بن كيران ومغامرة البحث عن مكان

بن كيران ومغامرة البحث عن مكان

المغرب اليوم -

بن كيران ومغامرة البحث عن مكان

بقلم ـ ادريس الكنبوري

بن كيران يستغل كل مناسبة للتذكير بأنه موجود وأن الدولة في حاجة إلى خدماته، كما يوظف مسؤوليته على رأس الحزب ونفوذه وسط أتباعه للنيل من الحكومة الجديدة وإيهام الرأي العام بأنها لا تمثل الحزب.
لا يفتأ عبدالإله بن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي، يوجه الرسائل يمينا وشمالا إلى القصر والطبقة السياسية طمعا في استعادة موقعه السابق، منذ تم إعفاؤه من منصب رئيس الحكومة في شهر أبريل الماضي وتعيين سعدالدين العثماني، من نفس حزبه، مكانه.

فالرجل يتحرك على أكثر من واجهة، ويستغل كل مناسبة للتذكير بأنه موجود وأن الدولة في حاجة إلى خدماته، كما يوظف مسؤوليته على رأس الحزب ونفوذه وسط أتباعه للنيل من الحكومة الجديدة وإيهام الرأي العام المغربي بأنها لا تمثل الحزب وأن الحزب لا يساندها.

الارتباك الذي حصل لبن كيران جعله يسقط في الكثير من التخبط والتناقض، ويكشف عن انقلاب كبير في المواقف بسبب الانتهازية السياسية التي أصبحت أمرا مفضوحا منذ حادثة الإعفاء.

وآخر تلك الانقلابات ما صرح به هذا الأسبوع وهو يتحدث في الدار البيضاء بمناسبة ذكرى رحيل عبدالله إبراهيم، أول رئيس حكومة ما بعد الاستقلال في نهاية الخمسينات، وأمين عام حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي انشق عام 1975 وخرج منه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لكن عبدالله إبراهيم تم عزله من رئاسة الحكومة عام 1960، بعد سنة واحدة، بسبب ظروف الغليان التي كان يمر بها المغرب آنذاك، وعدم ثقة الملك الراحل الحسن الثاني في حزب الاتحاد الوطني، وإدراكه بأن جزءا من اليسار المغربي يتهيأ لمحاربة الملكية.

ولكن اليسار الذي عاش في كنفه عبدالله إبراهيم سرعان ما تخلى عنه وانقلب عليه بعد عشر سنوات، ليعيش الرجل وحيدا طيلة عقود على رأس حزب صغير لم يعد له أي حضور سياسي، إلى أن رحل عام 2005، تاركا وراءه صورة نقية، فهو لم يخض أبدا في ما حصل خلال فترة رئاسته للحكومة، وظل وفيا لصمته لكي لا يعطي فرصة للآخرين لكي يأكلوا بفمه الثوم.

وقد استغل بن كيران تلك المناسبة لكي يبعث رسائل إلى القصر، حيث حاول أن يشبه نفسه بعبدالله إبراهيم، حيث قال إن هذا الأخير تم إعفاؤه من طرف ولي العهد آنذاك، الملك الراحل الحسن الثاني، ما يعني نوعا من التطابق مع حالته هو أيضا؛ بل إنه ذكر بأن حكومة إبراهيم تم إسقاطها، ودعا إلى المصالحة بين القصر الملكي و”الإصلاحيين”، دون أن يذكر ماذا يعني بهم، ثم قال إن على المغرب اليوم أن يعود إلى إحياء حلم عبدالله إبراهيم بتأسيس مغرب جديد.

وهذه أكبر مغالطة يقع فيها بن كيران الذي قاد حكومة لمدة خمس سنوات كان خلالها المسؤول الأول عنها، وكان يردد باستمرار بأن هناك مغربا جديدا لأن حزبه وصل إلى رئاسة الحكومة، ولأنه شخصيا نجح في الحصول على أرفع منصب سياسي بالمملكة.

ويوهم عبدالإله بن كيران الرأي العام بأن إعفاءه كان بمثابة الإطاحة بحكومة قائمة، بينما الأمر كان إعفاء لشخصه بعد أن فشل في تكوين حكومة نتيجة عدم قدرته على إدارة مفـاوضات مرنة مع الأحزاب السياسية؛ كما أن إعفاءه لم يكن تجريدا لحزبه من صلاحية تشكيل الحكومة، باعتباره الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات، بل بقيت هذه الصلاحية بيد الحزب وتم تعيين شخص آخر منه، والحكومة الحالية هي حكومة يقودها رجل من نفس الحزب، وهذا خلاف لما حصل لعبدالله إبراهيم الذي تم حل حكومته دون أن تتم مدة ولايتها، وكانت لذلك ظروف خاصة كما سبق القول، حيث كان المغرب حديث العهد بالاستقلال وكانت أطماع الطبقة السياسية الجديدة في الاستيلاء على السلطة وعزل الملك واضحة.

لقد أظهر بن كيران أنه يتحرك لحسابه الخاص دفاعا عن صورته الشخصية لا دفاعا عن الحزب، حتى لو أدى الأمر إلى تسديد ضربات من تحت الحزام إلى رئيس الحكومة الحالية الذي يجتمع معه في الأمانة العامة للحزب في الصباح ويضع أمامه العقبات في المساء. ففي الأسبوع الماضي تقدم برلمانيون محسوبون على تياره بسؤال محرج لرئيس الحكومة سعدالدين العثماني حول ما قام به في قضية حراك منطقة الريف، كنوع من المعارضة من داخل الفريق البرلماني، ولإظهار أن الحزب لا يتبنى جميع القرارات الحكومية، وهي سابقة من نوعها في حزب العدالة والتنمية، لم يحدث أن حصلت طوال خمس سنوات من عمر الحكومة التي قادها بن كيران شخصيا.

ووصل الحد بأتباع بن كيران داخل الحزب إلى تشبيهه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي فازت بولاية رابعة في الانتخابات الأخيرة، حيث علق بعضهم بالقول بأن ميركل حصلت على ولاية رابعة بينما تم رفض ولاية ثانية فقط لبن كيران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بن كيران ومغامرة البحث عن مكان بن كيران ومغامرة البحث عن مكان



GMT 06:10 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طي صفحة بن كيران

GMT 04:46 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بن كيران.. تراجع تكتيكي تفاديا لهزيمة دائمة

GMT 05:10 2017 الخميس ,10 آب / أغسطس

بن كيران يوجه رسائل إلى القصر

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya