تحديات أمنية في إقليم الساحل

تحديات أمنية في إقليم الساحل

المغرب اليوم -

تحديات أمنية في إقليم الساحل

بقلم - ادريس الكنبوري

لعل ما يحصل من تطورات في منطقة الساحل الأفريقي من شأنه أن يدفع الاتحاد الأوروبي، وفرنسا بوجه خاص، إلى مراجعة سياساتها الأمنية وإعادة النظر في الأطر العسكرية التي تم وضعها.

تعقيدات واضحة على الصعيد الميداني
بعد أسبوع من انعقاد مؤتمر دولي للمانحين في العاصمة البلجيكية بروكسل نهاية الشهر الماضي، بهدف دعم دول الساحل الأفريقي التي تعيش محنة مع الجماعات المسلحة منذ بضع سنوات، تلقت عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو، ضربة أخرى موجعة على يد الجماعات الإرهابية الجمعة، استهدفت مقر السفارة الفرنسية ومقر القيادة العامة للجيش، وذلك في أعنف هجوم تتعرض له البلاد منذ شهر أغسطس من العام الماضي، حين استهدف هجوم مسلح مطعما في العاصمة خلف حوالي 20 قتيلا.

الهجوم الأخير خلف 28 قتيلا من عناصر القوات البوركينية، بينما لم يصب أي فرنسي في العملية، كون القوات الأمنية المرابطة قرب مقر السفارة تصدت للمهاجمين، ما أدى إلى مقتل أربعة منهم. وهذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعات المسلحة في بوركينا فاسو مقر السفارة الفرنسية، الأمر الذي اعتبرته باريس استهدافا لها ما دفعها إلى الإعلان عن إجراء تحقيق، مباشرة بعد العمليتين.

وتشير أصابع الاتهام إلى وقوف تنظيم إرهابي يطلق على نفسه اسم “أنصار الإسلام” وراء العمليتين، أعلن عن نفسه في بداية عام 2016 عندما نفذ أولى عملياته في ديسمبر من نفس العام بمنطقة ناسومبو شمال البلاد، وخلف مقتل اثني عشر جنديا بوركينيا. وينشط التنظيم بشكل رئيسي في ولاية سوم، بالقرب من الحدود مع مالي، وهي المنطقة التي عرفت شهر يناير من السنة الماضية مقتل اثنين من قوات الأمن، ما دفع عشرات الألوف من المواطنين إلى مغادرة المنطقة بسبب انعدام الأمن.

وفي الشهر الماضي أعلنت الخارجية الأميركية إدراج التنظيم على قائمة الإرهاب، كما فرضت عليه عقوبات تتمثل في “حرمانه من الموارد التي تحتاج للتخطيط لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية، ومنع المواطنين الأميركيين من التعامل معه”.

وتشير معلومات إلى أن التنظيم يقوده شخص يدعى إبراهيم ديكو، وهو أحد الإرهابيين الذين كانوا يحاولون الالتحاق بالجماعات المسلحة في شمال مالي عام 2013، في أعقاب انطلاق عملية “باراخال” التي تقودها القوات الفرنسية، إلا أنه جرى اعتقاله من طرف السلطات البوركينية، ثم أفرج عنه بعد عام لكي ينشئ هذا التنظيم الجديد الذي يتحرك مقاتلوه في إحدى الغابات على الحدود بين بوركينا فاسو ومالي، ويطلق على نفسه لقب “أمير المؤمنين”، تقليدا لعادة صارت لصيقة بالجماعات الإرهابية التي ما إن تظهر واحدة منها حتى تنصب على رأسها شخصا تعطيه تلك التسمية، في محاولة لإضفاء الطابع الديني على العمل الإرهابي.

من الواضح أن الهجوم الأخير استهدف فرنسا بشكل أساسي، كما استهدف من ورائها القوات الأممية التي تشارك ضمن عملية “مينوسما” التي تم إنشاؤها عام 2013 لحفظ الأمن في مالي. فالعاصمة واغادوغو تضم إحدى القواعد العسكرية الفرنسية التي تعمل في إطار عملية “باراخال” التي أنشأتها باريس عام 2013 خلفا لعملية “سيرفال” التي قادتها في عام 2012 لطرد الجماعات المسلحة من شمال مالي بعدما كادت تتوغل في اتجاه العاصمة باماكو. كما أن هناك قوات بوركينية مشاركة ضمن الوحدات العسكرية للأمم المتحدة في عملية “مينوسما”، وتوظف الجماعات المسلحة هذه الذرائع لخوض حرب ضروس ضد الدولة.

وتظهر العمليات الأخيرة، سواء تلك التي حصلت في مالي أو النيجر أو بوركينا فاسو أخيرا، الطابع المعقد لإستراتيجية محاربة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء. فبالرغم من المساعدات المالية التي وضعت رهن إشارة البلدان الخمسة المشكلة للقوة الإقليمية المشتركة- بوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا ومالي وتشاد- إلا أن هناك تعقيدات على الصعيد الميداني تحول دون بدء تلك القوة المشتركة مهامها بشكل طبيعي، بالإضافة إلى التداخل بين أكثر من إطار للتنسيق، إذ علاوة على تلك القوة الخماسية المشتركة هناك تنسيق ثلاثي بين بوركينا فاسو والنيجر ومالي، التي أنشأت في العام الماضي قوة موحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة على الحدود في ما بينها.

ولعل ما يحصل من تطورات في المنطقة من شأنه أن يدفع الاتحاد الأوروبي، وفرنسا بوجه خاص، إلى مراجعة سياساتها الأمنية وإعادة النظر في الأطر العسكرية التي تم وضعها، بحيث يوضع في الحسبان احتمال التنسيق بين الجماعات المسلحة المتواجدة في المنطقة لإعاقة أي تقدم في الإستراتيجية الراهنة لمكافحة الإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات أمنية في إقليم الساحل تحديات أمنية في إقليم الساحل



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 13:01 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

رودريجو يكشف عن شعوره الأول لحظة مقابلة زين الدين زيدان

GMT 16:29 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مغربي يقدم على قطع جهازه التناسلي لسبب غريب

GMT 09:59 2019 الإثنين ,26 آب / أغسطس

"رئيس الوصية"..على أبواب قصر قرطاج
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya