صندوق لم يفتح

صندوق لم يفتح

المغرب اليوم -

صندوق لم يفتح

توفيق بو عشرين

يوجد الملك محمد السادس في أبوظبي في زيارة عمل وود لبلاد الشيخ زايد التي تحتفي هذا العام بشكل خاص بعيد استقلالها الرابع والأربعين، وقبل هذه الزيارة كان الملك بباريس في زيارة خاصة، وبعد ليلة 13 نونبر، حيث لطخ الإرهابيون شوارع مدينة الأنوار بالدم، قطع الملك عطلته وتوجه إلى الإليزيه لتقديم العزاء، وعرض خدمات المغرب الأمنية والاستخباراتية على الصديقة فرنسا وعلى مجمل دول الاتحاد الأوربي. وطوال إقامته في باريس، كان الملك جالسا إلى جانب الهاتف يتصل بملوك ورؤساء أوربا المشغولين بمخاطر داعش على أمنهم، ووجه الملك وهو في الطائرة رئيس حكومته، عبد الإله بنكيران، لتمثيله في جنوب إفريقيا التي تضم منتدى إفريقيا-الصين. في الأجندة الملكية أيضا زيارة مرتقبة إلى روسيا وغيرها من الدول. 

لماذا نستعرض هذه الأنشطة التي يعرفها جل المتتبعين للأخبار؟ نعرضها لنقول إن وزير الخارجية والتعاون يجب أن يبعث رسالة شكر وعرفان كل صباح إلى الديوان الملكي، ليشكر الملك محمد السادس لأنه يحمل عنه أعباء دبلوماسية ثقيلة لا تقوم بها وزارته، ونستعرض الأجندة الدبلوماسية للملك لنقول أيضا إن البلاد فتحت أوراشا عدة لإصلاح القوانين والطرق والمطارات والملاعب وصندوق الدعم وصندوق التقاعد، وغيرها من الأوراش. صندوق واحد لم يفتح ولم نجرب إصلاحه، هو صندوق وزارة الخارجية والتعاون الذي ظل مغلقا على نفسه، يتعايش مع أعطابه، ويتفرج على عالم يتغير فيما هو لا يتغير… انظروا الآن إلى نشاط وحضور وزراء خارجية بلدان في مستوى المغرب أو أقل، وقارنوا نشاط وحضور وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، أو وزير خارجية إيران، جواد ضريف، أو وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، أو وزير خارجية السعودية، عادل الجبير، أو وزير خارجية قطر، خالد بن محمد العطية… لا أريد أن أقارن وزيرنا في الخارجية بوزراء دول أوربية.. نقارن فقط الأداء الدبلوماسي للوزير والوزارة والسفراء بنظرائهم في دول من حجمنا… كل واحد يكتب الخلاصة التي يراها عن هذه المقارنة.

أعرف سفراء مشغولين بالبزنس طوال النهار، ولا يتذكرون أنهم سفراء إلا عندما يُخبرون بأن الملك سيزور البلد. أعرف سفراء لا يعرفون عن البلدان التي يشتغلون فيها أكثر مما يعرف مواطن متوسط الثقافة مما يشاهده في الجزيرة وفرانس24. أعرف سفراء يكتبون تقارير «خطيرة» من صحف البلدان التي يشتغلون فيها، وأعرف سفراء بعثوا تقارير مهمة عن أحداث مهمة، لكن أحدا في مقر الوزارة بالرباط لم يطّلع عليها ولم يسأل عن صاحبها، أما العمل القنصلي فلا أزيد على ما قاله الخطاب الملكي عن القناصلة المغاربة في الخارج، وعن مستوى الخدمات الرديئة التي يقدمونها، مع استثناءات لا تكسر القاعدة.

الدبلوماسية العالمية اليوم مشغولة بملفين رئيسين؛ هما الملف الاقتصادي والملف الأمني. هل سمعتم يوما وزير الخارجية والتعاون يتحدث عن هاذين الملفين؟ هل وجدتم في الوفد المرافق له رجال ونساء أعمال؟ كل ما سمعناه منه في الملف الاقتصادي أنه كان في مقدمة المتحمسين لعرقلة الاستثمارات السويدية بالمغرب، وأنه التقى وزيرة خارجية السويد و«فعفعها»، ثم رجع إلينا يتباهى بهذا الإنجاز العظيم. لا أريد أن أكون قاسيا مع السيد مزوار الذي جاء إلى السياسة بالخطأ وإلى الوزارة بالصدفة، لكن من الواجب أن نقف على الأسباب العميقة لهذا العطب القديم في دبلوماسيتنا: 

أولا: نحن في المغرب لا نفهم معنى كون الدبلوماسية «المجال المحفوظ للملك» بشكل صحيح وإيجابي. جل وزراء الخارجية كانوا ومازالوا يتصرفون في وزارة الخارجية كـ«خدم ينفذون التعليمات» لهذا لا يبادرون، لا يقترحون، لا يخاطرون، ولا يفكرون في سبل تطوير الأداء الدبلوماسي للبلد. وحتى بعد الدستور الجديد، ظلت حكومة بنكيران سجينة هذا التصور، ولكم أن تستعرضوا عدد الزيارات التي قام بها رئيس الحكومة إلى الخارج، باستثناء مهام النيابة عن الملك، ستجدون أن بنكيران كان يسافر إلى الخارج أيام كان معارضا أكثر مما سافر أيام صار رئيس حكومة. المجال المحفوظ للملك في الدبلوماسية معناه أنه المسؤول الأول عن التوجهات الاستراتيجية الكبرى للعمل الدبلوماسي، فيما الخطط والاتصالات والتحركات متروكة للحكومة ولوزارة الخارجية.

ثانيا: هناك مشكلة موارد مالية. نحن بلاد لا تصرف على جيشها الدبلوماسي سوى 230 مليار سنتيم، وهذه ميزانية تصرفها شركة متوسطة في أوروبا على علاقاتها العامة. هذا رقم مخجل.. أن نعطي وزارة الخارجية 2٫3 مليار درهم، ونطلب منها أن تدافع عن الصحراء، وعن 4.5 ملايين مغربي في الخارج، وأن تحسن صورة البلد في أعين العالم، وأن تستقطب المستثمرين، وأن توسع إشعاع الرباط في الجهات الأربع للعالم.

ثالثا: هناك مشكل موارد بشرية في وزارة الخارجية موارد قادرة على النهوض بأعباء الدبلوماسية في عالم معقد، سواء ما يتعلق بالتكوين، أو المتابعة، أو الثقافة المترسخة في دواليب إدارة الخارجية، وكلها ثقافة: اجلس في المكتب، وأغلق فمك، وابحث عن فرصة أو وساطة أو حيلة تسافر بها إلى العواصم المهمة في انتظار أن تصير سفيرا، ثم عليك بسرعة أن تبني فيلا صغيرة أو كبيرة، وأن تكون ثروة صغيرة أو كبيرة، أنت وشطارتك، قبل أن تنتهي ولايتك، لأنك ستدخل إلى الرباط بأجر حقير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صندوق لم يفتح صندوق لم يفتح



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya