الوجه الخفي لاستنجاد المعارضة بالقصر

الوجه الخفي لاستنجاد المعارضة بالقصر

المغرب اليوم -

الوجه الخفي لاستنجاد المعارضة بالقصر

توفيق بو عشرين


الأخبار القادمة من المشور السعيد تقول إن الديوان الملكي بعث السيدين فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني إلى مكتب رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، للاستماع إلى روايته بخصوص الشكاية التي وضعتها أحزاب المعارضة ضده متهمة إياه بتوظيف اسم الملك في الصراعات السياسية…

بنكيران لا يحتاج إلى من يدافع عنه، فلسانه طويل، وشعبيته كبيرة هذه الأيام، لكن مؤسسة رئيس الحكومة تحتاج إلى من يدافع عنها. كيف ذلك؟

سألت حديثا كريم التازي في حفل مجموعة عائلته بالذكرى الـ60 لتأسيسها: «ما رأيك في أداء رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران؟»، فرد بسرعة وحماس كعادته: «أنا لا أتفق مع بنكيران في أمور عديدة، وهذا معروف للعموم، لكن أرى أننا ربحنا شيئا مهما مع هذه التجربة، وهو منصب رئيس الحكومة. بنكيران بأسلوبه وصراحته وطريقته وعفويته وقراراته خلق مؤسسة اسمها رئيس الحكومة، وهذا مكسب غير مسبوق في تاريخ المغرب. الباقي يناقش». 

كريم التازي رجل أعمال قلبه يخفق لليسار رغم أنه واحد من أبناء عائلة برجوازية من فاس، لا يتقاسم مع بنكيران مرجعيته الإيديولوجية ولا منهجه الإصلاحي، لكن هذا لم يمنعه من قراءة الوضع السياسي بشكل موضوعي وبنزاهة فكرية ترى الواقع كما هو بدون «زواق» ولا صباغات متطورة…

المعارضة عندما ذهبت تشكو رئيس الحكومة إلى القصر فإنها لم تضر بنكيران كشخص بل أضرت بدستور 2011 ومكتسباته. إنها لا ترى أكثر من مكاسب انتخابية عاجلة، ولا ترى أن البلاد تحتاج إلى نفس ديمقراطي عميق، وهذا النفس لن يتحقق بدون ميلاد مؤسسات قوية، وفي مقدمتها رئاسة الحكومة، التي يجب أن تمارس صلاحياتها كاملة، وأن تخلق لنفسها مجالا حيويا للحركة، وأن تتواصل مع الرأي العام، وتقنعه بأن الانتخابات لها جدوى، وأن رئيس الحكومة يقرر ويختار وينفذ وينتقد، ولا يعيش في جلباب قديم كان يمنع الوزراء الأولين السابقين من الحركة والنمو. اليوم ساكن هذا البيت هو بنكيران، وغدا سيكون شخصية أخرى من حزب آخر.. المهم أن نحافظ على المكتسبات التي تحققت، وأن يساعد الجميع في ميلاد هذه المؤسسة التي لم يكن لها وجود من قبل، ولا كان الناس يلتفتون إليها. صحيح أن الدستور أعطى إمكانات مهمة لبروز هذه المؤسسة، لكن شخصية بنكيران كانت حاسمة في الصورة التي تشكلت حول رئاسة الحكومة، وهذا ما أزعج أحزاب المعارضة التي تخاف المنافسة الشريفة، وتريد أن ترجع إلى أسلوب الاختباء وراء كرسي العرش، وطلب الحماية من القصر لأنها تخشى الشعب، وتخشى صندوق الاقتراع، وتخشى الوضوح وتغير قواعد اللعبة السياسية… 

هل سمعتم المعارضة في بريطانيا تطلب تدخل الملكة في صراعها مع الحكومة؟ وهل سمعتم المعارضة في إسبانيا تطلب مساعدة القصر لتخفيف عبء الصراع السياسي ضد الحكومة؟ كل الأحزاب السياسية تستعمل اسم الملك في خطاباتها، وهذا راجع، من جهة، إلى قوة حضور الملكية في المجتمع وفي الإعلام وفي الثقافة السياسية المغربية، ومن جهة أخرى، إلى ضعف الأحزاب والطبقة السياسية المترهلة، التي تلجأ إلى استعمال التاج من أجل تمرير خطاباتها…

كان الأمل معقودا، بعد الحراك المغربي والتصويت على دستور 2011، أن يتجه المغرب إلى تأويل ديمقراطي للدستور، وأن يجري توسيع جلباب هذه الوثيقة حتى تستوعب جل مطالب تحديث النظام وعقلنته، لكن الذي جرى هو العكس تماماً.. أصبحنا اليوم أمام قراءة ضيقة للدستور، وحتى المكاسب التي نص عليها صراحة أصبحت تمحى بـ«لبلانكو»، وهذا الانزلاق مسؤولية الجميع، بمن فيهم رئيس الحكومة الذي لم يحتط في تصريحاته الكثيرة وهو يطمئن القصر، ولم يلاحظ أنه يضر بهندسة السلط في الدستور، فمثلا عندما يقول بنكيران: «إن الملك رئيسي»، فهذا معناه أن بنكيران يعيدنا إلى الملكية التنفيذية، فكلمة «رئيسي» غير موجودة في الدستور. بالعكس، الدستور أقام شراكة بين الملك ورئيس الحكومة في تدبير الشأن العام، والجالس على العرش هو الذي وضع هذا الدستور قبل أن يعرضه على الاستفتاء، ولهذا وجب على الجميع أن يتذكروا من أين أتينا إلى دستور 2011، وما هو محتوى التعاقد الاجتماعي الجديد…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الخفي لاستنجاد المعارضة بالقصر الوجه الخفي لاستنجاد المعارضة بالقصر



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya