مستقبل الإسلام السياسي أفكار من وحي مؤتمر عمان

مستقبل الإسلام السياسي.. أفكار من وحي مؤتمر عمان

المغرب اليوم -

مستقبل الإسلام السياسي أفكار من وحي مؤتمر عمان

بقلم - ادريس الكنبوري

هل يجوز الحديث عن بداية انحسار تيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية؟ وهل أن الضغط الدولي والإقليمي هو الذي أنتج هذه الإمكانية بعد أن تحول الإرهاب إلى صداع يؤرق كل دول العالم؟ أم أن نهاية هذه التيارات حتمية انطلاقا من التناقض بين أدبياتها وبين الواقع؟ مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب هو سؤال مفصلي تم وضعه على طاولة السجال في ندوة فكرية انتظمت بالعاصمة الأردنية.

طوال يومين في الأسبوع الماضي اجتمع عدد من المفكرين والباحثين العرب والأوروبيين المهتمين بظاهرة الإسلام السياسي في العاصمة الأردنية عمان في مؤتمر عقدته منظمة فريدريش إيبرت الألمانية تحت عنوان “مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب”، حيث قدموا أوراقا بحثية مهمة سعت إلى الإجابة عن مختلف الأسئلة التي طرحتها أرضية المؤتمر، ومن جملتها مستقبل حركات الإسلام السياسي في العالم العربي، وعلاقتها بالدولة الحديثة، والعملية الديمقراطية، وإشكالية العنف والتطرف.

المداخلات والنقاشات التي تخللت الجلسات العلمية الست اتفقت على الاعتراف بوجود أزمة تعيشها ظاهرة الإسلام السياسي اليوم في المنطقة العربية.

ذلك أن أحداث ما سمي بالربيع العربي منحت فرصا تاريخية غير مسبوقة لهذه الحركات لكي تنخرط في مشاريع البناء الديمقراطي في العالم العربي، وتؤكد نأيها عن النزعات الطائفية والعنف وتغلب البعد الوطني في نهجها السياسي على حساب البعد الدولي والارتهان لإملاءات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، لكن التجربة أثبتت محدودية التصورات السياسية والأيديولوجية لأغلب هذه الحركات التي حاولت التمدد في جسم الدولة وتغليب النزعة الطائفية المغلقة على الحس الجماعي المشترك، تجاوبا مع نداءات الإصلاح والتغيير التي رفعها الشارع العربي، والتي لم تفسح المجال للشعارات الأيديولوجية بل انصبت على مطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية سرعان ما تم تجييرها لصالح التيارات الإسلامية، بعد أن انخرطت هذه الأخيرة في الحراك العربي وحاولت الالتفاف على مطالب الناس.

وقد أبرز المشاركون في الندوة أن عقدة الإسلام السياسي لا تزال كامنة في مفهوم الدولة الإسلامية الذي يتم ترويجه باعتباره الترياق الوحيد للإصلاح في المنطقة العربية، وهو شعار مهلهل أثبت من خلال التجارب الواقعية لبعض أحزاب الإسلام السياسي أنه مجرد يافطة لتحريك الجماهير وتوظيفها في اللعبة السياسية في مواجهة التنظيمات الأخرى.

والإشكالية التي فشل الإسلام السياسي في تقديم حل لها هي العلاقة بين هذا المفهوم وبين مفهوم الديمقراطية التي صارت مكسبا حديثا لا يمكن التراجع عنه، بينما واقع المفهوم في التراث الإسلامي لا يزال يرتبط في الذهنية العامة للإسلاميين بسلطة الفرد.

فشل الإسلام السياسي خلال العقود الماضية في إحداث التحول المطلوب في الفكر والممارسة، فالكثير من أدبياته ارتبط بحقبة الحرب الباردة والتنظير للدولة الإسلامية من وحي التجربة الشيوعية التي استبطنها في اللاوعي بوصفها تجربة قابلة للتقليد، من حيث مركزة الحكم في التنظيم، وتحويل الأيديولوجيا إلى أداة لقيادة الجماهير بالقوة، وجعل الحزب أو التنظيم فوق الدولة.

وبالرغم من أن التجربة الشيوعية تعرضت للكساد فإن الإسلام السياسي ظل ملتصقا بالأفكار السابقة من دون قدرة على تجاوزها، ولم يتمكن من استيعاب الدروس السياسية التي وضعها فشل النموذج الاشتراكي على طاولة المشتغلين بعلم السياسة.

وجاء مخاض الربيع العربي ليشكل فرصة لجماعات الإسلام السياسي لمراجعة أدبياتها الكلاسيكية بالانفتاح على الدولة المدنية الحديثة، وجعل الدين مرجعية عامة للمجتمع بدل أن يكون أيديولوجيا للحكم، بيد أنها نظرت إلى حراك الشارع العربي كفرصة لها للقبض على المجتمع والدولة بدل اعتباره فرصة للاندماج في الأفق السياسي الذي فتحه الربيع العربي.

التجربة المغربية كانت حاضرة في المؤتمر، نظرا لتميزها في المنطقة العربية، وهو ما جعلها تحظى باهتمام الحاضرين. وقد حاولتُ في ورقتي البحثية التأكيد على أهمية المؤسسة الملكية ومؤسسة إمارة المؤمنين في ضبط العملية السياسية، والتقليل من إمكانيات التطرف في تجربة الإسلام السياسي بالمغرب.

فخلال العقود الماضية نجحت المؤسسة الملكية في أن تجمع بين الدين والسياسة على المستوى الفوقي للدولة، مقابل التمييز بينهما على مستوى العملية السياسية، لأن الإجماع حول مؤسسة إمارة المؤمنين يجعل هذه الأخيرة هي القابض بزمام الشأن الديني والضامن لعدم الانجراف وراء الاستثمار في الدين سياسيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل الإسلام السياسي أفكار من وحي مؤتمر عمان مستقبل الإسلام السياسي أفكار من وحي مؤتمر عمان



GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 01:23 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

تحولات في جغرافيا الإرهاب

GMT 03:29 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

أردوغان وسياسات المباغتة

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

موسم سقوط العمائم

GMT 04:12 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

الإرهاب والفساد السياسي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya