الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل

الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل

المغرب اليوم -

الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل

بقلم توفيق بو عشرين

البيان الناري الذي أصدره رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ضد وزيره في الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، هو أكثر من بيان حقيقة وأقل من قرار إقالة من الحكومة. بنكيران الذي أصدر بلاغ الاحتجاج على وزيره في المالية، وقعه بصفته رئيسا للحكومة، وذيله بتاريخ 3 أبريل، أي يوم الأحد الذي هو يوم عطلة، ولم ينتظر إلى يوم الاثنين، لأنه اعتبر أن الفتوى التي تبرع بها الوزير التجمعي لصالح المعارضة (البام والاتحاد) لا يمكن السكوت عليها إلى يوم الاثنين.

السيد بوسعيد «وزير الدولة»، كما يسمي نفسه، تبرع على المعارضة بهدية كبيرة في شكل فتوى مالية منه ومن مديريه في الوزارة، وارتكب خلالها ثلاثة أخطاء سياسية وقانونية فادحة:

أولا: قبِل الجواب عن رسالة غير نظامية قادمة من المعارضة إلى مكتبه مباشرة دون المرور من القنوات الرسمية التي يخاطب بها البرلمانيون الوزراء، وهي مكتب مجلس المستشارين أو مجلس النواب، ومنه إلى وزارة العلاقات مع البرلمان، ومنها إلى كل وزارة على حدة، في مراسلة موقعة وتحمل رقما تسلسليا وتاريخا ومسطرة (المادة 38 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين)، فكيف يغفل وزير المالية عن هذه المسطرة المنصوص عليها في قوانين المملكة؟ وكيف حول بوسعيد وزارة من أهم الوزارات في الحكومة إلى مكتب استشارة للمعارضة؟

ثانيا: السيد بوسعيد خرق مبدأ تضامن الوزراء داخل الحكومة، وخرج عن قرار جماعي للمجلس الحكومي، الذي اتخذ قرارا بعدم إسقاط المرسومين اللذين يحتج عليهما الأساتذة المتدربون، وعدم الرضوخ لمطالب المحتجين، وعدم المساس بالمناصب المعلنة في القانون المالي لسنة 2016، وتوظيف الأساتذة المتدربين على مرحلتين (7000 هذه السنة و3000 السنة المقبلة)، في حين أنه يعطي في رسالته إلى المعارضة فتوى إصدار مرسوم أو قرار يفتح المجال لمعالجة أخرى لملف الأساتذة المتدربين، وهو ما دفع أصواتا من البام والاتحاد إلى اقتراح استصدار قانون تعديلي لقانون المالية يسمح بإضافة عدد المناصب المالية لتنتقل من 7 آلاف إلى 10 آلاف.

ثالثا: الوزير بوسعيد أضعف رئيسه في الحكومة في هذا الملف، وأظهر أنه هو السبب في تعقيد مشكل الأساتذة المتدربين، لأن الحل موجود عند وزارة المالية لكن رئاسة الحكومة لا ترغب في تطبيقه، وتريد أن تزرع التوتر في البنية الهشة للوضع الاجتماعي في المغرب. بوسعيد برسالة الغزل التي بعثها إلى البام فتح المجال لإرباك الأغلبية، وتصويرها في عيون الرأي العام بأنها شعوب وقبائل، وأنها أوهن من بيت العنكبوت.

ماذا يجري وسط الأغلبية التي أصبح الأحرار خارجها منذ مدة ليست قصيرة؟ الذي يجري، ببساطة، أن وزراء الأحرار يتقدمهم «المفعفع» الكبير يريدون أن يأكلوا مع عبد الإله بنكيران في النهار ويناموا مع إلياس العمري في الليل، والسبب أنهم كحزب «إداري عتيد» لا يستطيعون أن يشتغلوا بطريقة عادية وسط الحكومة، ولا يتحملون العيش كأقلية في المعارضة، ولهذا اختار قادة الزرق مكانا بين هذه وتلك.. قلوبهم مع الحكومة وسيوفهم مع المعارضة، وهم كحزب حمامة يغيرون الأغصان التي يقفون عليها كل صباح، ولا يعترفون بشيء اسمه قواعد الديمقراطية وأعراف الأقلية والأغلبية، ولم يسمعوا عن دستور 2011 لأنهم كانوا يحضرون طبخة G8، ثم لو كانت في البلاد ديمقراطية ودستور وانتخابات وأغلبية وأقلية ومنطق سياسي هل كان حزب الأعيان الأزرق، هذا الذي لا يعرف أحد في المغرب من يمثل وكيف حصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات.. هل كان هذا الحزب سيبقى موجودا في مغرب ما بعد الربيع المغربي؟

ما هو الحل الآن وقد ظهر أن الأغلبية ليست على قلب حكومة واحدة، وأن كل طرف له حسابات خاصة، وأن الأشهر المتبقية لم تكون إلا أياما وأسابيع للحرب الأهلية وسط الحكومة، وأن حزب الأحرار لا يستطيع أن يكمل ما تبقى من أشهر إلى جانب بنكيران، وأن وقتا ومجهودات ستضيع من زمن الإصلاح؟

الحل هو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، وربح الوقت والجهد، وإحداث الصدمة لدى الرأي العام من أن هناك أحزابا خارج المنهجية الديمقراطية، وأن هناك من يلعب لعبة الغموض والصيد في الماء العكر، وأن البلاد ومصالحها العليا هي التي تدفع الثمن، وأن الحل هو الاحتكام إلى المواطنين وإرادتهم، والقطع مع سياسة «القوالب» وقشور الموز التي توضع وستوضع تحت رجل أي حكومة ينتخبها المغاربة غدا أو بعد غد من اليمين أو اليسار.

مطلوب من بنكيران أن يتصرف بحزم وشجاعة ولو مرة واحدة في عمر هذه الحكومة، وأن يوقف هذا اللعب، وأن يرجع إلى الناس ليستفتيهم في نازلة الحال، وكيف أن دستور المملكة في خطر، وديمقراطية المغرب الفتية في خطر، وإرادة الناس في خطر، ووضوح اللعبة السياسية في خطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya