مهنة البحث عن المتاعب

مهنة البحث عن المتاعب

مهنة البحث عن المتاعب

المغرب اليوم -

مهنة البحث عن المتاعب

توفيق بو عشرين

مهنة الصحافة في المغرب أصبحت مهنة عالية المخاطر، وأمام صاحبها حواجز وعوائق وأسوار بلا عدد ولا حصر. الحكومة أعدت مشروع قانون يمنع الوصول إلى المعلومات تحت عنوان مضلل اسمه قانون الوصول إلى المعلومة. الدستور وضع ثلاثة قيود فقط على هذا الحق (الفصل 27) بهدف حماية أسرار الدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي والحياة الخاصة للأفراد، فجاءت حكومة بنكيران بعفاريتها وتماسيحها ووضعت أكثر من 19 قيدا على الحق في الوصول إلى المعلومات، وبذلك قالت للصحافة ولجنس التحقيق «سدات مدام».

البرلمان أعلن الحظر على دخول الصحافيين إلى أعمال اللجان البرلمانية، ولم يترك لهم سوى نقل عروض «الستربتيز» التي يقدمها إدريس الراضي، أو حصص الملاكمة التي ينشطها شباط والدكتور الكيحل في وجه عزيز اللبار، أما ما ينفع الناس فصار محظورا على الصحافة وعلى الرأي العام نقله من البرلمان.

الإدارة التي بحوزتها المعلومات التي تعتبر المادة الأساسية لاشتغال الصحافة مضروب عليها حصار شديد، وعندما يتسرب شيء منها إلى صفحات الجرائد تتحرك النيابة العامة والشرطة القضائية وغير القضائية، وتبحث في المكالمات الهاتفية للصحافيين، وتستخرج الخيوط التي تربط الخبر بمصادره، ومن ثم تنزل العصا الغليظة على المواطنين لمنع المعلومات المحرجة من الوصول إلى دافعي الضرائب. مسموح نشر أخبار الجرائم والقتل والذبح والاغتصاب، أما الأرقام والميزانيات والقرارات الكبرى فلا، هذه مشمولة بقانون الصمت.

وزير الاتصال مازال يبحث عن مخرج من مأزق مشروع قانون الصحافة والنشر الجديد، فقد سبق والتزم هو ورئيس الحكومة بإخراج قانون جديد خال من العقوبات الحبسية.. كان هذا قبل سنتين. الآن تغير المناخ السياسي، واسترجعت الدولة العميقة حيويتها، وأصبح الهدف هو التراجع عن هذا الالتزام الحكومي، والحل هو ترك الجسور معلقة بين قانون الصحافة والقانون الجنائي، وترك الحرية للقاضي ولمن يقف خلف القاضي لتكييف المتابعات في حق الصحافيين حسب الظروف والأحوال.. إذا كان الجو ربيعا، فإن القاضي سيطبق قانون الصحافة الخالي من العقوبات الحبسية، وإذا كان الجو ممطرا والسماء مكفهرة فإن القاضي سيطبق القانون الجنائي، ويضع الصحافي في الزنزانة بالقانون الذي يسمح بتطبيق القانون الخاص والعام، كما يجري اليوم في محاكم المملكة.. «شهوة مول المظل يمشي في الشمس أو في الظل».

هل تريدون أخبارا سيئة أخرى عن أحوال المهنة؟ هناك ما هو أسوأ.. هناك ملفات متابعة تُلفق للصحافيين المزعجين تنتمي إلى الحق العام، وهي حيلة ابتكرها زين العابدين بن علي الذي بدأ في آخر عمر نظامه يتابع الصحافيين والمعارضين بقضايا الآداب والسرقة والاغتصاب والنصب والاحتيال، وهي حيلة تنبني على «قتل القتيل ومنع الناس من البكاء عليه».. تشويه سمعة الصحافيين كمقدمة لترهيبهم وقتل الصحافة.

هناك ما هو أسوأ من كل هذا، وهو البيت الداخلي للصحافة، وهو بيت انتهكت حرمته، حيث صار أهون من بيوت العنكبوت، بلا تضامن ولا تآزر ولا حتى أخلاق بين الزملاء لحماية الصحافة والصحافيين، وعندما تأسست جمعية لحماية الصحافيين «الحرية الآن» رفضت وزارة الداخلية الترخيص لها «ومريضنا ما عندو باس»، والأدهى أن الصحافيين لم يذرفوا ولو دمعة واحدة على هذه الجمعية التي اغتيلت في المهد. أصبح الصحافيون يبحثون عن الحماية في كنف السلطة لا في كنف القانون… صارت الصحافة مهنة من لا غيرة له عليها، وصار لرجال الأعمال ورجال السلطة ورجال المهام الخاصة واللوبيات صحفٌ وإذاعات ومواقع إلكترونية، والكل يعزف لحنا واحدا وفي وقت واحد، والويل لمن اقترب من هؤلاء ومن مصالحهم ومن ارتباطاتهم، فبسرعة تنظم الحملات وتستل الألسن الكريهة وتدق طبول الحرب.. وفي الحرب كل الضربات مباحة. أخيراً تفتقت العبقرية الإعلامية لهؤلاء عن حيلة بدائية تتمثل في الدخول إلى موقع مجلة «le nouvel observateur» الفرنسية على النيت، وإنشاء «بلوغ» وكتابة أي شيء فيه، واختلاق قصص ومعلومات وإشاعات، ولأن المجلة لا تمارس على تعليقات زوارها أي رقابة، تترك الحرية للجميع لكتابة ما يشاؤون. بعد ذلك يجري نقل ما كتب من تعليقات «بكلافيي مغربي» في موقع المجلة المحترمة على أنه حقائق كتبت في مجلة جون دانييل بيد صحافييها، ويجري توظيف سمعة المجلة لنقل الإشاعات والكذب، وهذا بهتان وتزوير، والغريب أنه ينقل في الصفحات الأولى للجرائد والمواقع والمجلات دون حياء ولا احترام لذكاء القراء ونباهتهم… هذا مثال واحد وإلا فهناك أمثلة عديدة عن أحوال مهنة تنتهك حرمتها كل يوم، ولكل شيء ثمن… نعم لكل شيء ثمن، لكن ليس لكل شيء قيمة، وهناك فرق كبير بين الثمن والقيمة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهنة البحث عن المتاعب مهنة البحث عن المتاعب



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya