المغرب تعزيز الحضور في الاتحاد الأفريقي

المغرب.. تعزيز الحضور في الاتحاد الأفريقي

المغرب اليوم -

المغرب تعزيز الحضور في الاتحاد الأفريقي

بقلم - ادريس الكنبوري

وظف المغرب بنجاح، في استراتيجيته الأفريقية الجديدة التي راهن عبرها على عودة مظفرة إلى الاتحاد الأفريقي، مجموعة من العناصر التي عززت موقفه، آخذا بعين الاعتبار التحولات الجيوسياسية الجديدة على الصعيد القاري.

بعد عام من عودته إلى الاتحاد الأفريقي في قمة احتضنتها العاصمة الأثيوبية أديس أبابا العام الماضي، تمكن المغرب من الحصول على مقعده داخل مجلس السلم والأمن الأفريقي، خلال القمة الثلاثين في نفس المكان، محققا تقدما سريعا داخل أجهزة الاتحاد الذي غادره في بداية الثمانينات من القرن الماضي. الخطوة اعتبرها وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، ناصر بوريطة، انتصارا للرباط في سياستها الأفريقية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل سنوات وأدت إلى النتائج المرتجاة.

غير أن هذه الخطوة، التي يمكن وصفها بالخطوة التاريخية، لم تكن ممكنة من دون تلك المنهجية المتدرجة والذكية التي اعتمدها المغرب في السنوات الماضية تجاه القارة الأفريقية. فقد أظهر المغرب في الحقبة الماضية استعدادا قويا للمشاركة في عمليات حفظ السلام بعدد من البلدان الأفريقية التي شهدت حروبا أهلية، مثل الصومال وأنغولا والكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى، بحيث لعب دورا مهما في إحلال السلام بجانب بلدان الاتحاد الأفريقي، ما مكنه من نيل حظوة لدى عدد من العواصم الأفريقية.

وظف المغرب بنجاح، في استراتيجيته الأفريقية الجديدة التي راهن عبرها على عودة مظفرة إلى الاتحاد الأفريقي، مجموعة من العناصر التي عززت موقفه، آخذا بعين الاعتبار التحولات الجيوسياسية الجديدة على الصعيد القاري. فقد كان القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، الذي صودق عليه في قمة سرت بليبيا في يوليو 2000 ودشن المرحلة الجديدة لهذا التجمع على أنقاض منظمة الوحدة الأفريقية، نقلة نوعية في تاريخ هذه المنظمة، إذ عكس القانون التأسيسي الحاجيات والتحديات الأفريقية الجديدة في ضوء الاضطرابات الأمنية التي بدأت منذ ذلك التاريخ تلوح في سماء القارة، والتي تمثلت في ظهور الجماعات الإرهابية المسلحة والتهديدات المباشرة التي باتت تشكلها بالنسبة لاستقرار بلدان المنطقة، حيث منح الاتحاد الأولوية لمواجهة التحديات الأمنية وفرص السلام والاستقرار. وقد تزامن ذلك الانتقال في تاريخ المنظمة مع انتقال آخر داخل المغرب، هو الانتقال السياسي عاما قبل ذلك مع وصول الملك محمد السادس إلى الحكم ووضع استراتيجية جديدة للأمن الداخلي، تأخذ في عين الاعتبار تلك التحولات القارية. وطيلة السنوات العشر الماضية استطاع المغرب مراكمة مجموعة من الخبرات على صعيد حفظ الأمن والتصدي للمخاطر الإرهابية، وهي خبرات صارت اليوم بمثابة حزمة من الفرص بالنسبة للاتحاد الأفريقي.

ولكن دخول المغرب إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي يتجاوز كونه مجرد عضوية في هيكل مهم من هياكل الاتحاد، ذلك أن موقعه داخل المجلس له اليوم بعد سياسي يرتبط بشكل مباشر بقضيته الوطنية الأولى التي هي قضية الصحراء. فالمجلس هو جهاز دائم داخل الاتحاد الأفريقي لصنع القرارات بشأن منع النزاعات وإدارتها وتسويتها داخل الاتحاد، وأحد اهتماماته الإشراف على ترتيبات الأمن الأفريقي الجماعي والإنذار المبكر لتسهيل الاستجابة الفعالة في الوقت المناسب للنزاعات والأزمات في القارة، وتنسيق السياسات الأفريقية لمكافحة ومنع الإرهاب الدولي بكافة جوانبه. ومن أهدافه المسطرة أيضا تعزيز السلام والاستقرار في أفريقيا وضمان حماية وحفظ حياة وممتلكات ورفاهية الشعوب الأفريقية وخلق الظروف المواتية للتنمية المستدامة، وعدم التدخل من جانب أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى عضو في المجلس، واحترام الحدود الموروثة منذ نيل الاستقلال.

وفي إطار هذه الصلاحيات التي يتوفر عليها المجلس، سوف يجد المغرب بيئة مناسبة لتقوية فرصه في تسوية ملف الصحراء الشائك، الذي طال أكثر من اللازم وعمر طويلا بسبب وجود المغرب خارج النادي الأفريقي. ولعل العلاقة مع الجزائر ستصبح مطروحة بشكل مغاير للسابق، ذلك أن الأمر اليوم لا يتعلق بما كان يسمى “اتحاد المغرب العربي” الذي أقبر وتم دفنه بعد أن مات سريريا لمدة تزيد على العقد، حيث كان يمكن لبلد كالجزائر عرقلة سيره وكان يمكن لأي توتر بسيط بين البلدين أن يُدخل الاتحاد في طور الجمود، خصوصا بالنظر إلى غياب مساطر وهياكل واضحة يمكن الرجوع إليها، أو آليات للتحكيم في حالة نشوب أي نزاع.

ولعل عدم ترشح الجزائر لعضوية المجلس، قبيل انعقاد القمة الثلاثين للاتحاد في أديس أبابا، بغرض فتح المجال أمام انتخاب المغرب الذي كان المرشح الوحيد، بعد أن كان يتردد سابقا أنها يمكن أن تضع العقبات أمام انتخابه؛ لعل ذلك مؤشر على أن قصر المرادية صار يدرك أن هناك تحولات جوهرية على صعيد القارة بعد عودة المغرب لا بد من التعامل معها بعيدا عن الحروب الجانبية الصغيرة. وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل برر انسحاب بلاده من السباق على العضوية برغبة بلاده في الترشح العام المقبل خلال عملية تجديد ثلث أعضاء المجلس، ضمن البلدان الخمسة التي ستحصل على العضوية لمدة ثلاث سنوات، بدل مدة عامين التي حصل عليها المغرب، ولكن ذلك التبرير لم يكن سوى ذريعة، لأن الموقف الجزائري كان يرمي إلى تهدئة الأجواء بعد أن اتضح أن المغرب يتوفر على موافقة أكثر من ثلثي الأعضاء داخل المجلس.

وقد تثار داخل المجلس قضية الصحراء من زاوية مختلفة هذه المرة. فالقانون الداخلي ينص على رفض المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو موقف صريح لا يقبل اللبس أو التأويل، بينما يعتبر المغرب أن إنشاء جبهة البوليساريو في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي كان يهدف إلى ضرب سيادته الوطنية والمساس بوحدته الترابية وتغيير الحدود التي ورثها بعد خروج فرنسا وإسبانيا، ولدى المغرب ما يكفي من الوثائق التاريخية التي تؤكد حالة الامتداد السياسي بين المركز والأطراف في الصحراء، من بينها وثيقة بيعة الصحراويين للسلاطين المغاربة المتعاقبين. ويقود هذا كله إلى احتمال أن يفتح المغرب مسارا جديدا في نزاع الصحراء موازيا للمسار الذي تقوده الأمم المتحدة من بداية تسعينات القرن الماضي، وهو ما ينبئ بأن يشهد الملف مستقبلا تحولات سياسية لم تكن متوقعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب تعزيز الحضور في الاتحاد الأفريقي المغرب تعزيز الحضور في الاتحاد الأفريقي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya