حرب تلد أخرى

حرب تلد أخرى

المغرب اليوم -

حرب تلد أخرى

إدريس الكنبوري

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشكيل تحالف دولي لقتال «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، التي تسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، تعمل هذه الأخيرة على تحويل هذا التحالف إلى مناسبة لتقوية موقعها على الساحة الإقليمية واستقطاب التأييد من لدن الجماعات المتطرفة الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة تلك التي تدور في فلك تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أيمن الظواهري.
فعشية انطلاق الاتصالات الأمريكية بالبلدان المعنية في المنطقة من أجل تشكيل التحالف المذكور، استبق تنظيم «داعش» المبادرة ووجه إلى المجموعات المتشددة التابعة لتنظيم القاعدة، التي لم تبايع «الخلافة» حتى الآن، دعوة إلى الالتحاق بصفوف «الدولة الإسلامية» للقتال ضد «الصليبيين». ووصف بيانُ التنظيم، الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي، فروع القاعدة في الجزائر واليمن وأفغانستان ب»المنحرفة عن المنهج الإسلامي الصحيح»، مضيفا أنها «تسير نحو الهاوية وتشكل خطرا على وحدة الأمة»، داعيا منتسبيها إلى «التمرد على قادتهم والانخراط في وجه الحملة الصليبية التي تحضر لها أمريكا بمزيد من الحشد الدولي».
البيان جاء ساعات بعد صدور بيان مشترك عن مجموعتين بارزتين تابعتين لتنظيم القاعدة، هما مجموعة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومجموعة القاعدة في جزيرة العرب، دعتا فيه «المجاهدين» في كل مكان إلى الانضمام إلى «داعش» لمواجهة الحلف الذي تقوده واشنطن. ولا يعرف ما إن كانت هاتان المجموعتان هما المعروفتان بهذين الاسمين أم إن الأمر يتعلق بمنشقين عنهما، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة أن هناك اقتتالا بين التنظيمين الجهاديين عبر البيانات والبيانات المضادة، إلى جانب الاقتتال الميداني على الأرض في سوريا، وكان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد نفى سابقا أي صلة له بتنظيم «داعش» بعد أن تمرد على أوامر أيمن الظواهري.
بيد أنه إن كان البيانان صادرين بالفعل عن التنظيمين الإقليميين، فإن تنظيم «الدولة الإسلامية» سيكون قد حصل على اعتراف جناحين بارزين من أجنحة القاعدة، الأول في شمال إفريقيا والثاني في اليمن على مرمى حجر من بلدان الخليج. ويحفل البيان بإشارات تظهر من خلالها المحاور التي يريد التنظيم القتال على جبهاتها وتعبئة الجماعات المقاتلة على أساسها، وهي محاور الكفر والردة والصفويين، في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها من العرب الداخلين في حلفها، وإيران.
غير أن الملمح الأبرز في البيان، والذي يسترعي انتباه الباحثين والمهتمين بجماعات الجهاد، هو أنه يحمل توقيع الحادي عشر من شتنبر الحالي، التي ترتبط بذكرى تفجيرات واشنطن ونيويورك عام 2001. ولسنا نعيد هنا ما قلناه سابقا، وهو أن تنظيم «داعش» يسعى إلى إعطاء الانطباع للجماعات الجهادية الأخرى بأنه الوريث الشرعي لتركة أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، وبأنه يريد أن يبدأ من حيث انتهى هذا الأخير، ولذلك نلاحظ أن خصومة التنظيم مع أيمن الظواهري ليست خصومة مع خط القاعدة أساسا، بل مع التكتيك الذي يقوده خليفة بن لادن.
تكشف الدعوة إلى توحيد الجماعات الجهادية وراء «داعش»، في بيان تنظيمي القاعدة في المغرب الإسلامي وجزيرة العرب، أن هناك طموحا إلى إعادة إحياء مشروع «الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين»، التي أسسها بن لادن والظواهري، القادم آنذاك من جماعة الجهاد المصرية، في أفق تجميع المقاتلين ضد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. إلا أن طموحات «داعش» تتجاوز ذلك الأفق بعد أن تبني عليه خياراتها، إذ تنطلق منه مضيفة إليه استراتيجية الحرب الإقليمية التي انتهجها أبو مصعب الزرقاوي، الذي انشق عن القاعدة في العراق وأنشأ جماعة جهادية ذات طابع محلي، تضيف إلى برنامج القاعدة قتال المسلمين المتهمين ب»الردة» والشيعة المتهمين بالصفوية.
وهكذا يظهر أن المعركة ضد «داعش» اليوم من شأنها أن تكون «استفتاء» على مشروعيتها أمام أنظار الجماعات المسلحة في المنطقة العربية، فهي قد تدفع العديد من هذه الجماعات إلى مبايعتها والالتحاق بها، وتقنع بعضها الآخر بسحب اعترافه بتنظيم القاعدة كمظلة شرعية للقتال، لكن الأخطر من ذلك أنها قد تخرج تنظيم «الدولة الإسلامية» من حدوده المحلية في العراق وسوريا لتعطي لقتاله طابعا إقليميا وعالميا أوسع، خاصة وأنها تسعى إلى الحلول محل تنظيم القاعدة في المستقبل القريب، وإعادة بناء شبكة إرهابية عالمية غير ممركزة، وهو ما يدل على أن أي حرب تلد أخرى، وأن القتال ضد «داعش» لن يكون سوى جولة جديدة مع شبكة ذات فروع متعددة وقيادة واحدة، كما كان الحال مع تنظيم القاعدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب تلد أخرى حرب تلد أخرى



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya