تركيا وأوروبا سُحب الأزمة

تركيا وأوروبا: سُحب الأزمة

المغرب اليوم -

تركيا وأوروبا سُحب الأزمة

بقلم - ادريس الكنبوري
بقلم - ادريس الكنبوري

تركيا تشعر بالانزعاج من رئاسة النمسا للاتحاد لأن ذلك سوف يعيد مفاوضاتها معه إلى بداياتها، وهو ما دفع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين الأتراك عمر تشاليك إلى القول إن بلاده لن تعترف بتولي النمسا رئاسة الاتحاد.
بدأت سُحب أزمة جديدة تلوح بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية دعم أنقرة للإسلام السياسي فوق الأراضي النمساوية، بعد أن اتخذت النمسا قرارا بطرد العشرات من الأئمة الأتراك وإغلاق سبعة مساجد بتهمة الولاء للنظام التركي حامل لواء الإسلام السياسي، وتلقي تمويلات ودعم من نظام رجب طيب أردوغان، عقب تحقيق قالت الحكومة النمساوية إنها أجرته في كامل السرية، وتأكد لديها أن الأئمة الأتراك الموجودين في البلاد يتلقون أجورهم من تركيا ويعملون على تنفيذ أجندة حزب العدالة والتنمية.

ويبدو أن السلاح الذي قاتل به أردوغان خصمه العنيد فتح الله غولن، زعيم حركة الخدمة الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، قد بدأ اليوم يرتد عليه. فبعد أن لاحق أتباع الحركة في عدد من البلدان الأوروبية والأفريقية عبر القنوات الدبلوماسية والسرية من أجل طردهم وترحيلهم إلى تركيا، بدعوى نشر التطرف والإرهاب ورعاية تنظيم إسلامي سري، صار حزب العدالة والتنمية المتهم الرئيسي اليوم بالوقوف وراء الإسلام السياسي ورعاية المساجد التي تنشر الفكر المتشدد في أوروبا.

ويهم الإجراء الذي اتخذته الحكومة النمساوية حوالي 150 شخصا من جنسية تركية وما يزيد على 60 إماما، كلهم مرشحون لفقدان الأهلية القانونية للإقامة فوق الأراضي النمساوية ويتوقع طردهم في الأيام المقبلة.

وتقول الحكومة النمساوية اليمينية إن تركيا تريد نشر الفكر المتطرف وسط مسلمي البلاد عبر ترويج بعض المحطات التاريخية للإمبراطورية العثمانية، بعد أن نشرت صحيفة “فالتر” اليسارية صورا لأطفال أتراك يلعبون في باحة أحد المساجد وهم يرتدون ملابس عسكرية في مشاهد تعيد تشخيص معركة الدردنيل (غاليبولي) التي حصلت عام 1915 أثناء الحرب العالمية الأولى بين العثمانيين ودول التحالف (بريطانيا، أستراليا، نيوزيلندا، وفرنسا) من أجل احتلال الجزء الشمالي لتركيا وفتح الطريق نحو روسيا لدعمها في مواجهة ألمانيا، وقتل فيها أكثر من خمسين ألفا من الجنود الأتراك والآلاف من قوات التحالف الأوروبي.

الحكومة التركية سارعت إلى انتقاد الخطوة التي أقدمت عليها حكومة فيينا، ووصفتها بأنها نابعة من الكراهية للإسلام والإسلاموفوبيا والعنصرية، بينما ردت النمسا بأن الأئمة الأتراك لم يحترموا الالتزامات المنصوص عليها في قانون الإسلام الجديد ويروّجون أفكارا غير إيجابية تجاه بلد الإقامة.

ويوجد في النمسا 360 ألف مهاجر من جنسية تركية، غالبيتهم من الحاصلين على الجنسية النمساوية، وهم يعدون الجنسية الثانية من المهاجرين بعد الألمان. ونجح حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عبر المساجد والجمعيات التي يرعاها في النمسا في تعميم خطابه الديني والسياسي، بحيث لوحظ أن حوالي 70 بالمئة من الناخبين الأتراك في البلاد صوتوا لحزب أردوغان في انتخابات 2015، ولذلك يعتبر الحزب أن المهاجرين في النمسا يشكلون قاعدة انتخابية يتعيّن الحفاظ عليها، وللوصول إلى ذلك يهتم بتقديم الدعم والتمويل للجمعيات الدينية والمساجد والإشراف على تعيين الخطباء.

الأزمة بين أنقرة وفيينا سوف تلقي بتبعاتها على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، إذ ستتسلم النمسا ابتداء من شهر يوليو القادم رئاسة الاتحاد الأوروبي إلى غاية شهر ديسمبر، خصوصا وأن النمسا كانت قد طالبت في شهر مارس الماضي، على لسان المستشار سيباستيان كورتس، بوقف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقيم الأساسية للديمقراطية ودعم تنفيذ التزامات كوبنهاغن التي تحدد معايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

 وتشعر تركيا بالانزعاج من رئاسة النمسا للاتحاد لأن ذلك سوف يعيد مفاوضاتها معه إلى بداياتها، وهو ما دفع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين الأتراك عمر تشاليك إلى القول إن بلاده لن تعترف بتولي النمسا رئاسة الاتحاد.

وكيفما كانت خلفيات القرار الذي أقدمت عليه الحكومة النمساوية، فإن هذا الملف يكشف السياسة التي ترعاها أنقرة في البلدان الأوروبية، عبر دعم تيار الإسلام السياسي الذي يسير في ركابها، وخلط أوراق الوجود الإسلامي في أوروبا والتشويش على الجاليات المسلمة المنحدرة من البلدان العربية مثل المغرب، كما هو الحال في فرنسا وبلجيكا، حيث يسعى حزب العدالة والتنمية إلى الهيمنة على الجمعيات المسيّرة للمساجد من أجل نشر النموذج التركي في التدين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وأوروبا سُحب الأزمة تركيا وأوروبا سُحب الأزمة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya