاءها إلى عين المكان، ومرة تشيطن الحراك …هذه التناقضات، تدل على أن الدولة حائرة، ولا تعرف كيف تتعامل مع الأزمة التي تكبر كل يوم، فإذا كان الملك قد شكل لجنة للتحقيق في أسباب تأخير مشاريع منارة المتوسط، وعاقب وزراءه بحرمانهم من العطلة السنوية، فهذا معناه أن الجالس على العرش يقر بمشروعية الاحتجاجات، ويتفهم خروج الناس للشارع لإسماع صوتهم لمن يعنيهم الأمر، إذن لماذا يواجه الأمن المحتجين بالهراوات والعصي والرفس والركل أمام أعين الكاميرات التي تنقل مشاهد مؤلمة إلى كل العالم الذي يتابع ما يجري في شمال المملكة. حيرة الدولة هذه، وارتباكها، مردهما إلى غياب فهم دقيق للأزمة الحاصلة في الريف، وغياب الفهم الصحيح لما يجري على الأرض، راجع لغياب المعلومات الدقيقة عن حقيقة ما يقع في الميدان، وهذا الغياب راجع بدوره إلى نمط الإدارة المتبع في جل الملفات التي يحتكر معلوماتها وتفاصيلها عدد قليل من الأشخاص في دائرة القرار الضيقة جدا، والتي تحرم نفسها من تعدد مصادر المعلومات، والتحليلات، ومن تعدد مصادر الاستشارات والآراء، ومن غياب إطارات سياسية ومؤسساتية لإدارة الأزمات، حيث يسود التدبير الفردي وأحيانا المزاجي، وهذا ما يعطي تناقضات بلا حصر في سلوك أصحاب القرار، وفي الصورة التي تعطى للرأي العام عن دولتهم وعن نمط حكمهم.

عندما انفض الاجتماع الوزاري، يوم الأحد، دون اتخاذ أية مبادرة لحل أزمة الريف، التي تكبر مثل كرة ثلج تنزل من أعلى الجبل، كان متوقعا أن تتحرك العصي في أجساد المتظاهرين، لأن المقاربة الأمنية هي التي انتصرت في نهاية المطاف، فعندما تغيب السياسة يحضر الأمن والعكس صحيح. فإذا كان إهمال الدولة، الذي دام ستة أشهر، لم يوقف الحراك، وإذا كان الوفد الوزاري الذي زار الحسيمة لم يوقف الحراك ، وإذا كان التخوين وحملات “العياشة” الكبار والصغار لم توقف الحراك، وإذا كانت الاعتقالات الواسعة لرموز الحراك لم توقف الاحتجاجات، وإذا كانت أحكام السجن لم توقف الحراك، فهل سيخاف الناس من العصي فوق الرؤوس ويدخلوا (سوق رأسهم)؟! أشك في ذلك…الأيام بيننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد بلا عيد عيد بلا عيد



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya