جنية الفيزازي وعفريت حنان

جنية الفيزازي وعفريت حنان

المغرب اليوم -

جنية الفيزازي وعفريت حنان

بقلم ـ توفيق بو عشرين

ذهب الشيخ الفيزازي إلى سبت كزولة، ليخرج جنيا يهوديا من جسد حنان، فتحولت هذه الشابة المثيرة إلى أكبر كابوس في حياة الشيخ السلفي… ليس في نيتي أن أدخل إلى الجانب الفضائحي في هذه القصة التي تثير لعاب الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب اجتماع الدين والجنس والجريمة في قلبها، لكن يهمني أن أقف على قضية دينية وثقافية واجتماعية في هذه القصة ولو كانت هذه الجوانب لا تثير الرأي العام، الذي يبدو متحمسا جدا لمتابعة مسلسل عودة الشيخ إلى صباه، خاصة وأن بطلي القصة من المغرمين باقتسام تفاصيل حياتهما الشخصية مع الجمهور على الفايسبوك، وهو ما يزيد النار اشتعالا كل يوم…
قال الفيزازي، الذي يحمل لقب شيخ سلفي، إنه تعرف على الشابة حنان ابنة 18 ربيعا عندما قصدته من أجل الرقية الشرعية، ومن أجل طرد جني يهودي كان يسكنها، وكل ذلك بعد أن لم ينفع رقاة آخرون سبقوه إلى حنان التي تعاني من تلبس الجني بها… مرت هذه الكلمات دون أن تثير جدلا بين هواة تتبع مغامرات الشيخ الكثيرة مع النساء تارة، ومع السلطة في رحلة رد الدين الذي في عنقه عن ماض متطرف وسيرة متنطعة مازالت تلاحقه إلى اليوم، تارة أخرى…

ملف القضية الأخلاقية بين يدي الشرطة تحقق فيه، لكن ملف انتحال صفة وممارسة مهنة منظمة اسمها الطب لن يبحث فيها أحد، لأن قطاعات واسعة من المجتمع تعترف بها وتتعاطاها الأوساط الشعبية لأسباب مادية وثقافية.

يحكي لي طبيب نفسي، أن امرأة قصدت عيادته تشكو من مرض نفسي، فعثر على آثار ضرب وحرق على جسمها، فلما سألها هل تعرضت للعنف أو التعذيب من قبل أحد أقربائك؟ قالت لا، هذه مجرد آثار استخراج الجن من جسمي على يد (فقيه)، كان يقرأ القرآن ويحاور الجن ويضربه ليخرجه من جسدي لأنه كان يعيش داخلي ويمارس الجنس معي ويحول حياتي إلى جحيم، وكلما اقترب شاب مني إلا وطرده الجني وأفسد مشاريع زواجي، فرد عليها الطبيب بأن كل ما تحكيه خرافات، وأن الجني لا يدخل جسد الإنسان، وأن ما تعرضت له من ضرب وحرق هو تعذيب يجرمه القانون، ويجب أن تخرجي من عيادتي مباشرة إلى قسم الشرطة لوضع شكاية بالفقيه (مصارع الجن)، لكن السيدة استغربت لكلام الطبيب، ولم تقتنع بتاتا أنها ضحية ممارسات متخلفة لا أصل لها في دين ولا عقل ولا منطق…

كل واحد منا يحتفظ بقصص عن حكايات تهم فقهاء ينازلون الجن في أجساد الفقراء والنساء، خاصة من قبل إسلاميين سلفيين استوردوا هذا (الفن) من الشرق، وخاصة من السعودية حيث طور الوهابيون فنون (الطب النبوي) وتوسعوا فيه وأصبحوا دكاترة يعالجون أمراضا نفسية كثيرة ومعقدة وبأساليب بدائية وخرافية، تصل إلى الضرب والحرق وإلحاق الضرر بالأجساد الممددة أمامهم. أجساد في الغالب هدها الفقر والجهل وقلة الحيلة، فسلمت نفسها لفقهاء الظلام الذين يفهمون في كل شيء، ويتعاطون لكل المهن، بدعوى أن الإسلام دين ودنيا، وأن الله تعالى قال في محكم تنزيله “وما فرطنا في الكتاب من شيء”، فأخرجوا القرآن من كونه كتاب هداية للعالمين، إلى كونه دليلا علميا في الطب والفيزياء والعلوم الطبيعية والفلاحة والنجارة، وحتى علوم البحار والفضاء، فيما سمي إعجازا علميا، وهو في الحقيقة خيال غير علمي…

تحكي النكتة التي تسخر من وجود علاقة مادية بين الجن والإنس أن رجلا حك مصباحا سحريا فخرج له عفريت ضخم يقول: “شبيك لبيك أنا بين يديك اطلب ما شئت، فأنا هنا لخدمتك”، فقال المسكين الذي يسكن براكة من قش وطين، أريد منزلا فخما ينقذني من حر الصيف وبرد الشتاء، فضحك العفريت حتى استلقى على قفاه وقال: هل تسخر مني؟ أنا نفسي لم أجد منزلا أسكن فيه، وها انت تراني أسكن في مصباح ضيق مظلم…

رغم وجود هذا الرأي في المجتمع المغربي الذي يأخذ مسافة معقولة مع كل تفكير خرافي، ينصب جسورا مادية بين عالم الإنس والجن، فإن جل طبقات المجتمع المغربي تؤمن للأسف بوجود أثر للجن في حياتهم، وفِي زواجهم، وفِي تجارتهم، وفيما يلحقهم من خير وشر، وهذا التفكير ناتج عن ضعف التعليم وانتشار الخرافة مع وسائل الاتصال الحديثة، وعبر الإعلام الديني الذي تغذيه القوى الميتة في العالم العربي…

جل العلماء الذين أوتوا نصيبا من الفقه والحكمة يقولون باستحالة دخول الجن إلى جسم الإنسان، وإن كل آيات القرآن التي تتحدث عن عالم الجن والشياطين مفتاحها هو قوله تعالى: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ”، وقال تعالى في كتابه الحكيم: “هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ” (سورة الشعراء).

مشكلة المغاربة اليوم مع شياطين الإنس وليس مع شياطين الجن، وعلى وزارة الأوقاف ووزارة التعليم والنيابة العامة أن يتصدوا لجيوش (فقهاء الجن)، الذين يصطادون المغفلين والفقراء والجهلة، وجلهم للأسف من النساء اللواتي ضاقت بهن الأرض بما رحبت، فصرن يطلبن الشفاء على يد شيوخ لا يطاردون الجن، بل يلهثون خلف الحسن والطراوة وللقصة بقية…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنية الفيزازي وعفريت حنان جنية الفيزازي وعفريت حنان



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya