رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة

رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة

المغرب اليوم -

رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة

توفيق بو عشرين

السادة بنجلون، أخنوش، الشعبي، الصفريوي، الأزرق، العلمي… صباحكم سعيد أيها السادة الأغنياء الذين دخلتم إلى لائحة فوربيس لأغنى أغنياء العالم. نحن مسرورون بهذا الحضور المغربي في هذه اللائحة الذهبية، ومبتهجون بصوركم المنشورة في المجلة النيويوركية. هذا دليل على أن الثروة يمكن أن تنبت حتى في البلدان الفقيرة، وهذا دليل على عملكم وذكائكم و«شطارتكم» ومغامراتكم، فالثروة لا تبتسم إلا للمغامرين، كما يقول المثل البريطاني.
لكن دعونا نذكركم، في هذا اليوم الربيعي المشمس، بمسؤولياتكم إزاء بلدانكم وأوطانكم ومواطنيكم، كلما ازداد المرء ثراء وقوة ونفوذا وتأثيرا، ازدادت مسؤوليته إزاء الوطن وإزاء الفقراء وإزاء المصلحة العامة…
لن نعود للحديث عن مصدر ثروة بعضكم، عفا الله عما سلف، كما يقول رئيس الحكومة، ولن نرجع إلى الأدبيات الماركسية القديمة التي كانت تعتبر أن المشكلة في المغرب هي أغنياؤه وليس فقراؤه، وأن الطريق إلى إعادة توزيع الثروة على الفقراء يمر حتما عبر تفقير الأغنياء. كاتب هذه السطور يعتبر أن المشكل في المغرب هو الفقر لا الغنى، وأن دور الدولة هو أن تفتح المزيد من الطرق والقنوات والفرص للشباب من أجل أن يصيروا أغنياء، أو على الأقل ألا يصادفوا الفقر في طريقهم، لا أن تجعل الأغنياء فقراء.. هذا انتحار اقتصادي، لكن في الوقت ذاته، فإن تراكم الثروة دون تنمية انتحار اجتماعي…
أيها السادة المحترمون، لدي مؤاخذتان على عملكم وسيرتكم بيننا، أولا أؤاخذكم بعدم الاهتمام الكافي والمطلوب بالتنمية الاجتماعية، وبعدم المساهمة الفعالة في رتق دربالة الفقر بالمغرب. كم منحة تعطون للطلبة كل سنة؟ كم مستشفى تبنون كل عام؟ كم من جامعة ترعون؟ كم تصرفون من أرباحكم الصافية على تشغيل الشباب والأخذ بأيديهم ومساعدتهم على خلق مقاولات خاصة بهم؟ كم من رأسمال عالي المخاطر تضعونه كل سنة من أجل تشجيع الاستثمار في قطاعات غير مربحة لكن بلادنا محتاجة إليها؟ باختصار.. كم من نقطة تحصلون عليها أنتم وزملاؤكم في النادي الذهبي كل سنة في امتحان المقاولة المواطنة؟
أنتم تعرفون قبل غيركم أن أرقى الجامعات في أمريكا، هارفرد مثلا، بنيت قبل قرنين أو يزيد بهبة من مليونير أمريكي، وأنتم تعرفون أن وارين بافيت تبرع بأكثر من 30 مليار دولار لمؤسسة بيل غيتس الخيرية، وأن هذا الأخير يصرف المليارات من الدولارات على أبحاث طبية ولقاحات جديدة لمكافحة المرض، وأنه في أوروبا يتنافس كبار الأثرياء على من يتبرع أكثر من غيره لمشروعات إنسانية واجتماعية داخل البلاد وخارجها. 
الأغنياء هم الذين يعيشون في مناخ أقل فقرا، وليس الأغنياء من يعيشون وسط غابة من الفقراء…
المؤاخذة الثانية التي يسجلها المراقبون والمواطنون على أغنياء المغرب أن أكثرهم لا يفتحون أفواههم إلا في عيادات الأسنان، وأن أغلبيتهم الساحقة لا تتحدث في السياسة، ولا تسعى إلى الديمقراطية، ولا تؤيد الليبرالية التي تخدم البزنس الذي يأكلون منه.. جلهم يفضل أن يعيش في كنف السلطوية، ولا يرى الحرية إلا في ولوج السوق، وتأسيس بنك، وجني الأرباح، وتخفيض الضريبة، أما الحرية السياسية وقوة المؤسسات التمثيلية وقيم المواطنة ودولة الحق والقانون، فإن الأغنياء لا يعتبرونها معركتهم الملحة.
أيها السادة الأغنياء، الرأسمالية ابنة الليبرالية، وحرية التجارة سبقتها حرية الفكر والتعبير، و«دعه يعمل دعه يمر» شعار ولد بعد ميلاد البرلمانات والصحف وحقوق الإنسان وحرية التعبير في أوروبا النهضة والأنوار…
كان الملك الراحل الحسن الثاني يشبه الأغنياء في المغرب بـ«الحزام الذي يشد وسط السلطة»، أي تلك «السمطة» التي تبقي جسم النظام مستورا وواقفا في مواجهة جيوش الفقراء. اليوم نريد من الأغنياء والطبقات الوسطى أن يكونوا حزام الديمقراطية، وحبل نجاة الوطن من الفقر والحرمان والهشاشة والسلطوية، خشنة كانت أم ناعمة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya