رئيس نعم لكن على من…

رئيس نعم لكن على من…

المغرب اليوم -

رئيس نعم لكن على من…

بقلم - توفيق بو عشرين

يوم الاثنين الماضي، أصدر وزير الداخلية قرارا بمنع تظاهرة 20 يوليوز في الحسيمة، ويوم الثلاثاء اجتمع قادة الأغلبية، برئاسة الدكتور العثماني رئيس الحكومة، وأعلنوا مساندتهم قرار المنع بناء على ما جاء من حيثيات في قرار الداخلية، التي تريد أن تلخص أزمة كبيرة، عمرها ثمانية أشهر وزيادة، في إجراء قانوني شكلي يتعلق بطلب التصريح القبلي للمسيرة. لو كان في البلاد قانون وسياسة ومؤسسات وتمثيلية وشيء من المعقول، لما خرج آلاف الناس إلى الشارع لعرض دفتر مطالبهم على رؤوس الأشهاد، ولوضعوا أملهم في حكومة أو وزير أو جهة أو مجلس بلدي… لكن كل هذا في حكم المعطل الآن، فلم يجد المواطنون من حل للضغط على الدولة سوى باستعمال سلاح الشارع لإسماع صوتهم، وبعدما تظاهروا سلميا، جاءت الدولة واعتقلت كل رؤوس الحراك ووضعتهم في السجن، وشوهت سمعتهم، ووزعت أشرطة زعيمهم شبه عارٍ، وبعد ذلك خرجت إلى وسائل الإعلام تعطيهم دروسا في قانون الحريات العامة.

عندما اغتيل أنور السادات في مصر، يوم السادس من أكتوبر 1981، كتبت جريدة «الغارديان» البريطانية في افتتاحية عددها الصادر يوما بعد حادثة المنصة: إنها حقا جريمة فظيعة، لكن يجب على القارئ الإنجليزي أن يتذكر أن السادات، مثل أي حاكم عربي، لم يترك لمواطنيه طريقة أخرى لتغييره».

عندما تغلق الطريق أمام الماء، يبحث عن منافذ أخرى غالبا ما تكون غير متوقعة، كذلك مشاعر الناس، وغضبهم، ومعاناتهم… كان المؤمل من الحكومة أن تجعل وزارة الداخلية والأمن والدرك والقوات المساعدة تتبع سياساتها وقراراتها ومقاربتها، لا أن تتبع هي الجهاز الأمني، لكن هذا هو مبلغ رئيس الحكومة من السياسة «يتبع الحلول السهلة ولا يدقق في كلفتها».

يوم السبت وقع العثماني، بصفته رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، على بيان يندد بالاعتداء على حق التظاهر السلمي، ويوم الأربعاء وقع على بيان آخر مناقض للأول، يساند قرار وزارة الداخلية منع الحق في التظاهر السلمي باسم الأغلبية، فمن نصدق؟ إليكم هذه الفقرة الواردة في البيان الختامي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية يوم السبت، دون تصرف: «إن المجلس الوطني، إذ يستحضر التداعيات الناجمة عن الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة منذ أزيد من ثمانية أشهر، ويعتبر أن من أسبابها العميقة ما عرفه الإقليم من تدخل سافر في إرادة المواطنين وفي العملية الانتخابية وبيع الوهم للناس، ما أسهم في تراجع منسوب الثقة بين المواطنين والمجالس المنتخبة، وبينهم وبين الأحزاب السياسية؛ بناء على ذلك يؤكد المجلس الوطني أن معالجتها تقتضي اعتماد مقاربة شمولية تقوم على معالجة أسبابها والعوامل التي أنتجتها في العمق، بالاستناد إلى مقاربة سياسية تقوم، من جهة، على معالجة قضية المعتقلين، والعمل على إرجاع علاقة الثقة بين الدولة والمواطنين، وبينهم وبين المؤسسات المنتخبة، ومقاربة اجتماعية وحقوقية تقوم على الاستجابة للمطالب المشروعة، وضمان الحق في الاحتجاج السلمي في نطاق احترام مقتضيات القانون من قبل الجميع.

ويعبر المجلس الوطني، بهذه المناسبة، عن رفضه أي تجاوز يمس الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير، كما يستنكر بالقوة نفسها ما تعرض له بعض رجال الأمن من اعتداء نتجت عنه إصابات جسدية، كما يستنكر تسريب شريط مصور لمواطن في حال اعتقال بطريقة مهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية، ما يقتضي التحقيق وترتيب الجزاءات اللازمة».

ثلاثة أيام فقط بعد موافقة الدكتور على هذا البيان الصادر عن المجلس الوطني للحزب الذي يرأسه، صدر بلاغ آخر مناقض للأول عن اجتماع الأغلبية الحكومية التي يقودها الشخص نفسه… مما تقدم من تناقض نحن أمام ثلاثة احتمالات؛ إما أن الدكتور يوقع بلاغات حزبية هو غير مقتنع بمضمونها، ويفعل ذلك لتهدئة الأجواء في الحزب، وتبريد حرارة الرؤوس الحامية بإصدار بلاغات لا تساوي ثمن المداد الذي تكتب به، وإما أن العثماني غير متفق مع قرار وزير داخليته وشركائه في الحكومة، والقاضي بمنع التظاهر السلمي، ومن ثمة، فإنه يضحي بقناعته وتوجه حزبه من أجل إرضاء جهات أخرى، حفاظا على موقعه في رئاسة الحكومة، وإما أن الدكتور مصاب بداء فقدان الذاكرة، وأنه لا يمثل الحزب في الحكومة ولا يمثل الحكومة في الحزب.

أيام كان بنكيران رئيسا للحكومة كان يردد عبارة تجمع بين السخرية والجدية، فإذا خاطبه السائل في الهاتف بالقول: «مساء النور السيد رئيس الحكومة»، يرد عليه بنكيران في الحال: «آه أنا رئيس لكن على من»… ويتبعها بضحكته الشهيرة، فلا تعرف أيضحك معك أم عليك، لأنك تناديه بلقبه المكتوب في الدستور.. إذا كان هناك من لايزال يتذكر شيئا اسمه الدستور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس نعم لكن على من… رئيس نعم لكن على من…



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya