إيتا الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

المغرب اليوم -

إيتا الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

بقلم - ادريس الكنبوري

يتطلع الإسبان إلى طي صفحة من صفحات الدم في تاريخهم، بعد إعلان حركة "إيتا" عن وقف نشاطاتها العسكرية وتفكيك نفسها. فهي تذكرهم بحقبة الجنرال فرانكو الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار.

بعد ستة أشهر على بيانها الشهير في أبريل الماضي، الذي قدمت فيه الاعتذار إلى الشعب الإسباني عن الأعمال الإرهابية التي قامت بها طيلة ما يزيد على قرن من الزمن، عادت حركة “إيتا” الباسكية، التي كانت تنادي بانفصال إقليم الباسك، إلى إثارة الجدل مرة أخرى داخل إسبانيا، بعد أن قامت بنشر آخر عدد من نشرتها السرّية الداخلية التي تحمل عنوان “زوتابي”، ومعناها العمود، في بداية شهر نوفمبر الجاري، قدمت فيه جردا بالعمليات التي نفذتها وأعداد الضحايا بحسب انتماءاتهم.

الحركة تعمّدت أن تجعل العدد الأخير من نشرتها الداخلية علنيا هذه المرة، مشيرة فيه إلى أنه آخر عدد من تلك النشرة التي شرعت في توزيعها منذ عام 1962 بين أعضائها والناشطين المحسوبين عليها، لتعميم توجيهات القيادة ونشر البيانات والأخبار التي تهمّ الحركة. وبهذا العدد تنهي الحركة نشاطها العسكري والسياسي والإعلامي، بعد أن كانت قبل سبع سنوات قد تعهّدت بوقف عملياتها المسلحة وتفكيك جهازها.

المعلومات التي نشرتها الحركة قلبت الأمور داخل إسبانيا، وأعادت النقاش حول العمليات الإرهابية المنسوبة إليها، وتلك التي لم تتبنَّ المسؤولية عنها رغم أنها كانت وراءها، وأيضا العمليات التي لم تقم بتبنيها ونسبتها الحكومات الإسبانية إليها.

وقد اعترفت الحركة بـ2604 عملية إرهابية نفذتها منذ أول عملية قامت بها في يوليو من عام 1961، عندما استهدفت قطارا كان يقل مجموعة من الأشخاص المساندين لفرانكو إلى مدينة سان فرانسيسكو في إقليم الباسك، للاحتفال بمرور 25 عاما على الانقلاب العسكري ليوليو 1936، وهي العملية التي اتهم نظام فرانكو الشيوعيين بالوقوف وراءها؛ إلى آخر عملية نفذتها في يوليو 2009، وقامت فيها الحركة بتفجير مقر تابع للحرس المدني، ما خلف جرح 70 شخصا دون قتلى، وتهديم المقر بالكامل.

وأقرت الحركة بمسؤوليتها عن عمليتين تم الكشف عنهما لأول مرة، لم تكن الدولة الإسبانية تعرف المنفذ الحقيقي لهما ولم تتبن الحركة المسؤولية عنهما إطلاقا. ويتعلق الأمر بعملية تفجير قنبلة عام 1974 في إحدى المقاهي بالعاصمة مدريد خلفت مقتل 13 شخصا وجرح 70 آخرين، وعملية أخرى ذهب ضحيتها ثلاثة أشخاص تم اغتيالهم بشكل متزامن في مدينة طولوسا عام 1981، قالت الحركة إنها شكّت في أنهم من سلك الشرطة. كما اعترفت بقتل 758 شخصا في عملياتها طوال أكثر من نصف قرن من الصراع مع الدولة المركزية في مدريد، لكن الرقم أقل من عدد الضحايا الذي كانت الحكومة الإسبانية وجمعية ضحايا الإرهاب تتهمانها به، وهو 858 قتيلا.

وقدمت الحركة أرقاما بضحايا عملياتها الإرهابية بحسب انتماءاتهم ومسؤولياتهم، إذ قالت إنها نفذت 365 عملية ضد قوات الحرس المدني، وهي القوات الأمنية التابعة للمؤسسة العسكرية لكن لديها مهام مدنية، قتل فيها 186 شخصا، و215 عملية ضد مختلف أسلاك الشرطة الإسبانية الأخرى قتل فيها 139 شخصا، و147 عملية ضد الجيش قتل فيها 101 من الأشخاص، إضافة إلى مقتل 11 شخصا آخرين لديهم مهام مدنية داخل مؤسسة الجيش. كما اعترفت بأنها كانت قد أعدّت لتنفيذ ثلاث عمليات ضد رئيس الحكومة الأسبق، اليميني خوسي ماريا أزنار، عام 2001، عبر استهداف طائرته بقذائف موجهة، لكن العمليات فشلت.

وفي نفس العدد أعادت الحركة نشر بيان الاعتذار الذي نشرته يوم 8 أبريل من العام الجاري، مقدمة اعتذارها إلى الشعب الإسباني وعائلات الضحايا عما اقترفته من جرائم. لكن البيان رغم ذلك لا يزال يثير الكثير من الجدل، كون الحركة لم تقر بأنها كانت حركة إرهابية، حتى وإن اعترفت بالجرائم وأعمال القتل، إذ أطلقت على نفسها اسم حركة المقاومة من أجل إقليم الباسك، كما أن اعتذارها لعائلات الضحايا لم يكن صريحا بحيث أنها قالت إن بعض الضحايا قتلوا دون قصد.

ويتطلع الإسبان إلى طي صفحة من صفحات الدم في تاريخهم، بعد إعلان الحركة عن وقف نشاطاتها العسكرية وتفكيك نفسها. فهي تذكرهم بحقبة الجنرال الدكتاتوري فرانسيسكو فرانكو، الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار منذ نهاية الثلاثينات إلى منتصف السبعينات.

ذلك أن حركة “إيتا” نشأت في نهاية الخمسينات كحركة تمرد على حكمه الاستبدادي للمطالبة بالانفصال، لكن إسبانيا استطاعت عبور تلك المرحلة عبر الدخول إلى العهد الديمقراطي مع الملك خوان كارلوس بداية من العام 1975، وأن تطوي عهد الاستبداد والعنف السياسي، لكن من دون أن تحسم مع تنظيم مسلح يعد من بقاياها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيتا الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا إيتا الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya