الصحراء المغربية في انتظار المنهجية الجديدة

الصحراء المغربية.. في انتظار المنهجية الجديدة

المغرب اليوم -

الصحراء المغربية في انتظار المنهجية الجديدة

بقلم : ادريس الكنبوري

بعد أكثر من ثمانية أشهر من التوتر بين المغرب وجبهة البوليساريو، على خلفية الأزمة التي بدأت صيف العام الماضي على المنطقة العازلة الكركرات التي تربط المغرب بموريتانيا، والتي توجد تحت السيادة المغربية، جاء التقرير الأخير حول نزاع الصحراء للأمين العام للأمم المتحدة، البرتغالي أنطونيو غوتيريس، لكي يعيد الأمور إلى نصابها، ويحمل الجبهة المسؤولية عما آل إليه الوضع، داعيا إياها إلى الانسحاب الفوري من المنطقة العازلة.

واندلعت الأزمة في السنة الماضية بعد أن بادر المغرب إلى إصلاح المعبر الحدودي المسمى الكركرات على مسافة تقارب الأربعة كيلومترات، تربط ما بين المعبر وأول نقطة حدودية موريتانية، بهدف تأمينه ومحاربة عصابات المهربين التي تتخذ من المنطقة ملاذا لها لاعتراض المركبات التي تعبر الشريط البري، مستغلة صعوبة المنطقة الخالية من المراقبة الأمنية.

وقد اتخذت الرباط هذا القرار بناء على الصلاحيات المخولة لها، طالما أن أعمال الإصلاح كلفت بها السلطات المدنية وليس العسكرية، نظرا لكون المنطقة تخضع لوقف إطلاق النار المعمول به منذ عام 1991 بقرار من الأمم المتحدة.

بيد أنه ما إن انطلقت أعمال الترصيف والإصلاح حتى أرسلت قيادة جبهة البوليساريو كتيبة عسكرية مسلحة إلى عين المكان، في أول ظهور علني لها في المنطقة منذ بداية التسعينات. فقد اعتبرت الجبهة أن معبر الكركرات يدخل ضمن “الأراضي المحررة” وأنه جزء من “الجمهورية الصحراوية” التي أعلنتها الجبهة من طرف واحد في نهاية السبعينات. وقام إبراهيم غالي، رئيس الجبهة، بزيارة للمنطقة، في محاولة استفزازية للمغرب، ومن أجل إظهار قدرته على التحكم في الوضع في أول اختبار له منذ توليه منصبه في يوليو من العام الماضي خلفا لمحمد عبدالعزيز، وأصبح الوضع حرجا وقرار وقف إطلاق النار مهددا.

كان واضحا أن الجبهة التي انزعجت من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بعد غياب استمر لأزيد من ثلاثة عقود، سعت إلى توريط المغرب في مواجهة عسكرية وإظهاره في مظهر الدولة المعتدية، بحيث يكون ذلك بمثابة رسالة إلى البلدان الأفريقية مفادها أن المغرب الذي تم الترحيب به في الاتحاد بمعزل عن موقفه حيال قضية الصحراء، يريد توظيف تلك العودة للضغط على الاتحاد من خلال الخطوة التي قام بها في معبر الكركرات.

وبدل أن يبادر الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى الوساطة لنزع فتيل التوتر بين الجانبين سارع إلى إلقاء اللوم على المغرب، متهما إياه بخرق قرار وقف إطلاق النار، الذي تشرف عليه في الصحراء بعثة أممية هي “المينورسو”، وكلف المبعوث الخاص سابقا في الملف، الأميركي كريستوفر روس، بالقيام بجولة في المنطقة للتباحث مع الأطراف، لكن المغرب رفض استقبال هذا الأخير كنوع من الاحتجاج على موقف الأمين العام، الذي وصف في وقت سابق الوضع في الصحراء بأنه احتلال من طرف المغرب، ما دفع هذا الأخير إلى طرد عدد من موظفي البعثة الأممية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار، وتحولت الأزمة بين المغرب والبوليساريو إلى أزمة أخرى بينه والأمين العام ومبعوثه الشخصي، قبل أن تنتهي ولاية بان كي مون ويقدم كريستوفر روس استقالته، بعد أن بات واثقا من عدم رغبة المغرب في التعاطي معه.

ونزولا عند الشرعية الدولية سارع المغرب بعد يوم واحد إلى وقف أعمال الإصلاح في المعبر الحدودي وسحب فريق العمل، غير أن جبهة البوليساريو أبقت على قواتها المسلحة في المكان، في مسعى لإحراج المغرب وللضغط على الأمم المتحدة. ولذا فإن النداء الأخير للأمين العام الأممي الجديد للبوليساريو بالسحب الفوري لقواتها من المنطقة يرمي إلى إفشال مخططها، إذ اعتبر استمرار وجود تلك القوات تهديدا “بانهيار وقف إطلاق النار” وسيكون له “تأثير خطير” على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الوقت الذي نوه تقرير الأمين العام بسماح المغرب بعودة موظفي “المينورسو” الذين سبق طردهم في العام الماضي، أكد بوضوح مسؤولية الجزائر كطرف معني في نزاع الصحراء، حين أشار إلى أنها مدعوة إلى تقديم “مساهمة كبيرة” في مسلسل المفاوضات، وهو معطى جديد في الملف ربما يؤشر على تجديد المنهجية التي سيسلكها الأمين العام الأممي الجديد، على أساس النظر إلى نزاع الصحراء بوصفه نزاعا بين أكثر من طرفين وجزءا من مشكلات المنطقة الموروثة من الماضي. فقد أشار التقرير إلى ضرورة إعادة بعث المفاوضات وفق “ديناميكية جديدة وروح جديدة” من أجل التوصل إلى حل سياسي، وهو ما ستكشفه الأسابيع المقبلة بعد تعيين المبعوث الشخصي الجديد في الصحراء خلفا لكريستوفر روس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحراء المغربية في انتظار المنهجية الجديدة الصحراء المغربية في انتظار المنهجية الجديدة



GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 01:23 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

تحولات في جغرافيا الإرهاب

GMT 03:29 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

أردوغان وسياسات المباغتة

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

موسم سقوط العمائم

GMT 04:12 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

الإرهاب والفساد السياسي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya