داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق

داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق

المغرب اليوم -

داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق

ادريس الكنبوري

في الوقت الذي كانت فيه أنظار بلدان المنطقة والعالم تتجه ناحية ما يجري في سوريا على يسار الخريطة، في منطقة الشرق الأوسط، جاءت المفاجأة من اليمين؛ فخلال ساعات قفزت العراق إلى الفقرة الأولى لنشرات الأخبار، بعد أن تمكنت قوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة اختصارا ب»داعش»، من بسط قبضتها على جزء واسع من محافظة نينوى وقلبها النابض الموصل، ثاني كبرى مدن العراق بعد العاصمة بغداد.
السهولة التي سقطت بها المحافظة أثارت الكثير من القلق لدى بلدان المنطقة ودول الغرب، لأنها أظهرت العراق دولة هشة مثل قطعة من الحلوى المفرومة في يد رجل أراد أن يجعل كل شيء تحت يده، مثلما كان يفعل صدام حسين الذي يقول البعض إنه الوحيد الذي كان يجيد الحديث بلهجة العراقيين؛ فقد اعتقد نوري المالكي أنه في منطقة سريعة الحركة ويمكنه التحدث عن نظام مركزي، بينما النيران تشتعل قريبا منه في سوريا، ولم يفهم صعوبة ترجمة كلمة الديمقراطية من الإنجليزية في بريطانيا إلى العربية في العراق، ففي مجتمع طائفي متعدد الأعراق لا تكون الانتخابات بديلا عن التوازنات، فعندما تؤثر الديمقراطية على التوازن القبلي تصبح شيئا آخر.
الحالة العراقية، في علاقتها بالديمقراطية، ذكرتني بدراسة مثيرة للفضول لباحث فرنسي يقول فيها إن تجريب الغرب للديمقراطية في بعض بلدان القارة السمراء كان بمثابة خلق للفتنة بداخلها، لأن أول شروط الديمقراطية هو منح الفرد حرية الاختيار، والحال أن الفرد لا يختار خارج قبيلته. ومن ثمة، فإن الديمقراطية تزيد في تأجيج الاقتتال القبلي عوض إطفائه، لأن منطق القبيلة مع الديمقراطية هو الآتي: مشروعيتنا نأخذها من الانتماء إلى القبيلة، لا من صناديق الاقتراع التي تأتون بها.
في العراق يتهم أهل السنة المالكي بكونه يحكم باسم شيعة البلاد ولا يلقي إليهم بالا، وقد صار في أعراف مراكز البحث الأجنبية أن العراق الآن توجد في قبضة إيران، وهذا أيضا ما يقوله العرب المقيمون بجوار العراق. وبعد أن سيطرت حركة «داعش» على محافظة استراتيجية وباتت تهدد بالوصول إلى بغداد، فإن بلدان المنطقة لا تعرف ما الذي ينبغي أن تصنعه، هل تتفاءل أم تتشاءم؟
داعش جماعة سنية سلفية، وهي بهذا اللون المذهبي بمثابة السم الزعاف للامتداد الشيعي الإيراني في العراق، لأنها ترى في جميع الشيعة رافضة وتعتبر دمها حلالا. وربما ترتاح دول المنطقة لهذا الوضع مؤقتا وبصمت بناء على قاعدة «عدو عدوي صديقي»؛ ومن هنا نفهم اتهامات إيران لبعض دول الخليج بكونها تقف وراء إنشائها. ولكن حركة «داعش» عملة ذات وجهين، فهي أيضا جماعة متطرفة مقاتلة تابعة لتنظيم القاعدة ولا تعترف بالدول القائمة وتسعى إلى بناء دولة للخلافة في المنطقة، وهذا مبعث قلق دول المنطقة من الجانب الآخر. ما الذي بقي إذن؟
الولايات المتحدة الأمريكية لم تستبعد التدخل من جديد في العراق التي خرجت منها، من أجل طرد مقاتلي التنظيم المسلح، لكن العودة هذه المرة تظل محفوفة بالمخاطر من الناحية العسكرية؛ لكن من الناحية السياسية، قد تكون لهذا التدخل -في حال ما إذا تم- مضاعفات على الوضع الإقليمي برمته، ذلك أن إيران سوف تعتبر ذلك التدخل موجها إليها من أجل تقليم نفوذها داخل العراق لفائدة بلدان الخليج. ومع أن طهران أبرمت اتفاقا حول السلاح النووي مع الغرب فإنها غير واثقة منه، وهو ما سيزيد في توريطها من الناحية الاستراتيجية، إذ في الوقت الذي كانت تسعى فيه إلى ربح سوريا سوف تجد نفسها مهددة بفقدان العراق.
أما على الضفة الأخرى، فإن بلدان المنطقة المناوئة لإيران قد تجد في هذا التدخل -لو تم- فرصة لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة وفق المعادلة السنية الشيعية التي كانت قائمة في مرحلة ما قبل سقوط نظام صدام حسين، رغم أن تلك الصورة تبدو بعيدة اليوم بسبب التغيرات الكبرى التي دفعت إلى تغيير هذه المعادلة داخل العراق طيلة السنوات الماضية. لكن في حال ما إذا حصل العكس ولم يقع التدخل وفشل الجيش العراقي في مهمته الأخيرة، فإن العراق وسوريا سوف تصبحان ساحة واحدة لمعركة «داعش»، إلا إذا حصل ما يلي: تفاهم خليجي إيراني يطفئ النيران في سوريا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق داعش تخلط الأوراق



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya