الحاجة الحمداوية تنقذ حزب المصباح

الحاجة الحمداوية تنقذ حزب المصباح

المغرب اليوم -

الحاجة الحمداوية تنقذ حزب المصباح

بقلم : توفيق بوعشرين

ابتدأ اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أول أمس السبت، بتلاوة السورة 49 من القرآن الكريم، والتي تحمل اسم الحجرات، وفيها توجيهات أخلاقية حول إدارة الاختلاف بين المؤمنين، واجتناب سوء الظن والتنابز بالألقاب، والحث على السعي إلى الصلح بين المتقاتلين، واختتم عبد الإله بنكيران كلمته أمام برلمان الحزب بمقطع من أغنية للشيخات يقول: «خوتنا يا الاسلام هزو بِنَا لعلام زيدو بِنَا للقدام إلا خيابت دابا تزيان»… هذان المشهدان يلخصان 10 ساعات من النقاشات الحامية بين إخوان الحزب المجروح، حيث خرجت من هذا اللقاء ومن كلمة بنكيران رسائل كثيرة أهمها:

أولا: قرر قادة الحزب في الأمانة العامة أن يتركوا خلافاتهم جانبا حول طبيعة مشاركتهم في الحكومة، وحول ظروف تشكيل الأغلبية، وحول اهتزاز الثقة بينهم، في اختبار غير مسبوق في كل تاريخ الحزب والحركة، حيث أفلحت السلطة في زرع «السوسة» بينهم، بإزاحة زعيم الحزب ووضع العثماني مكانه، بدفتر تحملات بعضه ظاهر وبعضه خفي، لكن أثره واضح: «حكومة بلا أنياب ورئيس بلا كاريزما»، وقرروا التوجه إلى المستقبل والحفاظ على وحدة الحزب.

ثانيا: جل المداخلات التي تناولت نقطة تعديل النظام الأساسي للحزب، لفتح الطريق أمام بنكيران للاستمرار في قيادة المصباح، عبرت عن تأييدها لولاية ثالثة للزعيم (من أصل 31 مداخلة تناولت هذه النقطة عبر 21 متدخلا عن تأييدهم للتمديد، وعارض 10 فكرة استمرار بنكيران أمينا عاما للحزب بعد المؤتمر الثامن)، وهو الأمر الذي رد عليه بنكيران بجملة معبرة قال فيها: «اتركوا هذا الأمر إلى المؤتمر، وإذا كانت لديكم رصاصة واحدة فلا تطلقوها الآن، اتركوها للمؤتمر». 

وجود حماس كبير وسط المجلس الوطني للتمديد لبنكيران على رأس الحزب، جاء بسبب الإزاحة المذلة لزعيم الحزب من رئاسة الحكومة، حيث لم يقبل الرأي العام الحزبي هذا القرار، رغم أن جل قادة الحزب انحنوا أمامه، وجاء التشبث بالتمديد لبنكيران أيضا بسبب عجز العثماني عن ملء المقعد الذي تركه الأمين العام لحزب المصباح وراءه، حيث شكلت أزمة حراك الريف ضربة قاصمة لظهره ولظهر الرميد الذي سانده في الدخول إلى الحكومة والهروب من المعارضة، خوفا من المواجهة مع القصر وحفاظا على سلامة الحزب وأعضائه.

ثالثا: اختار قادة الحزب، وفي مقدمتهم بنكيران، طَي صفحة الخلافات بينهم حول صفقة الحكومة وما دار خلال مارس وأبريل الماضيين، عِوَض قراءة هذا الكتاب علانية أمام المناضلين، وذلك خوفا على وحدة التنظيم المهددة، لذلك اختاروا الحسم التنظيمي للخلاف على حساب الحسم السياسي، فجرى ترحيل الأزمة إلى المؤتمر، في محاولة لنسج خيوط «توافق» غير معلن، بموجبه يجري اقتسام المنصبين الأهمين: رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة؛ الأولى تبقى في يد بنكيران للحفاظ على جوهر مشروع الحزب الإصلاحي، ولإعطاء أمل للناخبين في أن الحزب لم يدجن بعد، وأن الأمل فيه مازال قائما، أما المنصب الثاني فيبقى في يد العثماني الذي يدبر إكراهات المرحلة شديدة التعقيد، على أن يساند الحزب الحكومة في الحد الأدنى، ويرفع عن وزرائها تهمة الخيانة، لذلك، من المرتقب أن يصدر تأييد خفيف للحكومة في البيان الختامي لأشغال المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (إلى حدود كتابة هذه الأسطر لم يصدر البيان الختامي).

رابعا: أظهرت أغلبية المداخلات، التي وزعت على 66 مناضلا جاؤوا من مختلف مدن وجهات المملكة، انتقادات شديدة للأداء الحكومي وللمقاربة الأمنية التي تغولت خلال الـ100 يوم الأولى من عمر الحكومة، وهو ما يهدد بالقطيعة التامة مع مسار التحول الديمقراطي، ومع المكتسبات القليلة التي تركها الربيع العربي وراءه بعد انقضاء شهوره القصيرة… حتى إن هناك من تساءل: هل نحن إزاء حل مشاكل التنظيم بين القادة على حساب مشاكل التحول الديمقراطي للبلد، أم ماذا؟

طبعا العثماني لم يرد على أي من هذه الأسئلة الصعبة والحساسة، وفضل أن يدلي بكلمة قصيرة أخلاقية في عمومها، للابتعاد عن إثارة المزيد من الخلافات، خاصة بعدما قال بنكيران، في اختلاف جوهري مع بيان المجلس الوزاري حول أزمة الريف: «إن المشكل في الحسيمة ليس في المشاريع التي تأخر إنجازها، بل المشكل يكمن في شعور الناس بالإهانة بعد إعطاء الحزب المعلوم (يقصد البام) جل مقاعد الريف، حيث باع هذا الحزب الوهم للناس، وهذا هو سبب الأحداث التي وقعت».

الخلاصة مما جرى يوم السبت تقول: إن حزب المصباح مجروح، وإن بنكيران لن يذهب إلى تقاعد مبكّر، وإن من يؤيدون استمراره في قيادة الحزب أكثر ممن يعارضونه، وإن المصباح غير راضٍ عن نوع مشاركته في حكومة العثماني، وإن الأخير غير قادر على إقناع أحد سوى الوزراء العشرة الذين يبحرون معه في سفينة بلا بوصلة، وإن الديمقراطية لم تربح حزبا في المعارضة، كما أن الدولة لم تربح حزبا في الحكومة تفعل به ما تشاء، وتغطي بظلاله عملية إعادة انتشار السلطوية في البلاد، فجل مناضلي الحزب وفريقيه البرلمانيين يتصرفون كمعارضين أكثر من موالين، وهذا الأمر سيزداد مع الأيام، ومع الأزمات، ومع الضعف البادي على العثماني وفريقه، سواء خيابت الأيام أم زيانت، على قول الحمداوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة الحمداوية تنقذ حزب المصباح الحاجة الحمداوية تنقذ حزب المصباح



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya