لاءات محمد السادس في نزاع الصحراء

لاءات محمد السادس في نزاع الصحراء

المغرب اليوم -

لاءات محمد السادس في نزاع الصحراء

بقلم - ادريس الكنبوري

الملك وضع شروط الحد الأدنى للقبول بالمقترحات الجديدة التي يمكن أن يتقدم بها المبعوث الأممي، شروط هي بمثابة 'لاءات' في وجه أي حل من شأنه المساس بالهوية التاريخية للصحراء وبسيادة المغرب على أراضيه.

في الذكرى الثانية والأربعين لحدث المسيرة الخضراء، التي جرت في السادس من نوفمبر 1975، قرّر العاهل المغربي الملك محمد السادس أن يعلن موقف المغرب النهائي في قضية الصحراء بشكل واضح، قبالة أي مقترح للحل يمكن أن يتقدّم به المبعوث الخاص لمجلس الأمن هورست كوهلر، الذي تولّى مهامه قبل شهرين خلفا لكريستوفر روس الذي فشل في مهمة الوساطة بين الأطراف.

الملك وضع في خطابه بالمناسبة شروط الحد الأدنى للقبول بالمقترحات الجديدة التي يمكن أن يتقدّم بها المبعوث الأممي، شروط هي بمثابة “لاءات” في وجه أي حل من شأنه المساس بالهوية التاريخية للصحراء وبسيادة المغرب على أراضيه.

أول هذه الشروط أنه لا حل للنزاع خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، التي وضعها المغرب عام 2006 كإطار للحل العقلاني المعتمد على الحوار المباشر مع الصحراويين، مع قابليتها للنقاش والتعديل لكن ضمن الثوابت التي ترتكز عليها.

ثانيها تحمل الأطراف التي افتعلت النزاع منذ البداية مسؤوليتها في إيجاد حل نهائي له، وهي إشارة واضحة إلى الجزائر؛ وهناك ربط العاهل المغربي أيّ حل مفترض للأزمة بالمسار الذي يقود إليه، وهو ما يعني وضع الحل في سياقه الإقليمي وانخراط الجزائر المباشر فيه، بحيث تكون نهاية النزاع مرتبطة حتما بإزالة أسباب التوتر في المنطقة المغاربية.

ثالث هذه الشروط الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية.

أما الشرط الرابع فهو الرفض القاطع لأي تجاوز أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، أو الانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة، وهي إشارة صريحة إلى محاولات ربط ملف الصحراء بقضايا حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمغرب، من أجل تعويم الموضوع وتحريف الأنظار عن القضية المركزية، وهي استعادة المغرب لحقوقه التاريخية.

الملك أغلق نهائيا باب الجدل حول مغربية الصحراء، أو إمكانية المساومة فيها، من خلال ربطه للحاضر بالماضي. فلأول مرة يذكر الملك في خطاب حول قضية الصحراء الزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد الخامس عام 1957- عاما بعد الحصول على الاستقلال- لمنطقة محاميد الغزلان في الصحراء، وتقديم شيوخ القبائل الصحراوية البيعة الشرعية له، وإلقائه هناك خطابا أكد فيه على أن الصحراء مغربية، وقد حصل ذلك- يقول العاهل المغربي- في وقت لم تكن الجزائر قد حصلت على استقلالها بعد.

وهذه واقعة تاريخية يتعيّن الوقوف عندها، إذ المعروف أن الجزائر ما خرجت من تحت مظلة السلطنة العثمانية، إلا لتدخل تحت الوصاية الفرنسية التي لم تنته إلا بالاستقلال السياسي والاعتراف بالجزائر عام 1962، وطيلة القرون التي مضت لم تكن الصحراء جزءا من النفوذ العثماني حتى يتم تنازع السيادة عليها في حقبة ما بعد الاستقلال السياسي للبلدين. والعودة اليوم إلى هذه الواقعة التاريخية يكشف رغبة المغرب في وضع قضية الصحراء ضمن سياقها التاريخي الطبيعي، طالما أن التاريخ سابق على السياسة.

يفهم المغرب اليوم أنّ هناك تحولات جوهرية على الصعيد الإقليمي والدولي يريد استثمارها لفائدته في موضوع الصحراء الذي استنزف طاقات المنطقة وزج بها في خلافات طويلة الأمد أنهكت اقتصاديات بلدان المنطقة المغاربية. فتجربة الاستفتاء حول الاستقلال في إقليم كتالونيا الإسباني، التي أدخلت الدولة الإسبانية في أزمة سياسية نتيجة رفض مدريد نتيجة الاستفتاء، سجلت سابقة بالنسبة لإسبانيا التي دعمت جبهة البوليساريو وخيار استقلال منطقة الصحراء عن المغرب، بدعوى حق الشعوب في تقرير مصيرها، وأظهرت المواقف الأوروبية من تلك التجربة الكتالونية أن هناك إجماعا على وحدة الدولة الإسبانية، وأن تشجيع الحكومة المحلية في كتالونيا على الاستقلال يعني أن حبات السبحة ستسقط تباعا في العديد من البلدان الأوروبية.

ويشعر المغرب بأنه في موقع قوي وهو يضع شروطا يراها الخيار الأخير في الدفاع عن حقوقه التاريخية والترابية، إذ لا يمكن الكيل بمكيالين في القضايا التي تتعلق بوحدة الدول والشعوب، كما لا يمكن الحيلولة دون دفاع أي بلد عن تلك الحقوق في حالة تعذر الحصول عليها وفقا للشرعية الدولية، التي يجب أن ترتكز على احترام شرعية الدول وحقوقها التاريخية التي لا تخضع للتنازل.

وفي الوقت الذي يستعد المبعوث الأممي في ملف الصحراء لتقديم تقرير عن جولته في المنطقة خلال الأيام الماضية أمام مجلس الأمن، يحرص المغرب على التذكير بالمرجعية التي جرى الاتفاق عليها كإطار للحل، قبل أن ينحرف عنها المبعوث السابق كريستوفر روس الذي أظهر انحيازا واضحا إلى أطروحة الجزائر وجبهة البوليساريو، الأمر الذي كان وراء إعفائه من مهامه نتيجة احتجاج المغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاءات محمد السادس في نزاع الصحراء لاءات محمد السادس في نزاع الصحراء



GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 01:23 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

تحولات في جغرافيا الإرهاب

GMT 03:29 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

أردوغان وسياسات المباغتة

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

موسم سقوط العمائم

GMT 04:12 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

الإرهاب والفساد السياسي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور

GMT 02:13 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الصين تكشف عن دورات مياه جديدة ذات تقنية عالية

GMT 09:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

"المرسيدس" من أغرب الفنادق في ألمانيا

GMT 04:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

وائل جسار يستقبل العام الجديد بأغنية "سنين الذكريات"

GMT 17:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إيران تواجه الجزائر استعدادًا لمباراة المغرب

GMT 05:34 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بغداد صباح الجمعة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya