لا تدفعوا بنكيران إلى أن يخرج أظافره

لا تدفعوا بنكيران إلى أن يخرج أظافره

المغرب اليوم -

لا تدفعوا بنكيران إلى أن يخرج أظافره

بقلم توفيق بو عشرين

عقل الدولة مشغول بنتائج انتخابات السابع من أكتوبر، وهو يخشى اكتساحا كبيرا لحزب العدالة والتنمية قد يحمله إلى أعلى، وقد يحصل المصباح، لأسباب ذاتية وموضوعية، على الأغلبية المطلقة في مجلس النواب المقبل، أو على رقم قريب من هذا، ودليلي على وجود هذا الخوف لدى دوائر في السلطة ثلاثة مؤشرات دالة وواضحة:
المؤشر الأول: رفض وزارة الداخلية، إلى الآن، نشر الأرقام التفصيلية لانتخابات الرابع من شتنبر، فإلى الآن يرفض محمد حصاد أن يفرج عن هذه الأرقام ليعرف الجميع عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب، وأين حصل عليها، والأخبار الآتية من مقر المصباح في حي الليمون تقول إن الحزب بدأ يجمع الأرقام التي حصل عليها مندوبوه من محاضر المكاتب في العمالات والأقاليم، وقد وجد أنها تتجاوز مليونا و800 ألف صوت إلى الآن، وليس مليونا و600 ألف صوت كما سبق وأعلنت وزارة الداخلية، والرقم مرشح للازدياد، وهذا، إن صح، معناه أن العدالة والتنمية لم يكتسح في شتنبر الماضي المدن الكبرى بطريقة فاجأت الجميع فحسب، ولكنه حصل على رقم قريب من مليوني صوت، وأن خصمه اللدود قد لا يكون حصل على الأرقام المنشورة سابقا، وهو ما يعني أن استحقاقات أكتوبر شبه محسومة من الآن إن صارت الأمور دون مفاجآت.
المؤشر الثاني على وجود قلق لدى الدولة من «تسونامي» آت في ركاب العدالة والتنمية هو تخفيض العتبة الانتخابية من 6% إلى 3%، هذا في الوقت الذي كان الجميع ينتظر رفع هذه العتبة لكي نقترب من عقلنة المشهد السياسي والبرلماني، ودفع الأحزاب إلى التكتل والحد من البلقنة الحزبية. الذي وقع أنه جرى التراجع عن مكسب 2011، والعودة لإنعاش أحزاب الكارتون، وإسناد الأحزاب المصابة بوعكات تنظيمية وسياسية، وجعل القانون في خدمتها حتى لا تندثر في البرلمان المقبل.
المؤشر الثالث على وجع رأس في الدولة من الصعود الكبير للحزب الإسلامي يتمثل في التعديلات التي أدخلت على قانون اللوائح الانتخابية، وجعلت السلطات الإدارية المحلية تبسط يدها على اللوائح، وإعطاؤها حق التشطيب دون قيد أو شرط على الأسماء التي تراها غير جديرة بالتصويت، وهو ما يعني أن إمكانية التحكم في الفئة الناخبة، هنا وهناك، ستظل أداة من أدوات أخرى لتوجيه النتائج في اتجاه دون آخر.
أما المؤشر الرابع على خوف الدولة من مفاجأة يوم السابع من أكتوبر قد لا تتحملها ثقافة السلطة، فيتجلى في بداية التضييق على التجمعات الانتخابية لحزب المصباح في أكثر من مدينة مثلما رأينا في أكثر من مكان (مع الخلفي، بوليف، الرباح…)، وقد يزداد الأمر مع اقتراب الحملة الانتخابية، علاوة على إخراج ملفات أخرى إلى الإعلام، وتفجير ألغام عديدة ستوضع في طريق بنكيران حتى لا يصل سالما إلى محطة السابع من أكتوبر.
هذه الممارسات غير النظيفة لا تمس حزب بنكيران لوحده، بل تمس التجربة الديمقراطية الفتية في البلاد، وتمس ثقة الناس في الانتخابات وفي نظافة الممارسة السياسية، وهذه الانحرافات تعتبر هدايا مجانية لجماعة العدل والإحسان ولليسار الراديكالي وللجماعات المتطرفة التي لا تؤمن بالمشاركة السياسية أصلا، وتسعى إلى إدخال البلاد إلى دائرة القلاقل السياسية.
هل من حل لكي نصل إلى محطة السابع من أكتوبر بدون خسائر فادحة في عربة التجربة الديمقراطية المغربية وبدون اكتساح كبير لحزب المصباح للمشهد السياسي.. اكتساح يفوق قدرة النظام على التحمل، ويفوق صبر جل الفاعلين الحزبيين المصابين بفقر الدم الديمقراطي في عروقهم؟
نعم، الحل ممكن من الطرفين، ويبدأ بالجلوس للتفاوض على صيغة توافقية مرضية لكل الأطراف. من جهة، الدولة وأذرعها السياسية والإدارية تتوقف عن المساس بسلامة الاستشارة الانتخابية، وأن تمتنع عن وضع الألغام تحت قدمي بنكيران وحزبه، أو إنعاش الحزب المعلوم بالمنشطات، في حين يلتزم حزب العدالة والتنمية بتقليص إرادي وحر لحضوره الانتخابي مراعاة للتدرج السياسي، ومراعاة للظرف الإقليمي ولحاجة المسلسل الإصلاحي إلى توافق واسع حتى تنضج الظروف أكثر لانتخابات مفتوحة مائة في المائة، وحتى لا يخيف المصباح أطرافا كثيرة غير مستعدة الآن لزيادة السرعة في جعل الصندوق هو الفيصل بين الأحزاب وبين الدولة.
عندما تنازل بنكيران عن عتبة 6٪‏ واختار تخفيضها إلى 3٪‏، رغم أنها تضر بحزبه، فهذه إشارة إلى أنه يريد طمأنة خصومه، وعندما عقد شبه تحالف سياسي مع التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية فهذا معناه أنه يفتح الطريق لتشكيل حكومة ائتلافية بعد السابع من أكتوبر مهما كانت نتائج الانتخابات، لكن يبقى على الأطراف الأخرى أن تقدم مؤشرات مطمئنة إلى أن الدولة مشغولة بالتوازنات الكبرى للمشهد المقبل، وليس بتزوير الانتخابات للصعود بحزب نازل والنزول بحزب صاعد. إذا شعر حزب العدالة والتنمية بأنه مستهدف، كما هو حاصل الآن، فإنه سيضغط أكثر على دواسة البنزين (l’accélérateur)، وسيلجأ إلى خطاب المظلومية، وقد يدفع إلى الاكتساح الذي لا تريده القيادة، ولكنها ستضطر إليه بدافع الخوف من التلاعب في نتائج الانتخابات وطرد الحزب خارج السلطة ضدا على وزنه الانتخابي والشعبي في الشارع… عادة، إذا هاجم الإنسان قطا، فإن هذا الأخير يهرب، لكنه إذا حوصر في الزاوية الضيقة فإنه يخرج أظافره ويدافع عن نفسه بكل ما فيه من قوة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تدفعوا بنكيران إلى أن يخرج أظافره لا تدفعوا بنكيران إلى أن يخرج أظافره



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya