أول مسمار في نعش الرئيس

أول مسمار في نعش الرئيس

المغرب اليوم -

أول مسمار في نعش الرئيس

بقلم - توفيق بو عشرين

قدم مؤلف كتاب «نار وغضب» خدمة كبيرة للرأي العام في أمريكا، وفي العالم، لمعرفة شخصية حاكم البيت الأبيض، ونمط تفكيره، وطريقة اتخاذه القرار، في بلاد مازالت هي القوة الأكثر تأثيرا فوق هذه الأرض، دبلوماسيا وعسكريا واستخباراتيا، إن لم يكن اقتصاديا.

مرشح للرئاسة في أمريكا ملياردير يتبجح بثروته كل يوم، لكنه يرفض أن يصرف دولارا واحدا على حملته الانتخابية، وحتى عندما تفرغ جيوب الحملة من المال، فإنه يقرض خزينة حملته ولا يتبرع بدولار واحد. مرشح كان آخر واحد في طاقم الحملة يعتقد في إمكانية فوزه في السباق نحو البيت الأبيض، وأقصى طموحه كان، بعد نهاية الحملة الانتخابية الأطول في العالم، أن يصبح مشهورا أكثر داخل وخارج أمريكا ليجني مالا أوفر، أما ابنته إيفانكا وزوجها كوشنير فكانا يطمحان، من وراء الظهور خلف مرشح البيت الأبيض وأمام الكاميرات طوال سنة كاملة، أن يصيرا نجمين بهدف تسويق ماركات تجارية عالمية، أما زوجة ترامب ميلانيا، فبكت ليلة إعلان فوز زوجها ليس فرحا، بل رعبا من شخص مريض ستزيده السلطة مرضا وغطرسة وقوة… هذه هي أجواء الحياة الداخلية التي نقلها مؤلف كتاب «نار وغضب» نقلا عن بانون، مدير حملة ترامب وكبير الاستراتيجيين السابقين في البيت الأبيض.


 
إلى الآن ترامب وحده من هاجم الكتاب ومؤلفه مايكل وولف، وشنع على صديقه القديم ستيف بانون، المصدر الأول للكتاب، وقال تاجر العقارات دونالد ترامب عن بانون: «إنه فقد عقله عندما فقد منصبه في الإدارة الأمريكية في غشت الماضي»، لكن مؤلف الكتاب قال، أول أمس لإذاعة BBC، إنه استمع إلى شهادات أكثر من 200 شخصية من حول الرئيس، وإن أحدا منهم لم يكذِّب ما جاء في الكتاب، باستثناء المتضرر الأول منه. واعتبر وولف أن كتاب «نار وغضب» رصاصة أطلقت على ترامب ولن تبقيه في منصبه أبدا، وشبه كتابه بذلك الطفل الذي صرخ في الأسطورة المعروفة عن القيصر عندما قال: «إن القيصر يمشي عاريا» في الوقت الذي كان الجميع يعرف ذلك، لكن الخوف منع الناس من الكلام، وبدل مصارحة القيصر بعورته، كانوا يمدحون لباسه غير الموجود، حتى جاء طفل وألقى كلمته، بعدها لم يعد أحد قادرا على مجاراة النفاق الذي كان سائدا.

مؤلف كتاب «نار وغضب» لم يكشف فقط أسرار بيت رئيس مثير للجدل، ولا كواليس إدارة فوضوية ليس لها برنامج ولا بوصلة لإدارة الشؤون الدولية والداخلية.. الكتاب ذهب إلى التشكيك في قدرة الرئيس العقلية، متهما إياه بعدم الكفاءة والعجرفة، والجهل بالملفات المعقدة الموضوعة فوق مكتبه، وبأنه لا يقرأ التقارير التي ترسل إليه من قبل كافة مؤسسات القرار في الإدارة، وهذا ما يدفعه إلى التسرع في اتخاذ قرارات متهورة، مثل نقل سفارة واشنطن إلى القدس، دون حساب التداعيات التي سيخلفها، ومثل الاتصال بالروس أثناء الحملة الانتخابية وفي عز الأزمة مع إدارة باراك أوباما، ومثل منع مواطني تسع دول من دخول أمريكا دفعة واحدة، وغيرها من القرارات التي يعجز العقل السياسي والدبلوماسي عن فهمها.

من خلال عشرات المقابلات التي أجراها وولف، واعتمد عليها لنسج خيوط الرواية الأكثر خطورة على رأس ترامب، نجد تفاصيل تخص العالم العربي والشرق الأوسط، ومنها العلاقات السعودية الأمريكية التي كانت علاقات تحالف استراتيجي، فأصبحت علاقات تجارية قصيرة المدى، ومنها أن الرئيس الشعبوي في البيت الأبيض لا يرى في كل المنطقة العربية والإسلامية سوى أربع قوى وهي: إسرائيل والسعودية ومصر وإيران، وأنه على القوى الثلاث الأولى، حسب اعتقاده، أن تتحالف مع بعضها ضد القوة الرابعة، وفي المقابل على أمريكا أن تبحث عن مصالحها، وأن تجبر الإمارات النفطية على دفع مقابل مادي مجزٍ لواشنطن مقابل الحماية.. الباقي لا يهم… فلسطين لا مانع من تصفيتها على الطريقة التالية: رام الله تأخذها الأردن، وغزة تعود لمصر، ودع الجميع يتحملون مسؤولياتهم.. إن نجحوا نجحنا، وإن غرقوا، يغرقون لوحدهم. المهم هو الصفقات الناجحة، وتوفير فرص العمل في الداخل، وتقليل مصروفات أمريكا على الأمم المتحدة ووكالاتها، ولا تعيدوا على أسماع ترامب الحديث عن القانون الدولي أو الأمم المتحدة أو حقوق الإنسان، أو ما يقوله الحلفاء الأوروبيون.

ترامب لا يتعب نفسه في البحث عن حلول للمشاكل، ولا عن استراتيجيات جديدة، هو فقط يفتح دولاب الحرب الباردة، ويستخرج منها الخطط القديمة التي كانت تعطي أمريكا الريادة في الستينات والسبعينات والثمانينات، ومن ذلك أن القوى حول العالم ثلاث: واحدة يمكن التعامل معها، والقوى التي لا يمكن التعامل معها، والقوى التي يمكن التضحية بها لأنها لا تملك مقومات اللاعب الرئيس.

يوم صدر كتاب «حروب بوش»، للصحافي الأمريكي بوب ودورد، علق الناطق الرسمي للبيت الأبيض على ما جاء في الكتاب من أسرار وخبايا بالقول: «كتب بوب ودورد مثل قطعة سكر حلوة، لكنها سرعان ما تذوب في كأس ماء حار. لنمر إلى أسئلة أخرى». كتاب «نار وغضب» مر إلى درجة يصعب فيها بلعه أو غض الطرف عنه. إنه أول وثيقة في ملف الإطاحة بترامب إن لم يكن قانونيا، فأخلاقيا على أقل تقدير. قد تخطئ أمريكا في انتخاب رئيس، لكنها لا تتقاعس في إقالة أحمق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول مسمار في نعش الرئيس أول مسمار في نعش الرئيس



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya