لوحده في الجبهة

لوحده في الجبهة

المغرب اليوم -

لوحده في الجبهة

توفيق بو عشرين

15 سنة مرت على جلوس الملك محمد السادس على عرش أجداده العلويين.
15 سنة مرت خلالها مياه كثيرة تحت الجسر المغربي. إصلاحات كثيرة تحققت، وأوراش عديدة فُتحت، وبقيت إصلاحات كثيرة لم تتحقق وأوراش كثيرة لم تفتح، والدليل أننا خرجنا من نظام الاستبداد على عهد الملك الراحل، ولم ندخل بعد إلى نظام ديمقراطي بالمعايير الدولية في عهد محمد السادس.
نعم، دستور 2011 شكل نقلة نوعية على مستوى قانون إدارة الحكم، وكان من المؤمل أن يطور النص الدستوري الجديد نظام توزيع السلط والحكامة والمشاركة والمحاسبة، لكن الأحزاب السياسية والنخب المغربية لم تكن في الموعد... دستور 2011 أقره طرفان؛ الأول هو الربيع المغربي الذي تفاعل مع الربيع العربي، ورفع سقف الإصلاحات إلى مستوى غير مسبوق، والثاني هو إرادة الملك محمد السادس الذي اختار التفاعل مع حركة 20 فبراير عوض مواجهتها، فعمل على تلبية ما «يستطيع» من مطالبها. في هذه العملية السياسية الكبيرة والمعقدة، ظلت الأحزاب السياسية التقليدية، بما فيها العدالة والتنمية، تتفرج، وتنتظر أن تأخذ حصة من هذا «التعاقد الاجتماعي الجديد» دون أن تشارك فيه.
إذن، طبيعي ألا تسعى الحكومة ولا المعارضة إلى تطوير النص الدستوري حتى يصير قابلا لأن يصبح جواز مرور نحو نادي الديمقراطيات الحديثة. اليوم الحكومة والمعارضة يتسابقان على من يقدم فروض الطاعة أكثر للقصر، عوض أن يساعدا مؤسسة تقليدية مثل هذه على أن تدخل إلى ركب الحداثة بسلاسة ومرونة تجنب بلادنا دفع فاتورة عدم الاستقرار، وفي الوقت نفسه تساعد الملكية على أن تتخلص من ثقافة سياسية عتيقة وجامدة.
عندما يصل رئيس الحكومة إلى اعتبار الملك بمثابة «إمام» وليس ملكا دستوريا، فهذا يعطي فكرة عن الثقافة السياسية للرجل الثاني في الدولة، فحتى الملك لم يسبق له أن نعت نفسه بالإمام، الذي يحيل على حقل سياسي ثيوقراطي أكثر مما يفعل لقب «أمير المؤمنين»، وعندما يتسابق شباط إلى تبييض سيرة الدولة العميقة أو المخزن من كل ممارسات خارجة عن القانون، وعندما يتنازل البرلمان عن حقه في اقتراح القوانين التنظيمية رغم تنصيص الدستور صراحة على ذلك، وعندما يرفض المجلس الدستوري إعطاء رئيس الحكومة حق تعيين الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وعندما تتسابق الأغلبية الساحقة في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة على وضع أجهزة متطورة للرقابة الذاتية على أقلامها وكاميراتها وميكرفوناتها... عندما نرى كل هذا فلا يمكن أن نلوم «التيار المحافظ» في الدولة على تشبثه بنمط الحكم القديم... لقد قام الملك بمجهود كبير عندما تخلى عن قسط من الصلاحيات والسلطات التي ورثها عن دستور والده وبقي على الحكومة والبرلمان والقضاء والمجتمع المدني والإعلام والأحزاب أن تقوم بالباقي، أي إرساء ممارسات دستورية تأول النص ديمقراطيا لا أن تلجم النص سلطويا على اعتبار أن هذا الخيار هو الأقل تكلفة مادام الشارع قد هدأ ولم يعد يطالب بإصلاحات عميقة.
كم كان عنوان «ماروك إيبدو» في عددها الأخير معبرا: «seul au front» (لوحده على الجبهة)، ولو في اتجاه آخر... لهذا، الذي يريد خيرا للبلاد وللملكية ولمستقبل هذه الأمة، يجب أن يساعد النظام على التحديث والعصرنة والديمقراطية، وألا يجعل هذه القيم محل تفاوض.. السياسيون الكبار يفاوضون على الوسائل لا على القيم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لوحده في الجبهة لوحده في الجبهة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya