الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار

الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار

المغرب اليوم -

الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار

بقلم ـ توفيق بو عشرين

سؤال واحد يتردد وسط حزب العدالة والتنمية وخارجه، هل سيمدد مؤتمر دجنبر لبنكيران، أم سيذهب الزعيم المجروح إلى بيته؟ القرار الأول والأخير بيد المؤتمرين، وحزب العدالة والتنمية حزب منظم، وفيه درجة من الديمقراطية الداخلية تسمح له باستقلالية القرار، ولن يجرأ عامل أو والي أو شخصية نافذة للاتصال بالمؤتمرين ودعوتهم إلى التصويت على هذا أو ذاك، كما حصل مع أحزاب أخرى. ولم يولد بعد في حزب المصباح (تيار صحراوي أو سوسي) يتكلف بصناعة الأمناء العامين للأحزاب، وفق رغبات جهات في السلطة… لكن، وبما أن شأن الحزب شأن عام، فإن الخوض في هذا الموضوع مباح للجميع في ساحة النقاش العمومي…
الذين لا يرون ضرورة لبقاء الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية لولاية ثالثة، يقدمون عدة مبررات لذلك، وهم غالبا يتحدثون on off بلغة الصحافة، ولا يظهرون إلى العلن مباشرة، كما يفعل أنصار الولاية الثالثة، وهؤلاء المتحفظون على التمديد (لأخيهم) بنكيران، جلهم وزراء يختفون وراء رسائل «الواتساب» أو الحديث في الأذان، وبعضهم من حركة التوحيد والإصلاح التي ازداد تدخلها في شؤون الحزب هذه الأيام، حتى صارت تقرص آذان قادة الحزب في بلاغاتها الرسمية التي نسيت أو تناست حكاية التمايز في العمل بين الحزب والحركة…
الحجة الأولى والأساسية، التي يبسطها أصحاب الرأي الذي يعارض تغيير المادة 16 من القانون الداخلي للحزب، للسماح لبنكيران بالترشح لولاية ثالثة، تقول إن إعادة انتخاب بنكيران على رأس الحزب معناه اختيار المواجهة والصدام مع الدولة. علاش بالسلامة؟ لأن الدولة أزاحت بنكيران من رئاسة الحكومة وتعبت من لسانه الطويل وشعبيته الكاسحة، ولا يعقل أن نعيد نحن فرضه عليها من باب التمديد له وتغيير قوانين الحزب، هذا يتناقض مع أطروحة التوافق والانسجام والتعاون مع الملكية التي يمشي عليها الحزب منذ تأسيسه.
هذه الحجة تعتبر رأس الحربة في معركة (تيار الاستوزار) ضد بنكيران، وإذا ظنوا أنها ضربة قاضية لرئيس الحكومة السابق، فهم مخطئون. هذه حجة واهية من جهة، وحجة بليدة تسيئ إلى الدولة وإلى الحزب وإلى المغرب. من جهة أخرى، فالملك ليس له مرشح في حزب العدالة والتنمية، ولم يكلف أحدا من وزراء البيجيدي لينطق باسمه في هذه النازلة أو ليقرأ حكم الإعدام السياسي في حق بنكيران. وعلى فرض أن جهات في السلطة لا تريد لبنكيران أن يرجع إلى قيادة حزبه، فهل معنى هذا أن عشرات الآلاف من مناضلي الحزب في المغرب وخارجه سيخضعون لهذه الإرادة ويسايرون هذا الرغبة. إذا كان الأمر، كذلك، فإننا نصبح أمام مخازنية ينفذون التعليمات ولسنا أمام مناضلين مستقلين يعبرون عن إرادتهم الحرة…
ثم إذا كان حزب المصباح يمشي على هوى الدولة، فإن هذه الدولة كانت ومنذ اليوم الأول ضد وصول الحزب إلى رئاسة الحكومة، بل وضد حصول المصباح على مجرد عمادة مدينة الرباط سنة 2007، ولولا الربيع العربي، ولولا نضال القاعدة الحزبية، ولولا أصوات كتلة ناخبة مهمة لكان الحزب اليوم خارج الحكومة، بل وخارج الرهانات الكبرى للحياة السياسية.. الأحزاب ليست أدوات تقليدية لإرجاع الأنظمة السياسية إلى الوراء. الحزب آلية تحديث وعصرنة ودمقرطة في الأنظمة السياسية الحديثة، يضخ دماء جديدة وأفكارا جديدة ومشروعات جديدة في جسد الدولة، ولا يعيد إنتاج أمراضها، أليس كذلك يا إخوان؟
السبب الحقيقي الذي يدفع (تيار الاستوزار) للوقوف في وجه تغيير المادة 16 من القانون الداخلي، التي يعني تغييرها إعطاء المؤتمرين حق القرار في مستقبل بنكيران، (الذي لن يتسلم مشعل الحزب مرة أخرى دون انتخاب حر ومفتوح وتنافسي)، هو الخوف على حكومة العثماني في حالة ما إذا جرى التمديد لبنكيران، الذي لم يعط إلى الآن شرعية حزبية لهذه الحكومة التي تضم (حلفاء) متورطين في جريمة الانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع…
بنكيران له أخطاء سياسية عديدة، والذي يريد تغييره، عليه أن يقدم عرضا سياسيا ومنهجية تغيير أفضل من تلك التي اعتمدها لمدة خمس سنوات في الحكومة وثلاثة سنوات في المعارضة، منهجية جلب بها ثلاثة انتصارات كاسحة في الانتخابات سنوات 2011 و2015 و2016. أما أن تحملوه مسؤولية الصمود في وجه البلوكاج وتلصقوا به تهمة الاصطدام بالدولة، فهذا لا يجوز أخلاقيا وسياسيا. «يقول المثل: الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار».
بنكيران بريء من تهمة السعي للاصطدام مع الدولة، وبريء من تهمة تغيير نهج الحزب في التعاون مع القصر، هذا غير صحيح. مشكلة بنكيران الوحيدة أنه وضع سقفا لتنازلاته، ولم يقبل أن يبيع أصوات مليوني مواطن من أجل تشكيل حكومة (مخدومة) وأغلبية مفروضة، وأن يعيد الدخول في متاهات التفاوض حول الصلاحيات والإصلاحات مع العفاريت والتماسيح والدولة الموازية، والدليل على أن موقفه كان صائبا وتحليله كان موضوعيا، هو الوضعية التي يوجد فيها اليوم العثماني وفريقه اللذان قبلا بشروط المخزن لتشكيل الحكومة. أما قصة سعي بنكيران لإفساد التوافق مع الدولة والضعظ عليها فليس هناك دليل يسندها فبنكيران هو المنظر الأول في الحزب للتوافق مع القصر وعدم الضغظ على الدولة حتى بالوسائل المشروعة إنه عارض خروج الشباب في 20 فبراير للضغط على الدولة للقيام بإصلاحات عميقة، في حين خرج الرميد في اليوم الأول إلى شارع محمد الخامس، وخرج العثماني بعد خطاب التاسع من مارس للمشاركة في تظاهرات الشارع:
السؤال الأهم على جدول أعمال المؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية، هو أي مشروع لدى الحزب لتحقيق التنمية والديمقراطية والخروج من الورطة التي تعيشها بلاد لم يبق فيها إلا حزب واحد يتنفس بصعوبة، وحكومة لا يشعر بوجودها أحد، وبرلمان لا يقدم ولا يؤخر، ومناخ لا يبعث على التفاؤل… لقد جرب بنكيران وصفته وفشل، وجرب العثماني وصفته ولم يلتفت إليه أحد… هذا هو السؤال الذي يهم الوطن، وليس السؤال الذي يهم حزبا أو جماعة أو حركة أو فردا يريد كرسيا صغيرا بباب دار المخزن يجلس عليه إلى أن تأتي ساعته، وهي آتية لاريب فيها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار الذي يريد قتل كلبه يتهمه بالسعار



GMT 09:34 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أردوغان لا يستوعب سقوط إسطنبول!

GMT 00:02 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ثقة بين الإسلاميين والدولة في المغرب

GMT 03:29 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

أردوغان وسياسات المباغتة

GMT 05:53 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

هل يسير ابن كيران على هدى أردوغان؟

GMT 06:00 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

إسلاميو المغرب في مواجهة الشارع

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya